في صدمة هزت أسواق منطقة القصيم، كشفت وزارة التجارة عن فضيحة مروعة: 67 عبوة سم محتمل كانت في انتظار عشرات الأسر السعودية في بريدة. منشأة تجارية تحولت إلى مخزن للموت البطيء، تبيع مشروبات غازية منتهية الصلاحية بكل وقاحة واستهتار. اليوم قد تشرب أنت أو طفلك منتجاً منتهي الصلاحية دون أن تدري.
المفتش سالم، بطل هذه القصة المرعبة، اكتشف الكارثة خلال جولته التفتيشية الأسبوعية. يروي بصدمة: "دخلت المنشأة كإجراء روتيني، لكن ما رأيته كان كابوساً حقيقياً... عشرات العبوات بتواريخ انتهاء صلاحية محوة ومموهة بطريقة احترافية." 67 عبوة تعادل تعريض 201 شخص للخطر - أي ما يوازي حي سكني كامل في بريدة. الغرامة؟ 14 ألف ريال فقط - مبلغ لا يساوي أجرة شهر واحد لعامل بسيط، مقابل المخاطرة بصحة وأرواح المواطنين!
هذه الفضيحة ليست الأولى من نوعها. مع تزايد الضغوط الاقتصادية، تتفشى ممارسات الغش التجاري كانتشار العدوى بسرعة البرق. التجار عديمو الضمير يفضلون تجنب خسائرهم المالية على حساب صحة المستهلكين، متناسين أن المنتجات منتهية الصلاحية قنابل صحية موقوتة كما يصفها د. عبدالرحمن الغامدي، خبير سلامة الغذاء. الحكم النهائي لمحكمة الاستئناف بالقصيم جاء كصفعة قوية لكل من تسول له نفسه استغلال ثقة المواطنين.
أم محمد، ربة بيت من بريدة، تحكي بقلق: "كنت على وشك شراء هذه المشروبات لأطفالي... لولا أن شيئاً ما جعلني أتفحص التاريخ بعناية." اليوم، تغيرت عادات التسوق في بريدة جذرياً. المستهلكون يدققون في كل منتج بحذر شديد، والأمهات يشعرن بالقلق من كل مشروب يشربه أطفالهن. هذه الجريمة التجارية خلقت موجة من عدم الثقة قد تستمر لسنوات. والفرصة الآن أمام المنشآت الملتزمة لتعزيز مكانتها من خلال الشفافية والنزاهة، بينما تواجه المخالفة عقوبات قد تصل إلى مليون ريال وثلاث سنوات سجن حسب نظام مكافحة الغش التجاري.
الرسالة واضحة: المملكة لن تتهاون مع من يستهين بصحة مواطنيها. التشهير عبر الإعلام، المصادرة، الإتلاف، والغرامات الثقيلة - كلها إجراءات تهدف لبناء أسواق أكثر أماناً ووعي استهلاكي متزايد. تدقق قبل أن تشتري، وأبلغ عن أي مخالفة تراها. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستكون العبوة التالية التي تشتريها آمنة، أم أنك ستصبح الضحية القادمة في لعبة الروليت الروسية هذه؟