الرئيسية / مال وأعمال / جولة في أسواق عدن ترصد آخر أرقام الحركة اليومية لأسعار مختلف المواشي بالعاصمة المؤقتة
جولة في أسواق عدن ترصد آخر أرقام الحركة اليومية لأسعار مختلف المواشي بالعاصمة المؤقتة

جولة في أسواق عدن ترصد آخر أرقام الحركة اليومية لأسعار مختلف المواشي بالعاصمة المؤقتة

نشر: verified icon مروان الظفاري 19 أبريل 2025 الساعة 09:35 صباحاً

تشهد أسواق المواشي في مدينة عدن اليمنية تقلبات سعرية حادة في الفترة الأخيرة، حيث رصدت التقارير المحلية ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار مختلف أنواع المواشي. يأتي ذلك في ظل ظروف اقتصادية صعبة تعيشها المدينة التي تعتبر واحدة من أهم المراكز التجارية في البلاد. سوق دار سعد للمواشي، الذي يعد من أقدم وأهم أسواق المواشي في عدن، أصبح مؤشراً مهماً لحالة الاقتصاد المحلي وقدرة المواطنين على تلبية احتياجاتهم الأساسية.

على مدى السنوات القليلة الماضية، شهدت أسعار المواشي في عدن ارتفاعات متتالية، لكن المستويات التي وصلت إليها مؤخراً تعتبر غير مسبوقة حسب مراقبين محليين. أصبحت القدرة الشرائية للمواطن اليمني محل تساؤل في ظل هذه المعطيات، خاصة مع اقتراب المناسبات والأعياد التي يزداد فيها الطلب على اللحوم. وتعكس هذه الصدمة السعرية تحديات أكبر تواجه الاقتصاد اليمني ككل، وتضع الحكومة المحلية أمام مسؤولية اتخاذ إجراءات عاجلة لضبط السوق.

الأسعار الحالية للمواشي في سوق عدن

تكشف المعطيات الحديثة من سوق المواشي بدار سعد في عدن عن ارتفاع كبير في أسعار مختلف أنواع المواشي. فبالنسبة للماعز، تراوحت الأسعار بين 95,000 و115,000 ريال يمني للرؤوس التي تزن بين 7 إلى 9 كيلوغرامات، في حين وصلت أسعار الماعز الذي يتراوح وزنه بين 10 و15 كيلوغراماً إلى ما بين 125,000 و180,000 ريال يمني. هذه الأرقام تعكس حجم التحديات التي يواجهها المستهلكون في عدن، خاصة مع انخفاض القوة الشرائية للعملة المحلية وارتفاع معدلات التضخم. وبالمقارنة مع الفترات السابقة من العام، يلاحظ الباعة والمشترون على حد سواء هذه القفزة السعرية التي تجاوزت التوقعات.

أما بالنسبة للأغنام، فقد سجلت أسعار الكباش (الضأن) التي تزن بين 7 و9 كيلوغرامات مستويات تتراوح بين 90,000 و110,000 ريال يمني، بينما وصلت أسعار الأغنام الأكبر حجماً (10-15 كيلوغراماً) إلى ما بين 120,000 و170,000 ريال. وتظهر الأرقام ارتفاعاً أكبر في أسعار الأبقار، حيث بلغت أسعار العجول الرضيعة (25-40 كيلوغراماً) ما بين 400,000 و650,000 ريال، في حين وصلت أسعار العجول الأكبر (70-100 كيلوغراماً) إلى ما يتراوح بين 890,000 و1,150,000 ريال يمني. وتبلغ أسعار الثيران الكبيرة (120-200 كيلوغراماً) مستويات قياسية تتراوح بين 1,350,000 و2,300,000 ريال يمني، وهي أرقام تعكس عمق الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها المدينة.

ولا تختلف الصورة كثيراً بالنسبة للإبل (الجمال)، حيث تراوحت أسعار الرضيع منها (30-50 كيلوغراماً) بين 420,000 و550,000 ريال، بينما وصلت أسعار الإبل الكبيرة (أكثر من 200 كيلوغرام) إلى ما بين 630,000 و730,000 ريال يمني. وحتى أسعار الدواجن لم تسلم من هذا الارتفاع، إذ تراوحت أسعارها بين 6,000 و7,000 ريال للدجاجة الواحدة (800-1000 غرام). يقول أصحاب محلات الجزارة في عدن إن هذه الأسعار تنعكس مباشرة على أسعار اللحوم في الأسواق، مما يؤثر سلباً على قدرة المواطنين على تأمين احتياجاتهم الغذائية الأساسية.

