واعتذر عن الحديث عن عملية الاغتيال "في هذا الوقت بالذات وسيأتي الوقت المناسب لطرح كل الحقائق والنقاط على الحروف".
نشرت صحيفة 26 سبتمبر، الناطقة بأسم الجيش اليمني، حواراً مع العقيد علي يحيى السلطان، أحد قادة الحرس الشخصي للرئيس الراحل إبراهيم الحمدي، تحدث فيها عن علاقته بالرئيس الشهيد.
قال قائد الحرس الحرس الشخصي للرئيس الراحل إبراهيم الحمدي العقيد علي يحيى السلطان أن عملية اغتيال الحمدي "تآمر خارجي بحت نفذ عن طريق أيادٍ وقيادات محلية للأسف".
واعتذر عن الحديث عن عملية الاغتيال "في هذا الوقت بالذات وسيأتي الوقت المناسب لطرح كل الحقائق والنقاط على الحروف".
وأكد السلطان أنه سيأتي الوقت المناسب للحديث عن عملية الاغتيال، لكنه قال: "بالتأكيد هو مدون وسيكشفه التاريخ بين صفحاته وأصبح مفهوماً للكثير من أبناء الشعب".
"يمن برس" يعيد نشر الحوار..
حوار: محمد العلوي
> ما أبرز ما تختزله الذاكرة خلال مرافقتك للرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي؟
>> الرئيس ابراهيم الحمدي لي الشرف أني كنت إلى جانبه لسنوات، حيث وأن مثل تلك الشخصية القيادية نالت حب أبناء اليمن الى اليوم وتتناقل حبه الأجيال، الذي استطاع أن يتربع على قلوبهم لتوجهاته الوطنية الراقية الى بناء اليمن، في تلك المرحلة والفترة الهامة في تاريخ اليمن، عرف أبناء الشعب الرئيس الحمدي عن قرب كان بينهم دون حراسة ورسميات، لأنه جاء من وسط هذا المجتمع، كان مثقفاً لبق الحديث فصيح اللسان، يخاطب أبناء الشعب لتكون كلماته نابعة من القلب يترجمها بالأفعال على أرض الواقع، لديه طموحات ليس لها حدود، كان له استراتيجية فكرية وتنموية وخدمية مازالت الحكومات في بلادنا الى اليوم تنجز ما رسمه ذلك الزعيم الذي رسمها ليترجمها في غضون سنوات، دفع حياته فاتورة طموحه واستراتيجيته التي أقلقت البعض حين رأوا أن على يديه قد تنهض اليمن.
الجانب الآخر كانت فيه صفة التواضع والبساطة بروح المواطن البسيط حين كان يخرج من البوابة الخلفية متخفياً بدون أية حراسة في ظروف استثنائية كانت اليمن تعيشها، كنا نلاحق ونرصد تحركاته وعندما يشعر بنا يوبخنا، لأنه كان يحب ذلك كان واثقاً بنفسه ويردد باستمرار الفكرة التي اقتنع بها وهي مشهورة له في خطاباته وغيره «نحن خدام لهذا الشعب ولسنا مسؤولين نتعالى على هذا الشعب».
> كيف التحقت بحراسة الرئيس الحمدي؟
>> هذه لها قصة، كنت أحد ضباط المرور برتبة ملازم2 في حين لم يألف الكثير أن يرى ضباطاً في الجولات ينظموا حركات المرور في تلك الفترة، وعندما تشكلت الحركة التصحيحية في 13 يونيو 1974م بقيادة الرئيس ابراهيم الحمدي طلبني شخصياً حيث قال: أريد ذلك الضابط المرور الذي في جولة البلقة «شارع حدة» كان ذلك في ليلة الحركة تماماً طلبوني والتقيت في حينها بالرئيس الحمدي وتم تكليفي بتأمين سنترال المواصلات وطوال ثلاثة أشهر لم يتم خروجي منه الا نادراً، سألني الكثير من الاصدقاء والزملاء أين كنت.. كانت إجابتي:بالخارج نظراً لتغيير بشرتي كوني كنت في الشارع مهمتي تنظيم سير المرور، حينها كان قائد حرس الرئيس الحمدي نقيباً يدعى صالح المطري ولكن نتيجة لحدوث مشكلة بين المطري وأحد الاشخاص في مدينة السخنة أدت في الأخير الى مقتل ذلك الشخص كما يقال على يد المطري من خلالها تم حبس النقيب صالح المطري، وكنت برتبة نقيب تعينت قائداً لحرس الرئيس المقدم إبراهيم الحمدي، والمسؤول الامني عن تحركات الرئيس «قائد التحركات» في المناسبات والأعياد الوطنية وعن افتتاح المشاريع.
