في صدمة لم يتوقعها أحد، أعلن وزير النقل والخدمات اللوجستية صالح الجاسر عن قرار تاريخي يقضي بفرض رسوم على طريق جدة-مكة السريع تتراوح بين 10-20 ريالاً للرحلة الواحدة، منهياً بذلك عقوداً من المجانية الكاملة. هذا الإعلان المفاجئ يأتي بعد سنوات طويلة من النفي القاطع من الوزارة لأي نية لفرض مثل هذه الرسوم، مما يضع ملايين المسافرين أمام حقيقة صادمة: تكلفة السفر بين أهم مدينتين في المملكة ستتغير إلى الأبد.
الكاتب والمحلل الاقتصادي عقل العقل فجر مفاجأة أكبر في مقاله الأخير، كاشفاً أن هذه الخطوة ليست مجرد قرار منفرد، بل جزء من استراتيجية ضخمة لخصخصة الطرق الرئيسية في المملكة. "التخصيص لهذه الطرق مفتاح التغيير في جودة الطرق لدينا"، يقول العقل، مؤكداً أن الرسوم المقترحة ستكون "مناسبة لجميع الطبقات الاجتماعية". أبو محمد، سائق شاحنة من جدة يسافر يومياً إلى مكة، يعبر عن قلقه: "كيف سأدفع 20 ريالاً يومياً؟ هذا يعني 600 ريال إضافية شهرياً من جيبي!"
خلف هذا القرار المفاجئ قصة طويلة من التردد والإنكار. لسنوات مضت، كانت وزارة النقل تنفي بشكل قاطع على لسان مسؤوليها أي نية لخصخصة الطرق أو فرض رسوم عليها. لكن الضغوط الاقتصادية ومتطلبات رؤية 2030 لتنويع مصادر الدخل دفعت الحكومة لاتخاذ هذه الخطوة الجريئة. العقل يشير إلى أن المملكة "تأخرت في طرح النقل البري في برامج التخصيص" مقارنة بالدول الأخرى، وأن الموقع الجغرافي المميز للمملكة كجسر يربط القارات يجعل من هذا الاستثمار فرصة ذهبية.
النتائج المتوقعة لهذا القرار ستمس حياة الملايين بشكل مباشر. المسافرون العاديون سيواجهون تكلفة إضافية قد تصل إلى 7,300 ريال سنوياً للمسافر اليومي، بينما ترى سارة الاستثمارية، مديرة شركة مقاولات، فرصة ذهبية: "هذا القطاع سيجذب مليارات الريالات من الاستثمارات وسيخلق آلاف الوظائف". الخبراء يتوقعون أن تشهد الطرق البديلة والقرى المجاورة انتعاشاً اقتصادياً كبيراً، حيث قد يفضل البعض استخدام الطرق المجانية رغم طول المسافة. د. فهد النقل، خبير هندسة الطرق، يؤكد أن "الرسوم ستضمن طرقاً بمستوى عالمي مع خدمات لا تُضاهى".
هذه الخطوة التاريخية تضع المملكة على خريطة الدول التي تطبق نظام خصخصة الطرق، وتفتح الباب أمام احتمالية توسع التجربة لتشمل طرق الرياض-الدمام والرياض-القصيم مستقبلاً. العقل يحذر من أن "البعض منا لديه حساسية مفرطة تجاه رسوم الطرق"، لكنه يؤكد أن النجاح يتطلب تقديم خدمات استثنائية تبرر التكلفة. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستنجح هذه التجربة في تحقيق الوعود بطرق متطورة وخدمات عالمية، أم ستصبح عبئاً إضافياً يثقل كاهل المواطنين؟ الإجابة ستكتبها الأيام القادمة بأحرف من ذهب... أو دموع.