في إنجاز حضاري استثنائي يعيد رسم خريطة السفر بين المملكة العربية السعودية واليمن، نجح منفذ الطوال-حرض الحدودي في تحقيق ثورة حقيقية في النقل البري بتقليص زمن السفر من 72 ساعة مُرهقة إلى 3 ساعات فقط، محققاً بذلك اختصاراً هائلاً بنسبة 96% يُعيد الأمل لآلاف العائلات اليمنية المقيمة في المملكة.
يمثل هذا التطور المذهل نقلة نوعية في حياة المغتربين اليمنيين الذين عانوا لسنوات من رحلات شاقة امتدت لثلاثة أيام متواصلة عبر طرق التفافية طويلة ومُكلفة. المسافة التي كانت تتطلب قطع 1500 كيلومتر عبر المسارات البديلة انخفضت إلى 200 كيلومتر فقط عبر المنفذ المُطور حديثاً.

منذ إغلاق منفذ الطوال في عام 2015، واجه المسافرون اليمنيون تحدياً حقيقياً في الوصول إلى المملكة، حيث اضطروا لسلوك طرق بديلة مُعقدة تستنزف الوقت والجهد والمال. هذه المعاناة التي امتدت لما يقارب العقد من الزمن تحولت اليوم إلى قصة نجاح ملهمة بفضل الجهود السعودية المتواصلة في تطوير البنية التحتية الحدودية وتحديث المنافذ باستخدام أحدث التقنيات العالمية.
التطوير الشامل الذي شهده منفذ الطوال-حرض شمل إعادة هيكلة كاملة للمرافق والخدمات، مع تطبيق منظومة ذكية لإدارة العبور تعتمد على أحدث التقنيات في التفتيش والإجراءات الحدودية. هذه التحسينات الجذرية مكنت من تحقيق انسيابية غير مسبوقة في حركة المسافرين والبضائع، مما يعكس الالتزام السعودي بتسهيل التنقل وتعزيز التواصل مع الأشقاء اليمنيين. العمالة اليمنية المقيمة في المملكة تستطيع الآن زيارة عائلاتها بانتظام شهري بدلاً من الزيارة السنوية الواحدة التي كانت مُتاحة سابقاً بسبب صعوبة وتكلفة السفر.
الأثر الاقتصادي للمشروع يتجاوز مجرد تسهيل السفر ليشمل تحريك عجلة التنمية في المناطق الحدودية بشكل ملحوظ. التجارة البينية بدأت تشهد نمواً متسارعاً نتيجة انخفاض تكاليف النقل وتقليص مدة الشحن، مما يفتح آفاقاً جديدة أمام التجار والمستثمرين في كلا البلدين. هذا الازدهار الاقتصادي المباشر يعزز من القدرة التنافسية للمنتجات ويزيد من حجم التبادل التجاري بطريقة لم تشهدها المنطقة منذ سنوات طويلة.
التحول الجذري في زمن السفر بنسبة 96% يعكس مدى فعالية الحلول التقنية والإدارية المُطبقة في المنفذ الجديد. هذا الإنجاز النوعي لم يأتِ بين عشية وضحاها، بل كان نتيجة تخطيط استراتيجي دقيق وتنفيذ احترافي يراعي أحدث المعايير العالمية في إدارة الحدود والمنافذ الدولية، مما يُرسخ نموذجاً متقدماً يُحتذى به في المنطقة.
الآثار الإنسانية العميقة لهذا المشروع تتجلى في قصص لمّ الشمل التي بدأت تتحقق على أرض الواقع. العامل اليمني الذي كان يعود لوطنه مرة واحدة في السنة أصبح قادراً على زيارة أطفاله ووالديه بشكل منتظم، مما يقوي الروابط الأسرية والاجتماعية ويحافظ على الهوية الثقافية للمجتمع اليمني. هذا البعد الإنساني للمشروع يضاف إلى إنجازاته التقنية والاقتصادية ليجعل منه قصة نجاح متكاملة الأبعاد تُعيد الأمل والفرح لآلاف العائلات التي انتظرت طويلاً هذا اليوم المشهود.