في تطور صادم هز آلاف الأسر اليمنية، أعلنت الخطوط الجوية اليمنية قراراً مفاجئاً يضاعف تكلفة حلم العمل في السعودية بنسبة 100% خلال ليلة واحدة. قرار واحد من شركة طيران قد يغير مصير 50,000 أسرة يمنية تعتمد على العمل في السعودية كمصدر دخل وحيد. العمال الذين خططوا للسفر الأسبوع المقبل يجدون أنفسهم الآن في مأزق مالي حقيقي، بعدما اشترطت الشركة عليهم شراء تذكرة ذهاب وعودة معاً بدلاً من التذكرة أحادية الاتجاه المعتادة.
التعميم الجديد الذي أصدرته الشركة إلى وكلائها يستهدف حملة تأشيرات العمل لأول مرة فقط، مضاعفاً التكلفة من 200 إلى 400 دولار في ضربة واحدة. أحمد محمد، عامل بناء من تعز يبلغ 28 عاماً، كان يحلم بالسفر للسعودية بمدخراته المحدودة البالغة 300 دولار، والآن يجد نفسه مضطراً لتأجيل حلمه. "لم أتوقع هذا القرار المفاجئ، كنت أعد الأيام للسفر وفجأة أصبحت أحتاج ضعف المبلغ" يقول أحمد بصوت مليء بالإحباط. الشركة أوضحت أن الإجراء "يقتصر فقط على حملة تأشيرات العمل المستخرجة لأول مرة، ولا يشمل تأشيرات العمرة."
هذا القرار ليس معزولاً عن السياق التاريخي للعلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث يعتمد آلاف اليمنيين على العمل في السعودية منذ عقود كمصدر دخل رئيسي لأسرهم. الخبراء يربطون هذا الإجراء بسياسات تنظيم العمالة الأجنبية وضمان عودة العمال، في خطوة تشبه تشديدات السفر التي شهدناها خلال جائحة كورونا. د. سالم الحريري، خبير اقتصادي يمني، يحذر من أن "هذا القرار قد يؤثر على 30% من حجم السفر للعمل، مما سينعكس سلباً على التحويلات المالية التي تدعم الاقتصاد المحلي." المقارنة صادمة: التكلفة الإضافية تعادل إيجار شقة متوسطة في اليمن لمدة شهرين كاملين.
في مكاتب السفر المكتظة بالعمال المتضررين، تتصاعد أصوات الجدل والاحتجاج، بينما تنمو الهواتف باستمرار من العائلات القلقة. فاطمة علي، وكيلة سفر في صنعاء، تحاول مساعدة العمال بإيجاد حلول تمويلية وتقسيط التذاكر لتخفيف العبء المالي. محمد حسين، مسافر من الحديدة، يروي معاناته: "اضطررت لاقتراض المال الإضافي من أقاربي لشراء تذكرة العودة، رغم أنني لا أعرف متى سأحتاجها فعلياً." الأسر التي كانت تعتمد على إرسال معيلها الوحيد للعمل، تجد نفسها الآن أمام تحدٍ مالي جديد قد يؤجل أحلامها لشهور أو حتى سنوات.
هذا القرار المفاجئ يضع آلاف الأسر اليمنية أمام معادلة صعبة: إما الاقتراض والمخاطرة بمضاعفة الأعباء المالية، أو تأجيل حلم العمل والبقاء في دوامة البطالة والفقر. الخبراء يحذرون من أن هذا قد يكون مؤشراً على تشديدات أكثر في المستقبل، بينما ينصحون العمال بالتخطيط المالي المبكر والبحث عن بدائل تمويلية. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل سيصبح حلم العمل في الخليج حكراً على القادرين مالياً فقط، بينما تُحرم الطبقة العاملة البسيطة من حقها في البحث عن لقمة العيش؟