> من خلال قربك من شخص الرئيس الحمدي.. كيف كانت شخصيته كرئيس دولة وكقائد عسكري ومواطن بالدرجة الأولى؟
>> كل من عاصر فترة الرئيس الحمدي القصيرة بالتأكيد عرفه عن قرب، لأنه كان الأقرب الى الناس والى معاناتهم وأوجاعهم يتمتع بشخصية قيادية محنكة عرف ماذا يريد الشعب، إذ سعى ومن خلال أهداف حركة 13 يونيو المنبثقة من اهداف ومبادئ الثورة اليمنية أن يترجمها على أرض الواقع، ولا غرابة في ذلك أنه يمتلك رؤى مستقبلية في بناء الدولة اليمنية المدنية الحديثة التي كان قد وضع أسسها فعلاً، له علاقته الخارجية الواسعة التي لفت انتباه المجتمع الدولي إزاء سياسته الرامية الى بناء اليمن وهناك الكثير من الصفات والمناقب الحميدة، ولا ننسى في إيجاد الخطط الخمسية وشق العديد من الطرقات وتأسيس ما يعرف «التعاونيات».
> بأمانة وبصفتكم أحد الحراسات الشخصية لشخص الرئيس في تلك الفترة تعامله معكم كيف كانت؟
>> لم نشعر يوماً قط بأننا نتعامل مع شخص بحجم الرئيس الحمدي، كنا أكثر من إخوة لشخصيته المرحة المتفائلة كثيراً بخير الوطن أثناء تحركاتنا الى بعض المناطق في عمران وغيرها يأكل مما نأكل سوياً، استحوذ على حب المواطنين لدرجة السير بينهم بكل ثقة، ولو حاولنا إفساح المواطنين عنه أحياناً كان يغضب ويحتج لأننا نشعر بالخطر على حياته الا أنه رحمة الله عليه لم يفكر بذلك، كان يحاول أن يكون في قلب المواطنين يبادلهم التحايا بصفته رئيساً للجميع، قريب لكل المواطنين يقابلهم حين يأتوا الى منزله، كان يوجهنا قائلاً: «لا تردوا أحداً من باب منزلي» لم يؤمن يوماً بالفوارق الوظيفية ليحتجب عن أبناء شعبه، قريب لأي مواطن يستطيع أن يقابله في غضون ساعات وإذا هو منشغل يقابل الجميع اليوم الثاني بعكس ما هو حاصل اليوم لا تستطيع أن تقابل بما يساوي درجة مدير عام أو حتى شيخ.. أين نحن من ذلك.
> كم كانت أفراد حراسة الرئيس في تلك الفترة؟
>> لا تتجاوز ال85 شخصاً ما بين ضباط وصف وضباط وسائقين، كانت تحركاته لا تزيد عن 3 سيارات صغيرة وهو بسيارته الخاصة «فوكس واجن» يقودها بنفسه نتابعه متابعة في أغلب الأحيان.
صادق ومتميز
> ما الشيء المميز واللافت في شخصية إبراهيم الحمدي - الرئيس الانسان؟
>> بحد ذاته لم يدهشني فقط بل أدهش وتميز في فترة وجيزة أمام الشعب كان ذلك الصدق.. صادق فيما يقول ليس ما كان يقوله كلاماً مستهلكاً مناسباتياً.. ما جذب المواطنين إليه انه يتبع الأقوال بالافعال، وأذكر أني تقدمت اليه بطلب أرضية في عصر لتأمين مستقبل الأولاد في حالة لا سمح الله فقدوني.. كان رده بالقول: «أنت وابنك وابنك ابنك وكل أبناء الشعب سوف يحصلون على بيوت».. أدركت حينها أن نظرته نحو مستقبل كل أبناء اليمن بما يحمله من مشروع وطني يهدف بالمقام الاول لبناء الانسان وتوفير العيش الكريم لكل أبناء الوطن.
