كشف وزير البلديات والإسكان ماجد بن عبد الله الحقيل أن الرسوم الجديدة على الأراضي البيضاء والعقارات الشاغرة في الرياض تستهدف مكافحة الندرة المصطنعة للعقار التي أدت إلى اختلال التوازن بين العرض والطلب وارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر. ويأتي هذا الإجراء ضمن حزمة القرارات الاستراتيجية الأربعة التي أقرها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتحقيق التوازن العقاري واستدامة النمو في العاصمة.
أوضح الحقيل في تصريحات إعلامية أن مدينة الرياض شهدت نمواً هائلاً في الطلب العقاري بسبب تحولها إلى نقطة جذب رئيسية للمواطنين والمقيمين والاستثمارات، مما خلق ضغطاً على المعروض المحدود وأدى إلى ظهور ما يُعرف بـ"الندرة المصطنعة" للعقار.
وتبدأ فوترة نظام الرسوم الجديد اعتباراً من يناير 2026، حيث يطبق نظام رسوم متدرج يتراوح بين 2.5% و10% حسب أولوية النطاقات الجغرافية. فالأراضي ذات الأولوية القصوى ستخضع لرسم سنوي بنسبة 10% من قيمة الأرض، بينما تنخفض النسبة تدريجياً لتصل إلى 7.5% للأولوية العالية، و5% للمتوسطة، و2.5% للمنخفضة. كما تشمل الرسوم العقارات الشاغرة بنسبة لا تتجاوز 5% من قيمة العقار، مع إمكانية رفعها إلى 10% بموافقة مجلس الوزراء.
يهدف النظام الجديد إلى جعل احتكار الأراضي وتخزينها مكلفاً، مما يدفع الملاك لإعادة النظر في استراتيجيتهم والانتقال إلى خيارات أكثر إنتاجية. ويأتي هذا التوجه لمواجهة ممارسات بعض ملاك الأراضي الذين اعتادوا على شراء الأراضي في أطراف المدن وتركها دون تطوير انتظاراً لارتفاع أسعارها، مما يسهم في تعطيل حركة التنمية العمرانية.
وبحسب أحدث البيانات، فإن مخزون الوحدات السكنية في الرياض ارتفع إلى 1.72 مليون وحدة بعد تسليم 5,600 وحدة جديدة خلال النصف الأول من 2025، مع توقع دخول 18,900 وحدة إضافية بحلول نهاية العام الجاري. رغم هذه الزيادة في المعروض، فقد شهدت أسعار الفلل في الرياض ارتفاعاً بنسبة 1.15% والشقق بنسبة 3.13% خلال الربع الثاني من 2025.
يعول المسؤولون كثيراً على أن يسهم النظام الجديد في تصحيح سلوكيات السوق العقاري وزيادة المعروض بمختلف القطاعات، سواء السكنية أو التجارية أو الزراعية أو المستودعات. ويتوقع أن تظهر النتائج الإيجابية للنظام خلال الربع الأول من عام 2026، خاصة مع الإشارات الإيجابية الحالية التي تظهر تباطؤ وتيرة ارتفاع أسعار العقارات من 4.3% في الربع الأول إلى 3.2% في الربع الثاني من 2025.
أكد وزير البلديات والإسكان أن النظام الجديد ينسجم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تضع العاصمة الرياض في مسار التحول إلى واحدة من أكبر عشر مدن اقتصادية عالمياً. وأشار إلى أن الرياض تستحوذ على 50% من الاقتصاد غير النفطي وتستعد لاستضافة فعاليات كبرى مثل إكسبو 2030 وكأس العالم 2034، مما يتطلب توفير سوق عقاري متوازن ومستدام.
سيكون للرسوم الجديدة تأثير إيجابي على تنشيط الاقتصاد الكلي، حيث يحرك التطوير العقاري ما بين 80 إلى 90 قطاعاً اقتصادياً آخر. كما سيفتح النظام المجال أمام المقاولين والمكاتب الهندسية وسلاسل الأنشطة المرتبطة بالقطاع، إذ يوفر العقار أكثر من 60 نشاطاً اقتصادياً. وستخصص إيرادات الرسوم بالكامل لمشاريع الإسكان وزيادة المعروض السكني، مع مراجعة سنوية لكل مدينة لضمان فاعلية البرنامج وتعديل الرسوم وفق متغيرات العرض والطلب.
تشهد مدينة الرياض تحولاً نوعياً وكبيراً في حجم ونوعية الطلب العقاري، جراء تزايد أعداد السكان واستقطاب المدينة للمزيد من الفعاليات والمعارض الاقتصادية والتجارية. وقد ساهمت المشاريع الكبرى القائمة مثل نيوم والقدية والرياض الخضراء في تعاظم الحراك الاقتصادي وزيادة أعداد القادمين للعمل والتعليم، مما زاد من الضغط على السوق العقاري.
يتضمن نظام رسوم الأراضي البيضاء والعقارات الشاغرة كل أرض فضاء قابلة للتطوير والتنمية داخل حدود النطاق العمراني، بالإضافة إلى العقارات الجاهزة غير المستغلة لفترات طويلة دون مبرر. وتستثنى من النظام الأراضي الواقعة خارج النطاقات المحددة من الرسوم، مما يضمن التطبيق العادل والمدروس للنظام.
تشير التقارير المتخصصة إلى أن سوق العقارات السكنية في المملكة يشهد بوادر نضج واضحة، مع تسجيل زيادات ملحوظة في أسعار الإيجارات وتفاوت في أداء المعاملات عبر مختلف المناطق الحضرية. ويتوقع أن يسهم النظام الجديد في تحقيق مزيد من الاستقرار والشفافية في السوق العقاري، مما يوفر بيئة استثمارية أكثر جاذبية وعدالة لجميع الأطراف.