في انهيار مذهل يهز أركان الاقتصاد اليمني، وصل الدولار الأمريكي في عدن إلى 1629 ريال مقابل 536 ريال فقط في صنعاء، مسجلاً فجوة صاعقة تزيد عن 203% بين شطري البلاد. هذا التفاوت الجنوني يعني أن المواطن في عدن يحتاج لدفع ثلاثة أضعاف ما يدفعه نظيره في صنعاء لشراء نفس السلعة، في كارثة اقتصادية لم تشهدها اليمن حتى في أحلك أيام الحرب.
أحمد المحطوري، موظف حكومي من عدن براتب 80 ألف ريال، يروي معاناته: "راتبي الشهري لا يكفي لشراء كيلو واحد من اللحم، أصبحت أتسول من الجيران لإطعام أطفالي". وسط هذا الجحيم الاقتصادي، تشهد محلات الصرافة في عدن طوابير لا تنتهي من المواطنين اليائسين، بينما يتعالى صراخ الباعة في الأسواق وهم يرفعون أسعارهم كل ساعة. الفارق البالغ 1084 ريال لكل دولار واحد يعادل تكلفة شراء سيارة كاملة في دولة مجاورة.
هذا الانقسام الاقتصادي المدمر نتج عن سيطرة جهات مختلفة على البنك المركزي، مما أدى لخلق نظامين نقديين منفصلين تماماً. الدكتور عبدالله الصراف، خبير اقتصادي بارز، يحذر: "نشهد كارثة اقتصادية لم تحدث حتى في انقسام ألمانيا الشرقية والغربية، والوضع يتجه نحو تسونامي اقتصادي سيضرب خلال الأشهر القادمة". الحصار الاقتصادي وتوقف إنتاج النفط وانقطاع المساعدات الدولية كلها عوامل تدفع العملة للسقوط بسرعة نيزك يخترق الغلاف الجوي.
فاطمة الشامي، تاجرة ذكية من صنعاء، استطاعت تحويل أموالها لعدن وإعادة استثمارها بربح 200%، بينما محمد العدني، سائق تاكسي، يروي مأساته: "أصبحت أتسول من الركاب ثمن البنزين قبل بداية كل رحلة، والناس تنظر لي بحسرة لأنهم في نفس المأزق". هذا التفاوت الهائل يدفع آلاف الأسر للنزوح داخلياً من عدن إلى صنعاء بحثاً عن فرصة للبقاء، بينما تنهار الطبقة المتوسطة تماماً وتعود مناطق واسعة لنظام المقايضة البدائي.
الخبراء يحذرون من أن كل يوم تأخير في حماية المدخرات يعني خسارة 5% من قيمتها الحقيقية، وينصحون بالتحويل الفوري للذهب أو العملات الأجنبية المستقرة. ما لم يتم تدارك هذا الوضع المتفجر خلال أسابيع قليلة، فإن اليمن تتجه نحو انقسام اقتصادي نهائي قد يؤدي لتقسيم البلاد إلى دولتين منفصلتين تماماً. هل نشهد نهاية الريال اليمني كما نعرفه؟ الساعات القادمة قد تحسم مصير ملايين اليمنيين.