ركزت صحيفة "العربي الجديد، الصادرة في لندن الثلاثاء، على تطورات الأوضاع في محافظة البيضاء وسط البلاد، بعد مقتل امرأة على أيدي مسلحين حوثيين.
ورأت الصحيفة في تقريرها لها بعنوان "طبول معركة في البيضاء: بوادر انتفاضة قبلية ضد الحوثيين"، أن "دماء جهاد الأصبحي أيقظت نخوة عشرات القبائل التي دفنت رأسها في رمال النزاع اليمني منذ سنوات، وتخلّت عن دورها المعتاد كشوكة ميزان لأحداث عصيبة شهدها البلد منذ عقود".
وأشارت إلى أن الحوثيين نفذوا حملة أمنية واسعة على مديرية الطفه للقبض على من يصفونهم بـ"الدواعش"، وهي تهمة اعتادت الجماعة إلصاقها بكل طرف يناهضها أو يرفض الإذعان لها منذ سنوات.
وأوضح التقرير أن قوات الحوثيين حاصرت منزل المواطن حسين الأصبحي، بهدف اعتقاله، إلا أنه قاومهم بسلاحه الشخصي ليتمكن من الفرار إلى جهة غير معلومة، ليداهم الحوثيون المنزل بعد توقف إطلاق النار ويقوموا بتفتيشه. ووفقاً لمصادر قبلية، لم يكن في المنزل ساعتها سوى فتاة تُدعى جهاد الأصبحي، وهي زوجة أحد أبناء صاحب المنزل، فقامت العناصر الحوثية بفتح النيران عليها وقتلها على الفور.
وأفاد التقرير أن أهالي الضحية لجأوا إلى الزعيم القبلي البارز الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر الشعبي العام ياسر العواضي، باعتباره شيخاً لبلدة "آل عواض" في مديرية ردمان، طالبين الحماية من الرجل الذي حول دماء جهاد الأصبحي إلى قضية رأي عام، وتوعّد الحوثيين بقتالهم إذا لم يرفعوا مسلحيهم خلال 3 أيام.
وقال التقرير إن جماعة الحوثيين "أوفدت لجنة من صنعاء إلى البيضاء للصلح القبلي في مسعى منها لاحتواء القضية، وقالت إنها بتوجيه مباشر من زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي."
وأضاف أن اللجنة التي ضمّت قيادات بارزة على رأسها الأمين العام للمكتب السياسي للجماعة فضل أبو طالب، ونائب وزير الخارجية في حكومتها حسين العزي، حاولت إنهاء القضية بمعزل عن العواضي، إذ زارت شيخاً قبلياً آخر موالياً لها، وأرجعت أسباب القتل إلى "سوء فهم"، كما عرضت 5 بندقيات كلاشينكوف كرد اعتبار للقبيلة أو ما يُعرف بـ"التهجير".
وحسب الصحيفة، فإن اللجنة حاولت دفن القضية بإشهار وثيقة صلح لم تتطرق إلى معاقبة الجناة، لكن الشيخ العواضي أعاد القضية إلى مربع الصفر، بإعلانه أن سلطنة عُمان دخلت في خط الوساطة وطلبت منه مهلة إضافية للحوثيين، لافتاً إلى أنه بعد التشاور مع أولياء الدم ومشايخ المنطقة، قرروا "إكراماً للأشقاء في السلطنة منح المهلة الجديدة التي طلبوها، لكن الأيادي على الزناد وكل القبائل في متارسها".
ولفت التقرير إلى أن قيادات في جماعة الحوثيين اتهمت ياسر العواضي بالسعي لتفجير حرب تخدم الحكومة المعترف بها دولياً التي أعلن مراراً رفضه أي دعم منها أو من التحالف العربي الذي تقوده السعودية، واكتفى بدعوة قبائل البيضاء لمساندته والتصدي لأي تعزيزات حوثية تصل من صنعاء إلى المنطقة.
وأضاف التقرير أن جماعة الحوثيين رفضت تقديم تنازلات وتسليم الجناة لمحاكمتهم، رغم التفاف القبائل حول دعوة العواضي، مبيناً أن المفاوض في لجنة الحوثيين حسين العزي، ساق جملة من المبررات لجريمة القتل، وقال إن جهاد الأصبحي قُتلت "في ظروف ملتبسة"، وزعم أن أهلها أبلغوهم أنها كانت قد شاركت في الاشتباكات وحملت السلاح ضد عناصرهم الأمنية. لم يكتفِ القيادي الحوثي بذلك بل اتهم أهلها بأنهم عناصر في تنظيم "القاعدة"، وزعم أن الحملة الأمنية كانت تتعقب الإرهابيين الذين فروا إلى بيت جهاد الأصبحي باعتبار زوجها أو قريبها أحد تلك العناصر المطلوبة.
ووفقاً للصحيفة استطاعت قبائل البيضاء حتى مساء الإثنين، إحراج الحوثيين وتحقيق نصر معنوي غير مسبوق، لكن على الأرض قد يكون الوضع مختلفاً في حال قررت جماعة الحوثيين إرسال حملة عسكرية تقمع انتفاضة القبائل، ولها سوابق متعددة في التعامل مع ذلك كما حصل أخيراً في حجور بمحافظة حجة.
وأكدت الصحيفة نقلاً عن مصادر لم تسمها، أن جماعة الحوثيين تستعد لإيفاد لجنة تضم أسماء جديدة من صنعاء للقاء الشيخ ياسر العواضي، الذي تجاهلته اللجنة السابقة، في مسعى منها لاحتواء معركة تقرع طبولها بشكل كبير، ويتوافد المقاتلون للانخراط فيها من قبائل البيضاء ومأرب.
وأشارت إلى أن قبائل في محافظات مأرب والجوف والبيضاء وشبوة وأبين، تحتشد، لمساندة قبائل البيضاء في انتفاضتها ضد الحوثيين.
واختتم التقرير بالقول إنه "خلافاً لمعركة حجور في حجة، يشعر الحوثيون أن معركة البيضاء ستكون مختلفة في حال انفجرت شرارتها رسمياً، نظراً لتواجد الجيش الوطني بالقرب من معاقل الشيخ العواضي، وبالإمكان الالتحام في جبهة واحدة يشارك فيها أيضاً الطيران السعودي".