فاجأت الإدارة العامة للمرور في السعودية سائقي المركبات بإعلانها عن غرامة جديدة قدرها 900 ريال ترصدها الكاميرات الذكية آلياً دون أي تدخل بشري، وذلك للمركبات التي تتوقف في المناطق المخصصة لأبواب الطوارئ في المولات والمراكز التجارية والمؤسسات الحكومية.

وأوضحت إدارة المرور أن هذا الإجراء يأتي في إطار الجهود المستمرة لتعزيز سلامة المواطنين والمقيمين، وضمان انسيابية عمليات الإخلاء أثناء الطوارئ. فالتوقف في هذه المناطق الحيوية يعرقل حركة فرق الإطفاء والإسعاف، مما يهدد حياة الآلاف من رواد هذه المرافق في حالات الطوارئ.
الأمر الذي يثير دهشة السائقين أن النظام الجديد يعتمد بالكامل على الذكاء الاصطناعي والكاميرات المتطورة التي تقوم برصد المخالفات تلقائياً، دون الحاجة لرجل مرور أو أي تدخل بشري. هذا يعني أن أي مركبة تتوقف في هذه المناطق المحظورة ستحصل على مخالفة فورية قيمتها 900 ريال، حتى لو كان التوقف لدقائق معدودة.

وتشدد الإدارة على أن هذه الخطوة ضرورية لحماية الأرواح، إذ أن عرقلة مناطق أبواب الطوارئ قد تؤدي إلى تأخير عمليات الإنقاذ والإخلاء، مما يعرض حياة زوار المراكز التجارية والمؤسسات للخطر. وتعد المولات والمراكز التجارية من أكثر الأماكن ازدحاماً يومياً، مما يجعل ضمان جاهزية منافذ الطوارئ أولوية قصوى.
النظام الآلي الجديد يستخدم تقنيات متقدمة في الذكاء الاصطناعي، حيث تقوم الكاميرات الموزعة في محيط هذه المناطق برصد أي مخالفة وتسجيلها آلياً. وستظهر المخالفة في نظام أبشر الخاص بالمخالفات المرورية بعد فترة وجيزة من رصدها، مما يتيح للسائقين الاطلاع عليها ودفعها إلكترونياً.

وجاءت ردود فعل المواطنين متباينة حول هذا القرار. البعض أشاد به باعتباره خطوة مهمة نحو تحسين السلامة العامة وتنظيم السلوك المروري، بينما أعرب آخرون عن قلقهم من عدم توفر مواقف كافية في بعض المراكز التجارية، مما قد يدفع السائقين للتوقف في مناطق الطوارئ دون قصد.
ولمواجهة هذه المخاوف، شددت إدارة المرور على ضرورة توفير المراكز التجارية والمؤسسات الحكومية مواقف كافية للزوار، لضمان انسيابية الحركة وعدم إجبار السائقين على الوقوف في المناطق المحظورة. كما دعت الزوار إلى التعاون مع الجهات التنظيمية في هذه المرافق لإنجاح هذا الإجراء.

وبالتوازي مع تطبيق هذه الغرامة، أطلقت الإدارة العامة للمرور حملة توعوية شاملة عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي للتعريف بأهمية القرار وأثره الإيجابي على السلامة العامة. تشمل الحملة فيديوهات تثقيفية وصور توضيحية لشرح مخاطر التوقف في مناطق الطوارئ ودور كل مواطن في الالتزام بهذه القوانين.
من المهم للسائقين معرفة أن هذه الغرامة ليست الوحيدة في منظومة المخالفات المرورية السعودية. فعلى سبيل المثال، مخالفة الوقوف الخاطئ العادية تتراوح بين 100 إلى 150 ريال، بينما استخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة يعاقب بغرامة 150 ريال تصل إلى 300 ريال في حالة التأخر عن الدفع.