العوامل المؤثرة في ارتفاع الأسعار

تتعدد العوامل التي أدت إلى هذا الارتفاع الحاد في أسعار المواشي بمدينة عدن. وفقاً لخبراء اقتصاديين، يأتي تدهور قيمة العملة المحلية في مقدمة هذه العوامل، حيث شهد الريال اليمني انخفاضاً مستمراً في قيمته أمام العملات الأجنبية. هذا التدهور انعكس مباشرة على تكاليف تربية المواشي وإنتاج الأعلاف وكذلك نقل الحيوانات بين المحافظات. يضاف إلى ذلك ارتفاع أسعار الوقود الذي ضاعف من تكاليف النقل، خاصة من المناطق الريفية التي تشتهر بتربية المواشي إلى الأسواق في المدن الكبرى مثل عدن. كما أشارت تقارير محلية إلى أن الظروف المناخية القاسية والجفاف الذي ضرب بعض المناطق اليمنية أدى إلى نقص المراعي الطبيعية وارتفاع تكاليف تربية المواشي.

علاوة على ذلك، لعب الصراع المستمر في البلاد دوراً محورياً في تعطيل سلاسل التوريد وزيادة تكاليف التأمين والحماية، مما انعكس بشكل مباشر على الأسعار النهائية في الأسواق. وأوضح مربو المواشي أن التحديات الأمنية تسببت في تقليص أعداد المواشي المعروضة في الأسواق، نظراً لصعوبة الوصول إلى بعض المناطق أو المخاطر المتعلقة بنقل المواشي عبر مناطق النزاع. وأضاف تجار في سوق دار سعد أن ارتفاع تكاليف الرعاية البيطرية والأدوية الضرورية للمواشي، التي معظمها مستورد، ساهم بشكل كبير في هذا الارتفاع السعري. كما أن تزايد الطلب على اللحوم في المناطق الحضرية، مع محدودية العرض، خلق ضغطاً إضافياً دفع الأسعار نحو مستويات غير مسبوقة.

توقعات مستقبلية للسوق

تشير التوقعات المستقبلية لسوق المواشي في عدن إلى استمرار حالة عدم الاستقرار في الأسعار خلال الفترة القادمة، مع احتمالية ارتفاعها بشكل أكبر مع اقتراب المناسبات والأعياد الدينية. يرى خبراء محليون أن استمرار التحديات الاقتصادية الحالية، خاصة تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار المدخلات الزراعية والأعلاف، سيكون له تأثير مباشر على استقرار السوق. وأشار متخصصون في تربية المواشي إلى أن الموسم القادم قد يشهد نقصاً في المعروض من المواشي نتيجة لجوء بعض المربين إلى بيع مواشيهم بأسعار أقل من التكلفة بسبب عدم قدرتهم على تحمل نفقات التربية المرتفعة. هذا النقص المتوقع سيخلق ضغطاً إضافياً على الأسعار، خاصة في ظل الطلب المتزايد مع تحسن الوضع المعيشي لبعض الفئات في مناطق معينة من اليمن.

من جهة أخرى، يعتقد بعض المحللين الاقتصاديين أن تدخل الحكومة المحلية والمنظمات الدولية قد يساهم في تحسين الوضع على المدى المتوسط. فقد أعلنت منظمات إغاثية عن خطط لدعم القطاع الزراعي وتربية المواشي في اليمن، من خلال توفير الأعلاف بأسعار مدعومة وتقديم الخدمات البيطرية المجانية. كما تدرس السلطات المحلية في عدن إمكانية تخصيص مناطق جديدة للرعي وتوفير الدعم اللوجستي لنقل المواشي بتكاليف أقل، مما قد يخفف من حدة الأزمة. وأكد خبراء زراعيون على أهمية تطوير تقنيات تربية المواشي وتحسين السلالات المحلية لزيادة الإنتاجية وتقليل التكاليف، وهو ما قد ينعكس إيجاباً على أسعار السوق في المستقبل البعيد. ويبقى التحدي الأكبر متمثلاً في إيجاد حلول مستدامة تراعي مصالح كل من المربين والمستهلكين، في ظل ظروف اقتصادية وسياسية معقدة تمر بها البلاد.

تكشف صدمة الأسعار في سوق المواشي بعدن عن أزمة أعمق تواجه الاقتصاد اليمني ككل، وتستدعي مقاربة شاملة تجمع بين الإجراءات قصيرة المدى لضبط الأسعار والاستراتيجيات طويلة الأجل لتطوير قطاع الثروة الحيوانية. يمثل ارتفاع أسعار المواشي تحدياً للأمن الغذائي في بلد يعاني أصلاً من أزمات إنسانية متعددة، مما يجعل من الضروري تضافر جهود كافة الأطراف المعنية للحد من تداعيات هذه الأزمة على حياة المواطنين اليمنيين الذين أنهكتهم سنوات من الصراع والاضطرابات الاقتصادية.

اخر تحديث: 19 أبريل 2025 الساعة 08:10 مساءاً
شارك الخبر