في مشهد مؤثر يجسد قوة الانتماء للوطن، تستعد أسرة الشاب عمر الهولندي لتوديعه الوداع الأخير اليوم في عدن، بعد رحلة طويلة من هولندا إلى تراب الوطن. رغم حمله الجنسية الهولندية، اختارت الأسرة تنفيذ وصيته الأخيرة بالعودة إلى المكان الذي وُلد فيه، في قصة تذكرنا بأن آلاف المغتربين اليمنيين يحملون جنسيات أجنبية لكن قلوبهم تبقى معلقة بتراب الوطن.
ستقام صلاة الجنازة على الفقيد بعد صلاة العصر اليوم في مسجد الهاشمي بمنطقة الشيخ عثمان، قبل تشييعه إلى مثواه الأخير في مقبرة الرحمن. والد عمر، الذي تحدى كل الصعوبات لإعادة ابنه للوطن، قال بصوت مخنوق بالدموع: "كان يقول دائماً إذا مت فادفنوني في عدن، والآن ننفذ وصيته". المشهد المتوقع سيكون مؤثراً، حيث ستحمل الأيدي المرتجفة النعش وسط تكبيرات الجنازة وتلاوة القرآن، بينما تختلط دموع الفراق برائحة البخور وحرارة شمس عدن.
قصة عمر تشبه قصص آلاف اليمنيين الذين سافروا عبر البحار بحثاً عن حياة أفضل، لكنهم لم ينسوا جذورهم أبداً. مثل الطائر المهاجر الذي يعود لعشه حتى لو كان محطماً، عاد عمر إلى وطنه الأم في رحلته الأخيرة. الشيخ أحمد الهاشمي، إمام المسجد، أكد أنهم يشهدون يومياً عودة أبناء اليمن لتراب الوطن، مضيفاً: "هذا يؤكد أن 95% من اليمنيين المغتربين يختارون العودة للوطن حتى في لحظاتهم الأخيرة".
هذا الحدث المؤلم يسلط الضوء على معاناة الجالية اليمنية في الخارج، ويذكر الجميع بأهمية التواصل مع الأهل والأحباب. أم عمر، التي لم تتمكن من رؤية ابنها في لحظاته الأخيرة، تحتضن صورته بيدين مرتجفتين وتقول: "الحمد لله أنه عاد للبيت، حتى لو كان في تابوت". الحدث يثير تساؤلات مهمة حول ضرورة دعم المغتربين اليمنيين وتوفير شبكات أمان لهم في بلدان الغربة، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها الوطن.
وداع عمر الهولندي اليوم ليس مجرد جنازة، بل رسالة قوية عن قوة الانتماء والحب الأبدي للوطن. بينما تستعد عدن لاستقبال ابنها العائد، يبقى السؤال المؤلم معلقاً في قلوب الجميع: متى سنشهد عودة أبنائنا أحياء يبنون الوطن، لا في توابيت تبكي عليهم الأمهات؟