في خطوة تثير التساؤلات حول مصير التراث الثقافي لليمن، تم الإعلان عن عرض مبخرة برونزية نادرة من آثار اليمن القديم للبيع في مزاد دولي بالعاصمة البريطانية لندن. القطعة الأثرية، التي يعود تاريخها إلى أكثر من 2600 عام، تحمل قيمة تاريخية وثقافية لا تقدر بثمن، مما يجعلها محط أنظار المهتمين بالآثار والتراث الإنساني.

وصف المبخرة النادرة وتاريخها

تُعد هذه المبخرة البرونزية واحدة من القطع الفريدة التي تعكس براعة الحضارة اليمنية القديمة. يبلغ ارتفاعها 28 سم ووزنها حوالي 9 كجم، وهي مصممة على شكل وعاء مزود بحافة مرتفعة مزينة بمسامير متحدة المركز. تصميمها المبتكر يشمل دعامتين كبيرتين على شكل طائر، مع أجنحة طويلة منحنية إلى الخارج، وأرجل موضوعة في وضع متقدم، مما يضفي عليها طابعًا فنيًا مذهلًا.

النقوش الموجودة على المبخرة مكتوبة بخط المسند، وتحمل اسم الإله "عثتر ذو جراب"، الذي كُرست له هذه القطعة. ويُعتقد أن أصل المبخرة يعود إلى منطقة السوداء، نشان القديمة، في محافظة الجوف اليمنية. هذا التصميم الفريد دفع علماء الآثار إلى وصفها بأنها تحفة استثنائية، إذ تجمع بين العناصر المحلية والتأثيرات الأجنبية في آنٍ واحد.

عملية البيع والمزاد

وفقًا للباحث اليمني عبدالله محسن، ستُعرض المبخرة للبيع في مزاد "تايم لاين" بلندن في الرابع من مارس المقبل. المثير للجدل أن القطعة مصحوبة برخصة تصدير إسرائيلية، ما يثير تساؤلات حول كيفية وصولها إلى السوق الدولية. كانت المبخرة جزءًا من مجموعة خاصة لجامع الآثار شلومو موساييف، الذي باعها للمالك الحالي في مايو 2021.

موقع المزاد البريطاني يؤكد التزامه بفحص دقيق لكل قطعة أثرية قبل عرضها، حيث تخضع كل قطعة لتقييم لجنة مكونة من خبراء وعلماء آثار. ومع ذلك، يبقى السؤال حول مدى شرعية تصدير هذه القطعة الأثرية من موطنها الأصلي، خاصة في ظل الظروف التي تمر بها اليمن.

أهمية المبخرة في السياق الثقافي والتاريخي

تمثل هذه المبخرة البرونزية نافذة على التاريخ العريق لليمن، حيث تعكس طقوسًا دينية وثقافية كانت سائدة في المنطقة منذ آلاف السنين. استخدام البخور في الطقوس الدينية كان جزءًا لا يتجزأ من حياة المجتمعات القديمة، مما يجعل هذه القطعة شاهدًا على تطور الممارسات الروحية والفنية في تلك الحقبة.

علاوة على ذلك، تعكس المبخرة دور اليمن كمركز تجاري وثقافي مهم في العالم القديم، حيث كانت البلاد تُعرف بـ"أرض البخور". النقوش والتصاميم المبتكرة على القطعة تُظهر تأثيرات متعددة، ما يشير إلى التفاعل الثقافي بين اليمن القديم والحضارات الأخرى.

في ختام هذا التقرير، تبرز أهمية حماية التراث الثقافي والتاريخي لليمن، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد. بيع هذه القطعة في مزاد دولي يسلط الضوء على الحاجة الملحة لتشديد الرقابة على تهريب الآثار ومنع استغلالها تجاريًا. الحفاظ على هذه الكنوز ليس مجرد واجب وطني، بل هو مسؤولية إنسانية لضمان بقاء إرث الحضارات للأجيال القادمة.