في تطور صادم هز أسواق مواد البناء المصرية، تبخرت 4 آلاف جنيه من سعر طن الحديد خلال 24 ساعة فقط، في خطوة لم تحدث منذ عام كامل، ليسجل السعر مستوى 34,200 جنيه للطن. هذا الانهيار المفاجئ جاء رغم وعود المصانع المتكاملة بتثبيت أسعارها حتى نهاية العام، مما ترك التجار في حالة ذهول تام وفتح الباب أمام فرصة ذهبية للمقاولين والمستهلكين قبل أي ارتداد محتمل.
الركود الاقتصادي الخانق وانهيار الدولار من 51 جنيهاً إلى 47.2 جنيه أجبرا عمالقة صناعة الحديد المتكاملة على الاستسلام وتقديم خصومات جذرية للمرة الأولى منذ عام. أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء، كشف الحقيقة المرة: "استمرار انخفاضات الدولار وحالة الركود التي أصابت الأسواق دفعت المصانع لتقديم هذه الخصومات". أحمد محمود، تاجر حديد بالقاهرة، يروي مأساته: "اشتريت 100 طن بالسعر القديم الأسبوع الماضي، والآن أواجه خسارة 400 ألف جنيه تتبخر أمام عيني".
هذا الانهيار يعيد الذكريات إلى عصر الأزمات السابقة عندما وصلت الأسعار لمستويات قياسية بلغت 41 ألف جنيه للطن بسبب نقص العملة الصعبة وارتفاع أسعار الغاز الطبيعي. المفارقة أن الأسعار المصرية باتت الآن قريبة من الأسعار العالمية للمرة الأولى منذ سنوات، كما أكد الزيني. الخبراء يتوقعون موجة ثانية من الانخفاضات قد تضرب مصانع الحديد الاستثماري قريباً لضمان المنافسة وعدم الخروج من السوق.
بينما يعيش التجار كابوساً حقيقياً مع مخزوناتهم بالأسعار القديمة، تشهد مكاتب المقاولين والمهندسين احتفالات صامتة. سارة علي، مهندسة معمارية، تصف فرحتها: "أخيراً يمكنني بدء مشروع بيت العمر بتكلفة أقل بـ 200 ألف جنيه على الأقل". هذا الانخفاض التاريخي يفتح الباب أمام تنشيط حركة البناء المتوقفة منذ شهور، ويعيد الأمل للملايين من المصريين الحالمين ببناء منازلهم. لكن التحذيرات تتصاعد من احتمالية ارتداد سريع في الأسعار مع أي تحسن في الطلب.
مع اقتراب نهاية العام وتزايد الشكوك حول استقرار هذه الأسعار، يبقى السؤال الأهم: هل هذا بداية عصر جديد من أسعار الحديد المعقولة، أم مجرد هدنة قصيرة قبل عاصفة ارتفاعات جديدة؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة، لكن المؤكد أن الفرصة متاحة الآن للاستفادة من هذا الانخفاض التاريخي قبل فوات الأوان.
