بإعلان القائمين على المشاعر المقدسة في السعودية، إغلاق الحرمين الشريفين بشكل جزئي ومؤقت أمام الزوار، والمعتمرين، كإجراء احترازي لمنع تفشي فيروس كورونا، فإن الكعبة المشرفة تشهد خامس حدث من هذا القبيل منذ بنائها على يد نبي الله إبراهيم عليه السلام.
وقررت الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين، إغلاق المسجد الحرام والمسجد النبوي من بعد صلاة العشاء لحين صلاة الفجر، بالتزامن مع قرار الرياض بتعليق العمرة لجميع المسلمين في الداخل والخارج، ومنع الصلاة في صحن المطاف حول الكعبة وفي أماكن أخرى من الحرمين بسبب كورونا.
وتعيد القرارات الوقائية السعودية الجديدة إلى الأذهان، أربعة أحداث في تاريخ البيت العتيق في مكة المكرمة، تسببت بإغلاقه، إحداها حدث قبل ظهور النبي محمد عليه الصلاة والسلام، واثنين في العهدين الأموي والعباسي، وحادثة رابعة وقعت في سبعينيات القرن الماضي.
هجوم أبرهة الحبشي توثق كتب التاريخ، عام الفيل الذي مر على مكة المكرمة وشهد محاولة لهدم الكعبة المشرفة كأول حادث من نوعه دفع زوار المكان المقدس لتركه والاحتماء في الجبال القريبة، مع تباين الروايات حول تاريخ تلك الحادثة التي يقول مؤرخون إنها وقعت في العام 570 ميلادي، فيما يعتقد مؤرخون آخرون أن الهجوم حدث بين عامي 568 و 569 ميلادي.
ويمتد التباين في الروايات حول دوافع الهجوم أيضا، والذي قاده أبرهة الحبشي من مملكة أكسوم (الحبشة) وكان يومها يحكم اليمن، واستهدف تدمير الكعبة المشرفة ليجبر العرب وقريش على الذهاب إلى معبد أو كنيسة بناها وتسمى ”القليس“ باللغة الحميرية التي كانت سائدة في اليمن آنذاك، بعد أن أبدوا عدم اهتمام بـ ”القليس“، واستهتارا بها وفق بعض الروايات.
ووفق روايات التاريخ متعددة المصادر، جهّز أبرهة الحبشي جيشا كبيرا ضم في صفوفه حيوانات الفيلة الأفريقية التي لم يكن للعرب آن ذاك خبرة في التعامل معها، فثار الهلع والخوف في نفوس سكان مكة وابتعدوا عن الكعبة.
وفشل الهجوم على الكعبة بعد أن هاجمت طيور غريبة الشكل جيش أبرهة، ورمته بالحجارة، وأجبرته على الفرار، وهي رواية مستمدة من تفسير علماء الدين لسورة ”الفيل“ من القرآن الكريم، فيما تقول روايات أخرى إن الفيلة رفضت أيضا التوجه نحو الكعبة.
وليست تلك الروايات والتفسيرات لذلك الهجوم هي كل شيء، بل ثمة روايات أخرى، بينها أن عبدالمطلب جد الرسول عليه الصلاة والسلام، جاء إلى أبرهة الحبشي في طريقه إلى مكة، وطلب استرداد قطيع من الإبل وقع بيد جيشه، فتعجب القائد الحبشي من عدم اهتمام عبدالمطلب بمصير الكعبة واهتمامه بإبله، ليرد الرجل المكي بعبارة شهيرة متناقلة في التاريخ الإسلامي مفادها: ”أنا رب الإبل، وللبيت رب يحميه“.
العهد الأموي شهدت بداية الحكم الأموي للدولة الإسلامية، تدمير أجزاء من الكعبة المشرفة في عهد عبد الملك بن مروان، حيث هاجم جيشه بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي، مدينة مكة للقضاء على حكم عبد الله بن الزبير بن العوام.
وحاصر الجيش مدينة مكة في العام 73 للهجرة أي 693 ميلادي، وضرب الكعبة بالمنجنيق فاحترقت وتهدمت أجزاء منها، قبل أن يعاد ترميمها وفق الروايات التاريخية المتعددة.
ورغم كثرة ما كتب عن تلك المرحلة، إلا أن غالبية الروايات تجمع على أن الصلاة عند بيت الله الحرام أو أداء مناسك العمرة، توقفت خلال الهجوم الذي استخدم فيه جيش الحجاج ”المنجنيق“.
الكعبة البديلة ويُصنف هجوم جماعة القرامطة على المسجد الحرام والكعبة المشرفة، كثالث هجوم من نوعه على البيت العتيق، عندما هاجمت تلك الفرقة المكان المقدس في العام 317 للهجرة، الموافق لعام 930 ميلادي.
وقع الهجوم وفق الروايات التاريخية، أثناء موسم الحج، وتسبب بتعطيل أداء المناسك، وبدمار كبير في المكان، وخلف قتلى وجرحى تباينت الروايات حول أعدادهم، وذهبت بعضها لتحديدهم بعشرات الآلاف.
وتسبب الهجوم بخلع باب الكعبة المشرفة، وسرقة كسوتها، ونقل الحجر الأسود الذي يوجد في أحد جوانبها، إلى مركز دولتهم آنذاك، ويبقى هناك لمدة قاربت الـ22 عاما قبل أن يعود لمكة المكرمة.
حادثة جهيمان العتيبي وتعد حادثة جهيمان العتيبي التي وقعت يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1979، آخر الحوادث التي تسببت بإغلاق المسجد الحرام، وعاصر كثير من السعوديين أحداثها، وكتب الكثير عنها، قبل أن ترد في مسلسل تلفزيوني سعودي روى في بعض حلقاته جوانب منها.
فقبل نحو 40 عاما، اقتحم نحو 200 رجل يقودهم جهيمان العتيبي ومحمد القحطاني المنتميان لـ ”الجماعة السلفية المحتسبة“، الحرم المكي فجرا وسيطروا عليه بقوة السلاح، معلنين عن ظهور ”المهدي المنتظر“.
ونجحت السلطات السعودية في السيطرة على الوضع في الحرم الذي احتجز فيه آلاف المصلين، بعد نحو أسبوعين، لتنتهي تلك الحادثة بمقتل غالبية المهاجمين والقبض على الباقين منهم ومن ثم إعدامهم، بجانب سقوط قتلى ومصابين في صفوف رجال الأمن والمصلين.
المصدر: إرم نيوز