في تطور اقتصادي مفجع هز اليمن، قفزت أسعار الذهب بشكل جنوني خلال 24 ساعة فقط، مسجلة فارقاً خيالياً بنسبة 207% بين عدن وصنعاء - فارق يبلغ 1.088 مليون ريال، مبلغ يكفي لشراء منزل متوسط في الريف اليمني! هذه القفزة الصاروخية التي ضربت الأسواق بلا سابق إنذار تركت المواطنين في حالة ذهول تام، بينما يحذر الخبراء من كارثة اقتصادية أكبر تلوح في الأفق.
في مشهد يشبه الجنون الاقتصادي، ارتفع سعر الجنيه الذهبي في عدن إلى 1.615 مليون ريال خلال يوم واحد، بزيادة قدرها 22 ألف ريال - مبلغ يعادل راتب معلم لشهرين كاملين. سالم الشامي، مواطن من عدن، يقف مذهولاً أمام محل ذهب قائلاً: "أسعار خيالية.. كأننا في كوكب آخر! ابنتي ستتزوج الشهر القادم ولا أستطيع شراء حتى قطعة ذهب صغيرة." بينما في صنعاء، وصل سعر الجنيه إلى 527 ألف ريال، والجرام عيار 21 إلى 68 ألف ريال، في تباين صارخ يعكس عمق الأزمة الاقتصادية.
هذا الانفجار في الأسعار ليس وليد اللحظة، بل تراكم لأزمة اقتصادية خانقة تعيشها اليمن منذ سنوات الحرب. د. علي المؤيد، خبير اقتصادي يمني، يحذر قائلاً: "ما نشهده اليوم أخطر من أزمة 1994، الفارق الهائل بين المناطق يعكس انهياراً كاملاً للثقة في العملة المحلية." الأرقام تتحدث بوضوح: زيادة تراكمية فاقت 200 ألف ريال في عدن منذ أكتوبر فقط، وأكثر من 300 ألف ريال خلال سبتمبر الماضي - أرقام تفوق الخيال وتضع اليمن في مقدمة الدول الأكثر تضخماً في العالم.
التأثير المدمر لهذه القفزات الجنونية يتجاوز الأرقام ليصل إلى صميم الحياة اليومية للمواطنين. أم محمد، ربة منزل من تعز، تحكي بحسرة: "كنت أدخر لشراء قطعة ذهب لابنتي العروس، لكن الأسعار ترتفع أسرع من قدرتي على الادخار.. كل يوم أؤجل الشراء، وكل يوم تبتعد أحلامنا أكثر." المناسبات الاجتماعية تتأجل، والأعراس تُبسط، والذهب الذي كان رمزاً للكرامة والفخر أصبح حلماً بعيد المنال حتى للطبقة المتوسطة.
في ظل هذا الواقع المؤلم، يقف أحمد الحاج، تاجر ذهب من صنعاء، شاهداً على التناقضات الصارخة: "نحن نعيش في عالمين مختلفين، الأثرياء يستفيدون من التقلبات والفقراء يدفعون الثمن." التوقعات تشير إلى مزيد من الارتفاعات المجنونة، مما يطرح السؤال المؤلم: هل ستصبح اليمن أول دولة في التاريخ الحديث يصبح فيها الذهب حكراً على النخبة فقط، بينما يكتفي الباقون بالحلم من بعيد؟