الرئيسية / شؤون دولية / بعد هزيمة حفتر في طرابلس وترهونة .. هذا ما سيحدث في ليبيا
بعد هزيمة حفتر في طرابلس وترهونة .. هذا ما سيحدث في ليبيا

بعد هزيمة حفتر في طرابلس وترهونة .. هذا ما سيحدث في ليبيا

05 يونيو 2020 09:29 مساء (يمن برس)

رغم استعادة قوات حكومة الوفاق الليبية سيطرتها على العاصمة طرابلس ومحيطها، إلا أن تعقيدات المشهد الليبي تجعل إيجاد حل للأزمة مسألة صعبة، وسط تحذيرات من تصعيد "خطير" في الصراع الذي تؤججه التدخلات الخارجية.

بعد يوم واحد من إعلان قوات حكومة الوفاق الليبية المدعومة دولياً إعادة السيطرة على العاصمة طرابلس وضواحيها بالكامل، أكدت القوات اليوم تمكّنها من السيطرة على مدينة "ترهونة"، آخر وأكبر معقل لقوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر في غرب البلاد. وتسيطر قوات "الجيش الوطني الليبي" بقيادة حفتر من بنغازي على مناطق شرق البلاد وجاء من الجنوب.

وفي حين قالت قوات حكومة الوفاق إن إعادة السيطرة على طرابلس، إثر معارك استمرت أكثر من عام، جاءت بعد "دحر" قوات حفتر، أعلنت الأخيرة أنها قامت بإعادة تمركز لقواتها خارج طرابلس "في مبادرة إنسانية"، بعد موافقتها على استئناف مفاوضات اللجنة العسكرية بشأن ليبيا في جنيف، والتي تم تعليقها منذ أكثر من ثلاثة أشهر. وفشلت مساعي أوروبية ودولية في تثبيت وقف إطلاق النار بين طرفي النزاع رغم الجهود الحثيثة التي بذلت إثر مؤتمر برلين الخاص بليبيا الذي عقد في 19 يناير /كانون الثاني 2020.

ورغم إعلان الأمم المتحدة مؤخرا استئناف مفاوضات اللجنة العسكرية(5+5) التي تتكون من 5 أعضاء من كل من طرفي النزاع، إلا أن عدم اعتراف قوات حفتر بالهزيمة، فضلاً عن تأكيد رئيس حكومة الوفاق، فايز السراج، عزم قواته على السيطرة على كامل البلاد، قد تكون مؤشرات على احتمال تصعيد قادم في ليبيا يؤججه اللاعبون الإقليميون والدوليون في الأزمة.

ويرى يونس بلفلاح، أستاذ العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي في جامعة ليل الفرنسية، أن التطورات الأخيرة في طرابلس والحديث عن استئناف المحادثات بشأن ليبيا لا يبعد شبح التصعيد، ويضيف في حوار لـDWعربية: "تعدد الأطراف الدولية والإقليمية المتدخلة في ليبيا يزيد من تعقيد الأزمة (...) فهذا يجعل الوضع في ليبيا مرتبطاً بأجندات هذه الأطراف".

"مواجهة تركية روسية"؟ وقد ساهم الدعم التركي لحكومة الوفاق في تغيير موازين القوى على الأرض في مواجهة قوات حفتر المدعومة من روسيا ومصر والإمارات. وتزامنت التطورات الأخيرة مع زيارة رئيس حكومة الوفاق فايز السراج إلى أنقرة، وزيارة الجنرال المتقاعد خليفة حفتر إلى القاهرة.

أما روسيا فقد اتهمتها الولايات المتحدة مؤخراً بإرسال أسلحة ثقيلة إلى ليبيا، تشمل أسطولاً من المقاتلات. وحذرت واشنطن من "تصعيد جديد" في ليبيا، مشيرة إلى أن الطائرات الروسية ستوفر على الأرجح دعماً جوياً لقوات حفتر قريباً.

