في صدمة حقيقية هزت المجتمعات الريفية في المملكة، دفع مواطن سعودي ثمناً باهظاً لم يتوقعه أبداً: 16,000 ريال مقابل متر مكعب واحد فقط من الحطب! الرقم ليس خطأً مطبعياً، بل حقيقة صادمة تكشف عن صرامة القوانين الجديدة لحماية البيئة في محمية طويق الطبيعية. في لحظات قليلة، تحولت رحلة بحث عن الحطب إلى كابوس مالي قد يستمر لأشهر.
ضبطت القوات الخاصة للأمن البيئي المواطن متلبساً أثناء نقله لكمية صغيرة من الحطب المحلي داخل المحمية، وبموجب نظام البيئة الجديد، واجه غرامة تعادل راتب موظف لمدة شهرين كاملين. "هذا المبلغ يكفي لشراء سيارة مستعملة جيدة"، يعلق أحد سكان المنطقة بصدمة واضحة. الحطب المضبوط، الذي لا يتجاوز حجمه ثلاجة منزلية عادية، سُلم للجهات المختصة بينما المواطن يواجه الآن تبعات قرار لحظي كلفه ثروة صغيرة.
هذه الحادثة ليست معزولة، بل جزء من حملة واسعة تشنها السعودية لحماية بيئتها الطبيعية ضمن رؤية 2030 ومبادرة السعودية الخضراء. محمية طويق، التي تضم نظاماً بيئياً نادراً في قلب الصحراء، تشهد رقابة مكثفة من خمسة أرقام طوارئ مختلفة تغطي كامل المملكة. الخبراء يؤكدون أن هذه الإجراءات الصارمة ضرورية لحماية أشجار يصل عمر بعضها إلى 50 عاماً، والتي تواجه خطر الانقراض بسبب الاستخدام الجائر.
التأثير لا يقتصر على المخالف وحده، بل يمتد ليشمل آلاف الأسر في المناطق الريفية التي اعتادت على الاعتماد على الحطب المحلي للتدفئة. ارتفعت أسعار البدائل بشكل ملحوظ، بينما تسارع البحث عن حلول بديلة مثل الغاز والكهرباء. بعض العائلات تواجه الآن خياراً صعباً: إما دفع تكاليف إضافية للتدفئة، أو المخاطرة بغرامات قد تدمر ميزانياتهم. من جهة أخرى، تشهد صناعة البدائل البيئية نمواً متسارعاً، مما يفتح فرصاً استثمارية جديدة للراغبين في المساهمة بالحلول المستدامة.
رسالة واضحة وصلت للجميع: البيئة السعودية لم تعد مساحة مفتوحة للاستنزاف العشوائي، بل كنز محمي بقوة القانون. مع شبكة رقابة تنتشر كالصقور في الصحراء وغرامات تحطم الجيوب، السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستغامر بدفع 16 ألف ريال من أجل متر مكعب من الحطب، أم ستختار حماية بيئتك ومحفظتك معاً؟