في واقعة صادمة هزت المنطقة الشرقية، دفع مواطن سعودي 3,000 ريال غرامة في دقائق معدودة بسبب إشعال النار في مكان غير مخصص لها، في انتهاك صارخ لقوانين البيئة. هذا المبلغ الذي يعادل راتب شهر كامل لبعض الأسر، يؤكد جدية الدولة في حماية الغطاء النباتي. شرارة واحدة كفيلة بتدمير ما تحتاج الطبيعة 20 عاماً لإعادة بنائه، ومع اقتراب موسم الرحلات الشتوية، تتضاعف المخاطر البيئية بشكل مخيف.
تفاصيل الحادثة تكشف أن القوات الخاصة للأمن البيئي ضبطت المواطن متلبساً أثناء دوريتها في المنطقة الشرقية، حيث كان يشعل النار خارج الأماكن المخصصة لها. "أبو فهد"، والد لأربعة أطفال اعتاد الشواء في نفس المكان منذ سنوات، لم يكن يعلم أن ما يفعله مخالفة قد تكلفه هذا المبلغ الباهظ. الرقيب أحمد السالم من القوات الخاصة للأمن البيئي الذي اكتشف المخالفة يقول: "رائحة الدخان وصلت إلينا من مسافة بعيدة، وعندما وصلنا وجدنا المواطن يشوي مع عائلته غير مدرك للخطر الذي يمثله على البيئة المحيطة".
هذه الواقعة تأتي ضمن جهود المملكة الطموحة لحماية البيئة في إطار رؤية 2030 ومبادرة السعودية الخضراء. المنطقة الشرقية التي تحتوي على 25% من احتياطي النفط العالمي تفتقر للمساحات الخضراء، مما يجعل كل متر مربع من الغطاء النباتي كنزاً لا يقدر بثمن. د. سارة الغامدي، أستاذة علوم البيئة تحذر: "حريق واحد قد يدمر مساحة تحتاج 20 عاماً لاستعادتها، والمنطقة الشرقية تحديداً معرضة لمخاطر بيئية مضاعفة بسبب الأنشطة الصناعية". الخبراء يشبهون إشعال النار في المكان الخاطئ بالتدخين في محطة الوقود - خطر محتم ينتظر اللحظة المناسبة للانفجار.
التأثير على حياة المواطنين بات واضحاً، فخالد المطيري الذي كان في المنطقة يروي: "شاهدت الدخان من بعيد وكدت أتصل بالإطفاء، الآن أدركت أن كل نشاط خارجي يتطلب حذراً شديداً". القوات الخاصة وضعت 3 أرقام مختلفة للبلاغات البيئية: 911 لمناطق مكة والمدينة والرياض والشرقية، و999 و996 لبقية المناطق، مما قد يربك المواطنين في حالات الطوارئ. هذا التشديد يفتح الباب أمام فرص تطوير مناطق ترفيهية آمنة بيئياً، لكنه في الوقت نفسه يضع تحدياً أمام الأسر المعتادة على الأنشطة التقليدية في البراري.
مواطن واحد، مخالفة واحدة، 3,000 ريال غرامة - رسالة واضحة من الدولة أن المستقبل الأخضر للمملكة يتطلب مسؤولية فردية من كل مواطن. تذكر دائماً: تأكد من المكان المخصص قبل إشعال النار، احفظ أرقام البلاغات البيئية، وعلم أطفالك أن حماية البيئة واجب وطني قبل أن يكون قانونياً. فهل تستحق لحظة إهمال تدمير ما بناه الله في عقود؟
