في تطور كارثي يهدد 24 مليون يمني بالمجاعة والإفلاس، عقد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي اجتماعاً طارئاً مع محافظ البنك المركزي أحمد غالب لمواجهة صفعة صندوق النقد الدولي المدمرة بتعليق أنشطته في اليمن. والأخطر أن هذا القرار الصاعق يأتي بعد انهيار الريال اليمني بنسبة 400% وارتفاع أسعار الوقود إلى مستويات جنونية تفوق قدرة المواطنين البائسين.
الذعر يضرب الشوارع اليمنية بينما تمتد طوابير الوقود لكيلومترات، والبنوك تغلق أبوابها واحداً تلو الآخر أمام المواطنين المذهولين. "هذا جرس إنذار يصم الآذان" - كما وصف العليمي الوضع بكلمات مرتجفة، بينما يحذر الخبراء من أن 80% من السكان باتوا على حافة كارثة إنسانية لا سابق لها. فاطمة أحمد، الأم لثلاثة أطفال من صنعاء، تروي بدموع: "زوجي موظف لم يتقاضَ راتباً منذ شهور، والآن حتى النقود التي معنا لا تكفي لشراء الخبز."
جذور الكارثة تمتد لعقد كامل من الحرب المدمرة التي حولت اليمن من بلد منتج للنفط إلى أفقر دولة في المنطقة. الاقتصاد اليمني اليوم كمريض في العناية المركزة وصندوق النقد قطع عنه جهاز الأوكسجين، بحسب تعبير د. علي المخلافي، الخبير الاقتصادي. الصراعات المستمرة في حضرموت والمهرة - المحافظتين الغنيتين بالنفط والغاز - زادت الطين بلة وقضت على آخر بارقة أمل للتعافي. المؤسسات المالية الدولية فقدت الثقة تماماً في قدرة الحكومة اليمنية على تنفيذ أي إصلاحات حقيقية.
الكارثة لا تتوقف عند الأرقام المرعبة، بل تضرب حياة المواطن البسيط في الصميم. أحمد صالح، تاجر من عدن، يصف المأساة: "السوق متوقف تماماً والناس خائفة من شراء أي شيء، حتى الخبز أصبح رفاهية." العائلات تبيع آخر ممتلكاتها لتأمين وجبة واحدة، بينما المستشفيات تنفد من الأدوية والوقود اللازم للمولدات. محمد عبدالله، مغترب يمني في السعودية، يكافح لتحويل المال لأهله: "البنوك ترفض التعامل بالريال، والصرافين يطلبون عمولات خيالية."
مع تصاعد حدة الأزمة، يبقى السؤال المؤلم: هل سيقف العالم صامتاً ويشهد انهيار دولة كاملة أمام أعينه؟ تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والإمارات يسعى لاحتواء التصعيد، لكن الوقت ينفد بسرعة مخيفة. خيارات الإنقاذ محدودة: إما تدخل عاجل وحاسم لوقف النزيف الاقتصادي، أو مشاهدة 24 مليون إنسان ينزلقون نحو هاوية المجاعة والفوضى الشاملة. والسؤال الأخطر: كم من الوقت يتبقى قبل أن تصبح المأساة اليمنية كارثة إنسانية لا رجعة فيها؟