ويحذر الكاتب الصحفي عبد الباري عطوان من "مواجهة تركية روسية" على الأراضي الليبية بعد هزيمة قوات حفتر في طرابلس. ويضيف عطوان في فيديو نشره على صفحته على اليوتيوب: "روسيا التي تدعم حفتر لن تقبل أن يُهزم سلاحها في ليبيا (...) فمنظومة صواريخ بانتسير الروسية التي كانت موسكو تتباهى بها دُمّرت من قبل الطائرات التركية في ليبيا، ما يعني أن الصناعة العسكرية الروسية أُصيبت في مقتل، ولذلك لا أعتقد أن روسيا ستتحمل هذه الإهانة".

ولا يستبعد عطوان أن ترسل روسيا "مزيداً من الأسلحة والعتاد العسكري" إلى ليبيا لكي تستعيد قوات حفتر السيطرة على طرابلس، ويضيف: "روسيا أرسلت 14 من مقاتلات ميغ-29 وسوخوي-24 المتطورة إلى ليبيا، وعندما ترسل روسيا هذه المعدات فهي تستعد لهجوم كبير".

معارك بالوكالة وقد أكد تقرير لخبراء الأمم المتحدة وجود مرتزقة من شركة فاغنر الروسية، التي يجري الحديث عن قربها من الكرملين، في ليبيا، بينما أكدت تركيا منذ شباط/فبراير الماضي إرسال مقاتلين من المعارضة السورية إلى ليبيا. ويرى الباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمن، فولفرام لاخر، أن الانتكاسات الأخيرة لقوات حفتر "تظهر إلى أي درجة صار الدعم الخارجي حاسماً للطرفين". وأضاف لفرانس برس أنه سيتوجب على خليفة حفتر "مواجهة التحديات المتنامية لسلطته في الشرق والجنوب" بعد هزيمة قواته في طرابلس.

ويعتقد يونس بلفلاح أن كلاً من روسيا وتركيا قد تحاولان من خلال التصعيد العسكري تحقيق مكاسب على الأرض لإجبار الطرف الآخر على تقديم تنازلات على طاولة المفاوضات، ويضيف: "لكل من روسيا وتركيا أهداف اقتصادية وعسكرية في ليبيا، ولتحقيق هذه الأهداف فإن لديهما الخبرة في إدارة معارك بالوكالة والجلوس على طاولة الحوار بنفس الوقت، مثلما حصل في التجربة السورية".

"حل سياسي عبر عقيلة صالح"؟

وقد أبدت الرئاسة الفرنسية قلقها البالغ من اتفاق بين تركيا وروسيا "يخدم مصالحهما" على حساب مصلحة ليبيا، محذرة من "خطر تفلّت الأزمة من أيدي الجميع". ويؤكد بلفلاح أن الحل السياسي في ليبيا لن يبدأ إلا بتطبيق هدنة عسكرية بعد اتفاق الأطراف الدولية على "تقاسم الغنائم الليبية".

من جانبه يرى عبد الباري عطوان أن أي حل سياسي سيكون عبر عقيلة صالح، رئيس البرلمان المنتخب في طبرق، والذي أطلق الشهر الماضي مبادرة سياسية لحل الأزمة في البلاد، لاقت الترحيب من الأمم المتحدة ودول أخرى.

ويبدو أن الروس باتوا يراهنون على صالح عوضاً عن حفتر. واتصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قبل أيام بصالح. ونقل بيان للخارجية الروسية عنه قوله خلال المكالمة أنه "لا يوجد حل عسكري للأزمة". وشدّد على "أهمية استئناف العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة وبمشاركة الأطراف الليبية".

ووفق شريط فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، يبدو أن صالح اقتنع بالطلب الروسي، إذ ظهر أمام وجهاء من قبائل في شرق البلاد، متحدثاً عن توصيات "الأصدقاء الروس" باستئناف الحوار.

وتتضمن مبادرة صالح ثماني نقاط ترتكز على إعادة هيكلة السلطة التنفيذية الحالية المنبثقة من الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات وإعادة اختيار أعضائها، وعلى الأقاليم التاريخية الثلاثة (برقة وطرابلس وفزان)، بالإضافة إلى إعادة كتابة الدستور مع استمرار مجلس النواب الحالي إلى حين إجراء انتخابات تشريعية جديدة. لكن وبالرغم من المبادرات السياسية لحل الأزمة، يرى مراقبون بأن احتمال التصعيد يظل واردا في أي لحظة.

شارك الخبر