بالإضافة الى حفاظه على المال العام، حيث كان له سيارة تابعة للجيش كان يستخدمها من الصباح وحتى الظهر فقط ثم بعد ذلك يستخدم سيارته الخاصة.
> من أبرز زملائك الذين تتذكرهم؟
>> كنا من مختلف الوحدات العسكرية والأمنية وأتذكر منهم حسن عزيز، أحمد ابو منصر، جاء قائد حرس الرئيس بعدي وصالح المطري آخر، كان مع قاسم منصر، ومعوضة وهو قائد حرس الرئيس فيما بعد، وصالح القراني..لا يتجاوز عشرة ضباط، بالإضافة الى عبدالله عبدالقادر نائب قائد المنطقة المركزية وعبدالله الشمسي وهو سكرتير الرئيس، حتى الرئيس الحمدي لم يؤمن بشيء اسمه «الحرس الشخصي» أو قائد الحرس كنا بنظرة سواسية يكره الطائفية أو العنصرية القبلية تماماً.
> ممكن أن تطلعونا عن كيفية تحركات الرئيس الحمدي في إطار العاصمة أو إلى أية منطقة أخرى؟
>> بصراحة لم يبلغنا بتحركاته الا في حينه ما عدا في المناسبات والاعياد نتحرك قبل ذلك نؤمن المكان، واذكر في إحدى الزيارات التي جاءت الى محافظة ذمار حيث تجرى مناورة عسكرية هناك في معسكر العمالقة وعلى ما يبدو اننا تناولنا وجبة غذاء ملوثة أو مسمومة وأصبنا بألم شديد جميعنا في المعدة، وتوقف موكب الرئيس وتم معالجتنا.
> هل كان ذلك برأيك متعمداً في محاولة دس السم واستهدافاً للرئيس الحمدي؟
>> لا.. لا.. ولكن أصيب الكثير من قوات معسكر العمالقة.
> ألم يتم التحقيق في ذلك ومحاولة كشف وإظهار الحقيقة ومن يقف وراء ذلك؟
>> لم نكن في ذلك الوقت ولم ندرك أن ذلك قد يكون محاولة اغتيال في حين كان الشائع في تلك الاخطار تتمثل بالانقلابات حول شخص الرئيس لم تكن الاساليب السرية كالسم وغيره في تلك الفترة وسيلة للاغتيال في بلادنا، كنا متعودين أن يكون الرئيس بين المواطنين، بمعنى أن الثقة وحب الناس له لم يفكر أن أبناء شعبه سيغدرون به، لأنه وكما كان يؤكد دائماً أنه ليس دموي ولن ينجر الى مثل ذلك مهما حدثت من أحداث، لأنه يأخذ ثقته من الشعب وبادلهم ذلك.
> أثناء زيارته الى المحافظات.. هل يتم تجييش المواطنين لاستقباله كما يحدث في عصرنا الراهن؟
>> هناك فرق كبير .. الرئيس ابراهيم الحمدي وكما أسلفت بالذكر سابقاً أن المواطنين أحبوا هذا الرئيس من صميم قلوبهم وكانوا يخرجون طواعية وإلا لما تم ذكره اليوم ويترحم عليه كل من ذكر اسمه أو رأى صورته، في هذا دلالة إنه مازالت مآثره يتناقلها كل أبناء الوطن.
> ألم تخافون عليه وتشكلون حمايات سرية دون أن يعلم؟
>> هناك الكثير من الزملاء الحاصلين على دورات الامن والحماية، كان يرفض ذلك، كان يكتشف الحمايات السرية سواء المدنية أم العسكرية، في المناسبات والاعياد الوطنية كنت المسؤول المباشر عن الحمايات المدنية كحراسة المقدمات وعند الزيارات للمنشآت وغير ذلك ولكن كانت الأمور عادية جداً.
> هل صادفت مواقف أو محاولة القيام بأعمال تستهدف الرئيس؟
>> إطلاقاً ولم أصادف أي موقف وحتى بلاغ.. الكل كان يقدس الحمدي وليس لديه أي عدوانية مع أحد.
