في مشهد لم تشهده الكرة السعودية منذ سنوات، يحلق النصر على عرش دوري روشن برصيد مثالي 15 نقطة من 15 نقطة ممكنة، مسجلاً للمرة الأولى منذ عقود فارقاً مدوياً من 4 نقاط كاملة عن الهلال الغريم التقليدي الذي يقبع في المركز الرابع. الخماسية المدمرة التي أنزلها العالمي بالفتح ليست مجرد انتصار، بل رسالة قوية تؤكد أن العملاق الأصفر عاد ليحكم الكرة السعودية بقبضة من حديد.
أحمد النصراوي، مشجع منذ 30 عاماً، لا يخفي نشوته وهو يصرخ: "لم أر النصر بهذه القوة المدمرة منذ أيام المجد في التسعينات!" المشهد في مدرجات ملعب المباراة كان أسطورياً، حيث هتف آلاف المشجعين للنصر حتى من أنصار الفرق الأخرى، في حين سجل الهلال انتصاره الخماسي أيضاً على الاتفاق لكنه يبقى متأخراً في ترتيب لا يليق بعملاق آسيا. القادسية يواصل مفاجأته المدهشة بتربعه في المركز الثاني برصيد 13 نقطة، محطماً أحلام الكبار ومعيداً تشكيل خريطة القوى السعودية.
هذا التفوق الساحق للنصر لا يأتي من فراغ، بل هو نتاج استثمارات ذكية وتخطيط استراتيجي محكم بدأ منذ أشهر. د. محمد الرياضي، المحلل الكروي المعروف، يؤكد: "هذا الموسم مختلف تماماً عن كل ما سبق، النصر يلعب بذهنية الأبطال الحقيقيين". المقارنة مع عصر التسعينات الذهبي باتت حتمية، فالفريق يجتاح منافسيه كالإعصار المدمر، تماماً كما فعل في حقبة الهيمنة التاريخية التي حفرت اسم النادي بأحرف من ذهب في ذاكرة الكرة السعودية.
التأثير لا يقتصر على المستطيل الأخضر فحسب، فالمقاهي الشعبية تشتعل بالنقاشات الحامية، ووسائل التواصل الاجتماعي تفيض بتعليقات النشوة والإحباط. سالم الفتحاوي، من جمهور الفتح المنكسر، يعبر عن ألمه: "خمسة أهداف في مرمانا.. هذا ليس الفتح الذي نعرفه، نحن في القاع مع نقطة واحدة فقط". على الطرف الآخر، إدارة الهلال تعقد جلسات طارئة لمعالجة الأزمة قبل أن تستفحل، بينما القادسية يواصل كتابة حكاية خرافية قد تعيد رسم تاريخ الدوري السعودي للأبد.
مع اقتراب الجولة السادسة، يبقى السؤال المحوري يحوم في أذهان عشاق الكرة السعودية: هل يستطيع أحد إيقاف الإعصار الأصفر قبل أن يحسم اللقب مبكراً؟ النصر يبدو كالصاروخ المنطلق نحو النجوم، والوقت ينفد أمام المنافسين للحاق بالركب. الرهان الآن على قدرة الهلال في استعادة قوته، وإمكانية القادسية في مواصلة المعجزة، في موسم بات الأكثر إثارة وجنوناً في تاريخ الكرة السعودية الحديثة.