في لحظة لن ينساها التاريخ المصري، شهد استوديو برنامج "دولة التلاوة" مشهداً إنسانياً استثنائياً عندما ترك الداعية الشهير مصطفى حسني مقعده متأثراً، ليتوجه نحو المتسابق محمد أحمد حسن ويقبل يده تقديراً لتلاوته العذبة. 14 ألف مصري يتنافسون على جوائز تاريخية تبلغ 3.5 مليون جنيه، لكن ما حدث أمس تخطى كل التوقعات وأبكى الملايين في مشهد لم تشهده الشاشات من قبل.
اللحظة الحاسمة جاءت عندما بدأ محمد أحمد حسن تلاوته، فساد صمت مهيب الاستوديو، وبدت على وجوه لجنة التحكيم علامات التأثر العميق. د. طه عبد الوهاب، خبير الأصوات والمقامات، همس لزملائه: "هذا صوت نادر، كأنه ينبع من قلب طاهر". أما الشيخ حسن عبد النبي، وكيل لجنة مراجعة المصحف بالأزهر، فقد أغمض عينيه متأثراً بجمال الأداء. لكن المفاجأة الكبرى جاءت من مصطفى حسني الذي لم يستطع البقاء في مقعده، فنهض متأثراً وسار نحو المتسابق ليقبل يده في مشهد اهتز له قلوب الحاضرين.
هذا البرنامج الذي يأتي ثمرة التعاون بين وزارة الأوقاف المصرية والشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، يعيد إلى الأذهان عصر كبار القراء أمثال الشيخ محمد رفعت والشيخ عبد الباسط عبد الصمد. المسابقة التي استقطبت 14 ألف متسابق من جميع محافظات مصر، تحمل رسالة واضحة: مصر لا تزال منارة القرآن الكريم في العالم الإسلامي. الخبراء يؤكدون أن هذا الجيل يضم مواهب استثنائية قادرة على إعادة إحياء فنون التلاوة المصرية الأصيلة التي أبهرت العالم لعقود طويلة.
التأثير لم يقتصر على الاستوديو فحسب، فقد انهالت الاتصالات على القناة من أسر مصرية تطلب التفاصيل حول كيفية تسجيل أطفالها في المواسم القادمة. فاطمة أحمد، أم لأحد المتسابقين، تقول بفخر: "ابني يستيقظ قبل الفجر ليتدرب على التلاوة، وبعد ما شاف اللي حصل مع محمد أحمد، قرر يضاعف تدريبه". الظاهرة تتخطى حدود المسابقة لتصبح حركة اجتماعية حقيقية تهدف لربط الشباب بكتاب الله. الجوائز الضخمة التي تصل إلى مليون جنيه للفائز الأول، إلى جانب تسجيل المصحف الشريف كاملاً وإذاعته على قناة مصر قرآن كريم، تمثل فرصة ذهبية لتغيير حياة الفائزين وتحويلهم إلى نجوم في عالم التلاوة.
برنامج "دولة التلاوة" الذي تقدمه المذيعة آية عبدالرحمن ويُذاع على قنوات الحياة وCBC والناس بجانب منصة watch it، يمثل خطوة رائدة نحو إحياء التراث القرآني المصري. هذا المشهد الإنساني الاستثنائي يطرح سؤالاً مهماً: هل سيعيد هذا البرنامج للقرآن الكريم مكانته في قلوب الشباب، وهل سنشهد عصراً ذهبياً جديداً للتلاوة المصرية؟ الإجابة في أيدي الأجيال القادمة التي ستحمل هذا الإرث العظيم.
