وقد دعا بعض المشرعين الأميركيين إدارة الرئيس أوباما، إلى الرد على هذا العنف بوقف المساعدة الأميركية لبعض هذه البلاد التي اندلعت فيها الاحتجاجات العنيفة. وبينما يعد هذا الإحباط أمرا يمكن تفهمه، فإن ابتعاد الولايات المتحدة يمكن يقينا أن يقوض هذه الدول الهشة، في لحظة حرجة، وهذا بدوره من شأنه أن يلحق الضرر بمصالح الولايات المتحدة، ويقوض مواقف اللاعبين المحليين المعتدلين والبنائين، الذين يعدون وسائط رئيسية للتغيير في المنطقة.
وتبدو أهمية تواصل الولايات المتحدة مع الشرق الأوسط كأوضح ما تكون في حالة اليمن، حيث قام المحتجون باقتحام السفارة الأميركية في صنعاء في 13 سبتمبر. مثل هذا العنف يؤكد الاضطراب الذي يهيمن على اليمن، فيما تعالج التحديات المزدوجة المتعلقة بأزمة إنسانية كبرى وانتقال سياسي صعب، بعد عقود من الدكتاتورية.
ومن المنظور الإنساني فإننا يمكننا أن نشهد على أن ما تمس الحاجة إليه هو تغيير في الموقف الأميركي، وليس تراجعا من جانب أميركا.
وقد ركز منهاج الولايات المتحدة في التعامل مع اليمن حتى الآن، في المقام الأول على معالجة الأعراض، أي الاحتياجات الإنسانية والعنف السياسي ونزعة التطرف، لكن أميركا لم تقم إلا بالقليل لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه التحديات. وتعديل المسار يمكن أن يكون مؤثرا بالنسبة لليمن، وبالنسبة للمصالح الأميركية فيه، وفي المنطقة الأوسع نطاقا. وتبدو هذه الإمكانية جلية في التقدم الأخير الذي شوهد في العاصمة الإقليمية تعز، التي تعد ثالث أكبر مدينة يمنية، والتي توصف غالبا بأنها قلب الثورة اليمنية.
تواجه تعز، شأن معظم أرجاء اليمن، حالة إنسانية طارئة، ورغم أن الأسواق تمتلئ بالمواد الغذائية، فإن نسبة كبيرة تقدر بخمس من يقيمون هناك، يبيتون على الطوى، و٪40 لا يتاح لهم ماء الشرب الصحي، والبطالة وصلت إلى معدلات هائلة بشكل يؤثر على شخص من كل اثنين هناك.
والمشكلة الحقيقية في اليمن ليست مشكلة الصحة أو الغذاء، فقد حذرت مجموعة من الشخصيات القيادية اليمنية والخبراء الأميركيين في الشؤون الخارجية تعرف باسم "مبادرة الساسة اليمنية"، في رسالة بعثت بها إلى أوباما في يونيو الماضي، من أنه إذا لم يثق اليمنيون بأن حكومتهم يمكن أن توفر لهم إمكانية الحصول على الغذاء والماء والكهرباء والرعاية الصحية والتعليم، فإن إحساسا هائلا بالإحباط سوف يسود، وهذا بدوره يمكن أن يفاقم نزعة التطرف التي تسود الكثير من أرجاء اليمن.
ـ صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأميركية
" البيان " الاماراتية