في تطور مذهل يهز عالم السياحة العربية، تستيقظ العُلا من نوم عميق دام أكثر من ألفي عام، لتعلن انطلاق مهرجان الممالك القديمة 2025 الذي يعيد إحياء ثلاث حضارات عريقة في موقع واحد استثنائي. بينما تتسابق دول العالم لجذب السياح، تفتح السعودية كنزاً تاريخياً نادراً قد يغير وجه السياحة الثقافية للأبد. الخبراء يحذرون: هذه فرصة تاريخية قد لا تتكرر بنفس الروعة مرة أخرى.
كما كانت البتراء بوابة النبطيين للعالم، تقف العُلا اليوم شاهدة على استثمار جبار قدره 32 مليار ريال لتحويل موقع يمتد على 22 ألف كيلومتر مربع إلى معجزة سياحية حية. "لم أتخيل يوماً أن أرى النقوش القديمة تنطق أمام عيني"، تقول سارة المسافرة من دبي وهي تلمس بيديها حجراً نحته الأنباط قبل آلاف السنين. أحمد الحرفي المحلي يضيف بفخر: "اليوم أعلم أطفالي نفس المهارات التي ورثتها عن جدي، لكن في إطار عصري يجذب العالم كله إلينا". د. محمد الأثري، المتخصص في فك رموز النقوش النبطية، يؤكد أن المهرجان يقدم تجربة فريدة تجمع بين البحث العلمي والمتعة السياحية.
ليس هذا مجرد حدث سياحي عابر، بل خطوة استراتيجية ضمن رؤية 2030 لتحويل المملكة من اقتصاد نفطي إلى قوة ثقافية عالمية. العُلا التي كانت نقطة التقاء طرق التجارة القديمة، تستعيد دورها كجسر حضاري بين الشرق والغرب. المؤشرات الأولية تشير إلى زيادة 300% في البحث عن العُلا على منصات السفر العالمية خلال 48 ساعة من الإعلان. فاطمة من أهل العُلا تروي: "نحن شهود على تحول قريتنا الهادئة إلى وجهة يحلم بزيارتها ملايين الناس، لكننا حريصون على الحفاظ على روحها الأصيلة".
التأثير لا يقف عند حدود السياحة، بل يمتد ليغير نظرة العرب أنفسهم لتراثهم ووجهاتهم المحلية. عائلات كاملة تلغي خططها للسفر خارجياً وتتجه إلى العُلا، في ظاهرة تعكس صحوة ثقافية حقيقية. الحجوزات الفندقية في المنطقة وصلت إلى 85% قبل شهرين من انطلاق المهرجان. لكن خبراء السياحة يحذرون من المخاطر: الضغط المفرط قد يهدد أصالة الموقع، والحاجة ماسة لتدريب العمالة المحلية للتعامل مع الإقبال الهائل المتوقع. الفرصة الذهبية أمام المستثمرين في الحرف التراثية والخدمات السياحية، لكن النجاح يتطلب احتراماً عميقاً للتراث وأهله.
العُلا اليوم تعيد كتابة قصة السياحة العربية، محولة إياها من مجرد شواطئ ومولات إلى رحلة حقيقية عبر عمق التاريخ الحضاري. مع تنامي الاهتمام العالمي بالسياحة الثقافية المستدامة، تضع السعودية نفسها في المقدمة كقوة ناعمة تملك ما لا تملكه دول أخرى. زر العُلا قبل أن يكتشفها العالم كله - هذا ليس شعاراً إعلانياً، بل نصيحة من القلب لكل من يبحث عن تجربة تغير النظرة للتاريخ العربي. هل أنت مستعد لرحلة عبر الزمن تجعلك تفخر بانتمائك لحضارة بناها أجدادك بأيديهم؟