وتنصح إدارة المرور السائقين بضرورة تفقد إشارات ولوحات التحذير الموجودة في المراكز التجارية والمؤسسات الحكومية قبل ركن مركباتهم، لتجنب الوقوع في هذه المخالفة المكلفة. كما تؤكد أن التطبيق الصارم لهذا النظام يهدف إلى تحقيق التوازن بين سلامة الأفراد وضمان انسيابية الحركة في المناطق الحيوية.
وفي حالة الرغبة في الاعتراض على أي مخالفة مرورية، يمكن للسائقين تقديم اعتراضهم عبر منصة أبشر الإلكترونية من خلال اختيار خدمة الاعتراض على المخالفات وكتابة الملاحظات المطلوبة. كما يمكن سداد الغرامات بعدة طرق إلكترونية سهلة عبر الحساب البنكي أو نظام سداد.

تعد هذه الخطوة جزءاً من رؤية المملكة 2030 التي تركز على تحسين جودة الحياة وتوفير بيئة آمنة ومتطورة في الأماكن العامة. النظام الجديد يعكس توجه السعودية نحو الرقمنة والاستفادة من التقنيات المتقدمة في إدارة وضبط المخالفات المرورية بكفاءة عالية.
من جانب آخر، تواصل المملكة جهودها في تطوير قطاع النقل والمواصلات، حيث شهدت زيارة وزير الاستثمار خالد الفالح لمصنع ستيلانتس في المغرب، والتي قد تمهد لاستثمارات جديدة في قطاع صناعة السيارات المحلي. هذا التوجه يأتي ضمن استراتيجية شاملة لتنويع مصادر الدخل وتوطين الصناعات المتقدمة.

وتجدر الإشارة إلى أن العقيد طارق بن حمود الربيعان، المتحدث الرسمي للإدارة العامة للمرور، أكد سابقاً أن استخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة يشمل حتى مجرد حمل الجهاز، وليس فقط التحدث فيه. فالمخالفة تطبق على أي استخدام للهاتف أثناء القيادة سواء للتصوير أو تصفح مواقع التواصل الاجتماعي أو إرسال الرسائل النصية.
إدارة المرور تؤكد أنها لن تتهاون مع المخالفين، مشيرة إلى أن المخالفات المرورية الجسيمة تعكس سلوكيات تؤثر على السلامة العامة وتتطلب إجراءات صارمة لضمان عدم تكرارها. غرامة الـ 900 ريال تأتي ضمن سلسلة عقوبات متدرجة تهدف إلى تحسين الانضباط المروري وحماية المجتمع.

هذا الإجراء الجديد يمثل نقلة نوعية في تطبيق القوانين المرورية، حيث يعتمد على التقنية المتقدمة لضمان العدالة والشفافية في رصد المخالفات. الكاميرات الذكية المزودة بتقنيات الذكاء الاصطناعي قادرة على التمييز بدقة عالية بين المناطق المسموحة والمحظورة للوقوف، مما يقلل من الأخطاء البشرية ويضمن تطبيق القانون بعدالة على جميع السائقين.
وينصح خبراء السلامة المرورية السائقين بأهمية الالتزام بهذه التعليمات الجديدة، مؤكدين أن التكلفة المالية للمخالفة أقل بكثير من التكلفة الإنسانية المحتملة في حالة حدوث طوارئ وعدم قدرة فرق الإنقاذ على الوصول بسرعة بسبب عرقلة منافذ الطوارئ. فالهدف الأساسي من هذا الإجراء هو حماية الأرواح وليس مجرد فرض غرامات مالية.
مع تطبيق هذا النظام الجديد، تؤكد السعودية التزامها بتحقيق أعلى معايير السلامة المرورية وحماية المجتمع، مستفيدة من أحدث التقنيات العالمية لضمان تطبيق القوانين بكفاءة ودقة. هذا التوجه يعكس نضج النظام المروري السعودي واستعداده لمواكبة أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال.