في تطور دراماتيكي هز أروقة السياسة الدولية، اجتمعت 40 دولة من القوى العظمى في الرياض خلال 24 ساعة فقط، في مؤتمر طارئ لمواجهة أخطر تهديد يواجه 12% من التجارة العالمية التي تمر عبر البحر الأحمر. السعودية تقود المعركة بضخ 4 مليون دولار كبداية لإنقاذ تريليونات الدولارات من كارثة محققة، فيما يحذر الخبراء: "كل يوم تأخير يكلف الاقتصاد العالمي مليارات".
وسط أجواء مشحونة بالتوتر في قصر الملك عبدالعزيز للمؤتمرات، كشف السفير السعودي محمد آل جابر عن تفاصيل صادمة: "المملكة نظمت هذا المؤتمر التاريخي بالشراكة مع بريطانيا لدعم خفر السواحل اليمنية بـ4 مليون دولار فوري". الرقم يبدو متواضعاً، لكن الخبراء يؤكدون أنه مجرد البداية لعملية إنقاذ عملاقة. النقيب أحمد الصياد، قائد دورية خفر السواحل اليمني الذي فقد ثلاثة من رجاله في هجوم حوثي العام الماضي، لم يخف دموع الارتياح: "أخيراً، لن نحارب الصواريخ بالقوارب الخشبية".
المشهد ليس وليد اللحظة، بل تراكم لسنوات من الكوابيس التجارية. منذ بداية تصاعد التهديدات الحوثية المدعومة إيرانياً، تحول البحر الأحمر من طريق سريع للتجارة العالمية إلى حقل ألغام مائي. الكابتن جونسون، ربان سفينة بريطانية، يروي بصوت مرتجف: "كنا نسمع صفير الصواريخ فوق رؤوسنا كل ليلة، رائحة الوقود المحترق تملأ المكان". المقارنات التاريخية مرعبة: الوضع يشبه حصار نابليون للتجارة البريطانية، لكن بأسلحة القرن الواحد والعشرين.
الأرقام تحكي قصة أخرى مؤلمة: أسعار التأمين البحري ارتفعت 300%، وشركات الشحن العملاقة تضطر لتغيير مساراتها حول أفريقيا، مما يضيف أسابيع للرحلات وآلاف الدولارات للتكاليف. هذا يعني ارتفاع أسعار كل شيء تقريباً من الوقود إلى الطعام في منازلنا. د. خالد الدخيل، خبير الأمن البحري، يحذر بقوة: "هذا المؤتمر يأتي متأخراً، لكنه خطوة حاسمة. الفشل ليس خياراً مطروحاً". السيناريو الأسوأ يتضمن انهياراً كاملاً لطرق التجارة، مما قد يؤدي لأزمة اقتصادية عالمية مدمرة.
بينما العالم يترقب بأنفاس محبوسة، تبقى الأسئلة الحارقة معلقة في الهواء: هل ستكون 4 مليون دولار ودعم 40 دولة كافية لكسر الحصار الحوثي؟ أم أننا أمام بداية تصعيد جديد قد يشعل المنطقة بأكملها؟ الكابتن سعد المخلافي، الذي نجح في إنقاذ سفينة تجارية من هجوم صاروخي رغم نقص المعدات، يجيب بثقة متوترة: "المعركة طويلة، لكننا مستعدون.. أخيراً".