في تطور صادم هز أوساط المواطنين اليمنيين، أعلنت مصلحة الأحوال المدنية في صنعاء قراراً مفاجئاً بإلغاء 2.5 مليون بطاقة شخصية فوراً، تاركة ملايين اليمنيين في مواجهة كابوس إداري جديد. في لحظة واحدة، أصبح حاملو البطائق التي تجاوزت عشر سنوات "غير موجودين رسمياً" في نظر المؤسسات الحكومية والخاصة، والقرار ساري المفعول فوراً دون أي مهلة إضافية.

أحمد المقطري، الموظف الحكومي الذي اكتشف صدفة أن بطاقته منتهية الصلاحية أثناء محاولته تجديد جواز سفره للسفر لعلاج ابنته، يصف اللحظة قائلاً: "شعرت وكأن الأرض انشقت تحت قدمي، كيف أصبحت فجأة لا أملك هوية؟" المشهد يتكرر في جميع أنحاء العاصمة حيث تشهد مكاتب الأحوال المدنية ازدحاماً لا مثيل له، مع توقف 70% من المعاملات الحكومية بسبب رفض قبول البطائق المنتهية الصلاحية.

خلف هذا القرار المفاجئ تكمن أسباب أمنية وتقنية مهمة، كما يوضح د. محمد الشرعبي، خبير الوثائق الرسمية: "فترة العشر سنوات كافية لتغيير ملامح الشخص بنسبة 60%، مما يجعل البطاقة عرضة للتزوير واستخدامها من قبل آخرين." هذا القرار يأتي في سياق مواكبة التطورات التقنية التي شهدتها دول عربية مشابهة مثل مصر والسعودية، والتي نجحت في تقليل معدلات التزوير بشكل كبير بعد تحديث أنظمة الهوية الوطنية.

التأثير على الحياة اليومية للمواطنين كان فورياً وقاسياً. عبدالله الحميري، الذي يقف في طابور منذ الفجر لتجديد بطاقته، يحكي معاناته: "لا أستطيع سحب راتبي من البنك، ولا يمكنني حتى تسجيل أطفالي في المدرسة." بينما تعمل فاطمة السنباني، موظفة مصلحة الأحوال المدنية، ساعات إضافية لمساعدة المواطنين رغم الإمكانيات المحدودة. رائحة العرق تملأ المكاتب المكتظة، والبطائق الصفراء البالية تحمل صور قديمة تحكي قصص عشر سنوات من التغيير.

رغم المعاناة الحالية، يتوقع الخبراء تحسناً تدريجياً في النظام خلال الأشهر القادمة، مع تحديث قاعدة البيانات الوطنية وتقليل معدلات التزوير. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل ستصمد الخدمات الحكومية المتهالكة أمام هذا الضغط الهائل، أم أننا أمام أزمة إدارية جديدة قد تشل حياة ملايين اليمنيين لأشهر قادمة؟