في تطور مفاجئ هز الأوساط الاقتصادية، أعلنت المملكة العربية السعودية نيتها إيفاد وفد اقتصادي إلى بيروت لإزالة العوائق أمام التجارة، في خطوة قد تعيد إحياء 15 مليار دولار من التبادل التجاري المفقود منذ سنوات. بعد صمت دام طويلاً، هاتف واحد من الرياض قد يقلب موازين الاقتصاد اللبناني رأساً على عقب. الخبراء يؤكدون: الوفد في الطريق، والفرصة لن تتكرر.
الإعلان السعودي جاء بعد تقدير المملكة لما وصفته بـ "الكفاءة اللبنانية في الحد من تهريب المخدرات" وجهود منع استخدام لبنان كمنصة للتهديد. أحمد الخوري، مزارع تفاح من البقاع، فقد 80% من دخله بعد إغلاق الحدود السعودية، يقول بصوت مرتجف: "لم أصدق الخبر... 75% من صادراتنا كانت تذهب للسعودية." السفير السعودي وليد البخاري أكد أن "لبنان مقبل على خير كبير"، بينما وزير الداخلية أحمد الحجار وصف الخطوة بـ "رسالة إيجابية وبداية مرحلة جديدة من ازدهار لبنان".
هذا التحرك يأتي بعد سنوات من القطيعة الاقتصادية التي بدأت مع تنامي نفوذ حزب الله وانتشار عمليات تهريب المخدرات عبر الموانئ اللبنانية. آخر عقد تجاري كبير بين البلدين كان في 2019 قبل انهيار النظام المصرفي اللبناني. د. نادر قسطنطين، الخبير الاقتصادي، يؤكد: "هذه نقطة تحول تاريخية، مثل عودة طريق الحرير بعد انقطاع طويل." التطورات الأخيرة وضعف حزب الله عسكرياً خلقت بيئة مناسبة لهذا الانفتاح المفاجئ.
التأثير على الحياة اليومية للبنانيين سيكون جذرياً، مع توقعات بعودة 300,000 مغترب لبناني يعملون في المملكة وتحسن فرص العمل محلياً. فادي حداد، تاجر مواد غذائية، يستعد بحماس لإعادة فتح مكتب الرياض: "الشاحنات ستعود محملة بالتفاح البقاعي الذي افتقدته موائد الرياض." وزير الزراعة نزار هاني أكد أن "السوق السعودي هو الأهم ولا بديل عنه"، فيما مريم عبدالله، ربة منزل من بيروت، تقول: "أشعر بالأمل لأول مرة منذ سنوات، قد نرى أولادنا يعودون من الغربة."
بينما يستعد لبنان لاستقبال الوفد السعودي واستعادة دوره كبوابة تجارية للمنطقة، تبقى الأسئلة المصيرية معلقة. هل ستتمكن الحكومة اللبنانية من إثبات جديتها في مكافحة التهريب؟ وهل سيستطيع القطاع الخاص استثمار هذه الفرصة الذهبية؟ أم ستبقى مجرد حلم عابر كما حدث مرات عديدة من قبل؟