وقفت الشمس شاهدة على مشهد مهيب في ساحة السجن المركزي بمنطقة سناح بمحافظة الضالع اليمنية صباح الثلاثاء.
كان الصمت يخيم على المكان بينما تجمعت الجهات القضائية والأمنية لتنفيذ حكم القصاص بحق السجين عبدالله علي عوض الحداد.
لحظات فاصلة أنهت قصة استمرت تسع سنوات منذ وقوع جريمة القتل التي راح ضحيتها المواطن عادل صالح فضل المنتصر عام 2016.
رغم العروض السخية والوساطات المتعددة التي وصلت إلى عشر سيارات وعشر قطع سلاح ومبالغ مالية، أصر أولياء الدم على تطبيق حكم القصاص، في مشهد هز الرأي العام اليمني وسط ظروف استثنائية تعيشها البلاد.
ملابسات الجريمة والحكم:
تعود تفاصيل القضية إلى عام 2016، حين أقدم عبدالله علي عوض الحداد على قتل المواطن عادل صالح فضل المنتصر في مدينة قعطبة بمحافظة الضالع.
استمرت إجراءات التقاضي سنوات طويلة، حيث مرت القضية بمراحل مختلفة في المحاكم اليمنية حتى استقرت الأحكام النهائية على تنفيذ القصاص.
وكشفت مصادر قضائية أن الجهات المختصة استكملت كافة الإجراءات القانونية ودققت في الأدلة والشهادات قبل تثبيت الحكم النهائي.
ويعتبر هذا الحكم الأول من نوعه الذي ينفذ في محافظة الضالع منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2015، مما أضفى عليه أهمية قضائية استثنائية في ظل الأوضاع الأمنية المتردية التي تشهدها البلاد.
محاولات الوساطة والعفو:
لم تتوقف الجهود والمساعي للوصول إلى صلح بين الجاني وأسرة المجني عليه على مدى السنوات الماضية.
قدم وجهاء القبائل والشخصيات الاجتماعية عروضاً سخية للتحكيم تضمنت عشر سيارات وعشر قطع سلاح إلى جانب مبالغ مالية كبيرة، في محاولة لإقناع أسرة المنتصر بالعفو عن الجاني.
يذكر أن هذه العروض تعد من أكبر العروض المقدمة في قضايا مماثلة بالمنطقة، ما يعكس الجهود الحثيثة التي بذلت لإنهاء القضية خارج إطار القصاص.
بيد أن أسرة المجني عليه ظلت متمسكة بتنفيذ الحكم الشرعي، رافضة كل المبادرات والوساطات، في موقف أكد إصرارهم على تطبيق العدالة وفق رؤيتهم الخاصة وما يتماشى مع الأعراف القبلية والشرعية في المنطقة.
تأثير القضية على الرأي العام:
أثارت قضية إعدام الحداد جدلاً واسعاً في الأوساط الاجتماعية والقانونية اليمنية. وأوضح مراقبون أن تنفيذ الحكم بعد كل هذه السنوات يعكس استمرار عمل المؤسسات القضائية رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.
وعلى الجانب الآخر، اعتبر البعض أن رفض الدية والإصرار على القصاص يعبر عن تمسك المجتمع اليمني بالأحكام الشرعية والقبلية التقليدية.
وبحسب استطلاعات للرأي أجريت في المنطقة، انقسمت الآراء حول القضية بين مؤيد لحق أسرة الضحية في القصاص، وبين مناد بقبول الدية خاصة في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يمر بها اليمن.
هذا الانقسام عكس تحولات عميقة في بنية المجتمع اليمني ونظرته للعدالة وحقوق الضحايا في سياق الصراعات المستمرة.
تمثل هذه القضية منعطفاً مهماً في تاريخ القضاء اليمني خلال فترة الحرب، إذ تشير إلى استمرار هيبة القضاء رغم تراجع سلطة الدولة في مناطق واسعة.