في تطور مفاجئ يهز الحياة اليومية لملايين اليمنيين، أعلنت مصلحة الأحوال المدنية في صنعاء أن 3,500 ريال و10 سنوات باتت المعادلة الجديدة التي تحدد مصير وثائقهم الرسمية. بين ليلة وضحاها، أصبحت بطاقات ملايين المواطنين مجرد قطع بلاستيك عديمة القيمة، في قرار صاعق حول البطائق التي تجاوز عمرها العقد من الزمن إلى أوراق لاغية قانونياً.
أحمد، الموظف الخمسيني من العاصمة صنعاء، اكتشف صدمة حياته عندما رُفضت بطاقته أثناء محاولته استخراج جواز سفر لابنه. "لم أتخيل أن بطاقتي التي أحملها منذ 12 عاماً ستصبح مجرد قطعة بلاستيك لا قيمة لها"، يروي أحمد وهو يقف في طابور طويل أمام مكتب الأحوال المدنية. المشهد يتكرر في جميع فروع المصلحة: طوابير تمتد لمئات الأمتار، وأصوات مواطنين قلقين يستفسرون عن مصير معاملاتهم المعلقة.
هذا القرار المفاجئ يأتي في إطار خطة طموحة لتحديث النظم الحكومية اليمنية، حسبما أوضح د. محمد السياسي، خبير الإدارة العامة: "هذه خطوة ضرورية لتحديث النظم الأمنية والمعلوماتية، رغم التحديات الآنية". المقارنة تستدعي ذكريات أزمة تغيير العملة في التسعينات، لكن هذه المرة مع الوثائق الشخصية. فالـ 3,500 ريال المطلوبة للتجديد تعادل راتب عامل يومي لأسبوع كامل، أو تكلفة طعام أسرة متوسطة لثلاثة أيام.
التأثير على الحياة اليومية بات واضحاً وقاسياً: استحالة السفر، فتح الحسابات البنكية، أو حتى الحصول على خدمات طبية أساسية. سالم التاجر قضى يومين كاملين في طوابير التجديد، خاسراً فرصاً تجارية مهمة. في المقابل، تمكنت فاطمة الموظفة من أن تكون أول من جددت بطاقتها وساعدت جيرانها في فهم الإجراءات المعقدة. السيناريوهات المتوقعة تتراوح بين تطوير نظام إلكتروني متقدم خلال شهرين، أو فوضى إدارية قد تستمر لشهور.
مع فتح المصلحة لخط التواصل المجاني 8000185 للاستفسارات، يبقى السؤال الأهم معلقاً في أذهان الملايين: هل ستصمد المؤسسات الحكومية أمام موجة التجديد الضخمة، أم ستنهار تحت ضغط الملايين الساعين لإنقاذ وثائقهم من الإلغاء؟ الوقت وحده سيكشف ما إذا كان هذا التحديث الحكومي سيقود إلى يمن رقمي متطور، أم إلى أزمة إدارية جديدة تضاف إلى معاناة الشعب اليمني.