أعلنت أمانة منطقة الرياض عن إطلاق مشروع "أنسنة المناطق المركزية" في أربعة أحياء استراتيجية، بتفاصيل مذهلة تشمل زراعة 480 ألف شجرة وشجيرة ستعيد تشكيل وجه العاصمة خلال الفترة القادمة. المشروع الذي يمتد على طول إجمالي يبلغ 14.2 كيلومتر ومساحة 376 ألف متر مربع، يحمل وعوداً كبيرة لسكان الرياض الذين سيشهدون تحولاً جذرياً في أسلوب حياتهم اليومية.

يستهدف المشروع الضخم أربعة أحياء رئيسية تشكل قلب العاصمة النابض. حي الروضة سيحصل على نصيب الأسد بطول 4.4 كيلومتر ومساحة 121 ألف متر مربع، بينما سيشهد حي الروابي تطويراً على مساحة 52 ألف متر مربع بطول 2.8 كيلومتر. أما حي السويدي الغربي فسيحظى بمساحة 127 ألف متر مربع بطول 3.5 كيلومتر، وحي المغرزات بنفس الطول ومساحة 76 ألف متر مربع.
الأرقام الضخمة لهذا المشروع تكشف عن طموح استثنائي لإعادة تعريف مفهوم الحياة الحضرية في الرياض. إنشاء مسارات للمشاة بطول 14 كيلومتر سيمنح السكان حرية التنقل السهل والآمن، في حين أن مسارات الدراجات التي تمتد لأكثر من 9 كيلومترات ستفتح آفاقاً جديدة للرياضة والنشاط البدني اليومي. كما سيتم تهيئة وتأهيل 4000 موقف سيارة، مما يحل واحدة من أكبر التحديات التي تواجه سكان العاصمة.

زراعة 480 ألف شجرة وشجيرة تمثل قفزة نوعية في التخضير الحضري، حيث ستساهم هذه الثروة النباتية في تحسين جودة الهواء وخفض درجات الحرارة، بالإضافة إلى إنشاء مناخ محلي صحي ومريح للسكان. هذا العدد الهائل من الأشجار سيحول الأحياء المشمولة بالمشروع إلى واحات خضراء تنافس أجمل العواصم العالمية في المشهد البيئي الحضري.
الساحات الحضرية متعددة الاستخدامات التي سيتضمنها المشروع ستصبح نقاط التقاء اجتماعية حيوية، حيث يمكن للعائلات والأصدقاء التجمع وممارسة الأنشطة المختلفة في بيئة آمنة ومريحة. هذه الساحات ستساهم في تعزيز الترابط المجتمعي وإحياء التفاعل الاجتماعي الذي طالما افتقرته المدن الحديثة سريعة النمو.
تطبيق مفهوم "أنسنة المدن" في هذا المشروع يضع الإنسان في مركز التخطيط الحضري، بعيداً عن النموذج التقليدي الذي يعطي الأولوية للسيارات والمباني على حساب راحة السكان. هذا التوجه الجديد سيجعل التنقل أكثر سهولة وأماناً، خاصة للأطفال وكبار السن، مما يعزز من جودة الحياة لجميع شرائح المجتمع.

المشروع يأتي كجزء من الجهود الحثيثة لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 في تحسين جودة الحياة وجعل الرياض من أفضل مدن العالم للعيش والعمل. هذا التحول الجذري في التخطيط الحضري سيضع العاصمة على خريطة المدن العالمية المستدامة والصديقة للبيئة، مما يعكس التزام المملكة بالمعايير الدولية للتنمية الحضرية المستدامة.
البنية التحتية الحضرية الجديدة ستشمل أيضاً تحسينات في أنظمة الإضاءة وتصريف مياه الأمطار، بالإضافة إلى تطوير شبكات المرافق العامة لتواكب الاستخدام المكثف المتوقع للمناطق المطورة. هذه التحسينات ستضمن استدامة المشروع وفعاليته على المدى الطويل، مما يجعل الاستثمار في هذا التطوير استثماراً حقيقياً في مستقبل العاصمة وسكانها.
تنفيذ مشروع بهذا الحجم والطموح يتطلب تضافر جهود مختلف الجهات الحكومية والخاصة، وقد أكدت أمانة الرياض التزامها بتطبيق أعلى معايير الجودة والاستدامة في جميع مراحل التنفيذ. المشروع سيتم تنفيذه وفق جدول زمني محدد يضمن أقل إزعاج ممكن للسكان أثناء فترة التطوير، مع الحفاظ على استمرارية الخدمات الأساسية في المناطق المشمولة.