قبل أن يصير في عداد المفقودين منذ الرابع من أغسطس، كان غسان حصروتي يظن أنه يعمل في أكثر أماكن بيروت أمانا.
عمل حصروتي لمدة 38 عاما موظفا في صومعة الغلال الضخمة بمرفأ العاصمة اللبنانية، وكانت الجدران الخرسانية القوية والغرف المبنية تحت الأرض تمثل مخبأ له ولزملائه لعدة أيام خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي دارت بين عامي 1975 و1990.
وكان يقول لأسرته مرارا إنه يقلق عليهم أكثر مما يقلق على نفسه عندما يتوجه كل صباح لمقر عمله ، وفق "سكاي نيوز" .
وفي الساعة الخامسة والنصف مساء يوم الثلاثاء اتصل غسان بزوجته ابتسام وقال لها إنه سيبيت الليلة في الصومعة لأن شحنة من الحبوب ستصل ولا يستطيع المغادرة.
وطلب منها، وفق ما أوردت رويترز، أن ترسل له غطاء ووسادة. لكنها لم تسمع صوته مرة أخرى منذ ذلك الحين.
دمر الانفجار الذي وقع يوم الثلاثاء في مرفأ بيروت، وهو أكبر انفجار تشهده المدينة على الإطلاق، الصومعة، ضمن ما دمر، وقتل 158 شخصا على الأقل وأصاب أكثر من ستة آلاف، وشرد ما يقدر بنحو 300 ألف.
والأحد، تحدث محافظ بيروت، مروان عبود، عن 7 مفقودين لم يتم العثور عليهم حتى الآن بعد انفجار مرفأ بيروت، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن هناك مفقودين "غير مصرح عنهم".
وقال عبود، وفق ما نقل مراسلنا، إن عمليات البحث مستمرة، لكن ذلك لا يبدو مشجعا تماما بالنظر إلى إعلان رسمي من المؤسسة العسكرية.
فقد أعلن الجيش اللبناني أن الأمل بات ضئيلاً في إمكان العثور على ناجين في موقع انفجار بيروت، حيث تعمل فرق إنقاذ لبنانية وأجنبية بحثا عن عالقين تحت أنقاض المرفأ المدمر.
وقال قائد فوج الهندسة في الجيش العقيد روجيه خوري في مؤتمر صحفي "من الممكن أن نقول إننا انتهينا من المرحلة الأولى وهي مرحلة إمكان العثور على أحياء".
وقال مسؤولون إن 2750 طنا من نترات الأمونيوم، وهي مادة تستخدم في تصنيع الأسمدة والقنابل أيضا، كانت مخزنة لست سنوات في مستودع بالمرفأ دون إجراءات مناسبة للسلامة.
وتقول أسرة غسان إنه على الرغم من أنهم حددوا للسلطات موقعه بالضبط وقت الانفجار، لكن جهود الإنقاذ لم تبدأ إلا بعد ذلك بنحو40 ساعة.
ويجتمع أفراد الأسرة بمنزلهم في بيروت كل يوم وهم ينتظرون بقلق أي معلومات قد تستجد عن والدهم الغائب.
وقال ابنه إيلي (35 عاما) "ها الناس المفقودة تحت ما انها (ليسوا) مجرد أرقام... بالنسبة إلهن أرقام، بالنسبة لإلنا هو بيّو عنده أصدقاء ومحبين.. بيستهتروا بوجع الناس".
وأكد إيلي على أنهم يحتاجون لتسليط الضوء على ضعف مستوى إدارة الكارثة حتى لا تتكرر الكارثة المروعة ولا الإدارة السيئة للموقف.
وتقول أسرة غسان، الذي كان والده هو أيضا يعمل في ذات الصومعة لأربعين عاما، إنه كان مخلصا لعمله.
تقول ابنته تاتيانا (19 عاما) التي تتجاذبها مشاعر اليأس والأمل "ما حتى ودعناه بطريقة مظبوطة لو راح يروح يعني.. بعدنا ناترينهم (ننتظرهم) يرجعوا كلهم".