> ماذا عن زياراته غير الرسمية لاسيما الاجتماعية؟
>> طبعاً كان يحضر مختلف المناسبات ويلبي الدعوات للحضور ولمواطنين ومسؤولين على حد سواء أكانت أفراح زواج أو مراسيم عزاء وغير ذلك، في مثل ذلك كانت تقتصر حراسته من خمسة الى عشرة أشخاص فقط ودون أن تلفت انتباه الآخرين حراسته.
> الزيارات التي رافقت فيها شخص الرئيس.. وما هي آخر زيارة كنت الى جانبه؟
>> كما قلت واسلفت سابقاً كنت قائد حراسته لفترة ثم جاء بديلاً عني أحمد أبو منصر ثم جاء عبدالخالق معوضة، لم يتركنا الرئيس أو يستغني عنا، كلنا أمامه سواسية لا يوجد تمييز بين شخص وآخر وقد رافقته في كل زياراته وتحركاته..
أما آخر زيارة كنت الى جانبه أثناء زياراته لعدد من المحافظات صنعاء ثم ذمار، إب، تعز، ثم الحديدة، حتى عدنا الى صنعاء كان ذلك قبل استشهاده.. هذا بالاضافة الى زياراته المتعددة في مختلف محافظات ومناطق الوطن وفي عدد من لقاءاته الرامية لتحقيق الوحدة في قعطبة وتعز.
> هاجس إعادة تحقيق الوحدة لدى الرئيس الحمدي؟
>> بصراحة الوحدة كانت همه الاول الى جانب التنمية سيطرت على فكره وتفكيره، يريد أن يرد اعتبار الوطن طموحه الأهم في حياته، فكانت الوحدة حاضرة في كل أحاديثه الرسمية، أو العادية وهي حلم كان يصر على تحقيقه، ليدفع حياته ثمناً لتلك التطلعات التي طالما رسم أهدافها ويسعى جاهداً لترجمتها على أرض الواقع.
> لأكثر من ثلاثة عقود على استشهاده.. لماذا لايزال هذا القائد مسيطراً على عقول وقلوب عامة الشعب؟
>> كان من المفترض أن تسأل المواطنين عن ذلك، لأن شهادتي قد تكون مجروحة كوني أحد مرافقيه الشخصيين، ولكن وببساطة شديدة جداً لأنه ترك بصمات طيبة لإبراهيم الحمدي المواطن قبل أن يكون الرئيس كان صادقاً مع شعبه حين وضع خططاً تلبي طموحات الوطن والمواطن وأسس مداميكها وقطع أشواطاً كبيرة في البنية التحتية رغم الفترة الزمنية القصيرة، مازالت الاجيال الى اليوم تحلم بتحقيق مشاريعه التي وضعها للمستقبل البعيد، رحمة الله عليه- ذو نظرة بعيدة المدى يدرك ما يصبو اليه من مجالس تعاونية وخطط مستقبلية، وبالمناسبة الجميع يعرف أن الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي هو المؤسس الحقيقي للمؤتمر الشعبي العام وصاحب الفكرة، حيث كنا ذات مرة في مدينة تعز في 1975م تقريباً لا أذكر متى بالضبط، قال: «العام القادم هو عام المؤتمر لتشكيله» حيث كنت الى جانبه وهو يتحدث لمحافظ ذمار: يحيى مصلح، وأكد على ذلك في خطابه الذي ألقاه في 13يونيو بمدينة تعز.
> لو تطرقنا الى بداية التآمر لاغتيال الرئيس ابراهيم الحمدي..الى ماذا يعود برأيك؟
>> بصراحة لم نكن ندرك أن هناك تآمراً وهذا من اختصاص الاجهزة الاخرى «الاستخبارات» ولكن طموح الحمدي وتطلعاته ومحاولته في استقلال القرار السياسي اليمني وبناء الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية اعتقد أنها البداية للتآمر عليه، وللأمانة نحن كنا بعيدين عن السياسة .. همنا الاول والاخير هو تأمين حركات الرئيس رغم أن هناك خلافات ومعارضة داخلية إزاء سياسته التي لم ترق للبعض الاتجاه نحو تأسيس وبناء الدولة المدنية وتطبيق الانظمة والقوانين، لأنها أضرت بمصالحهم القائمة على العشوائية البدائية.. وبالمناسبة كانت تصل الى الرئيس تقارير عن مثل تلك من مؤامرات بناءً على معلومات، لكنه - رحمة الله عليه- لم يعرها أي اهتمام ولم يكن يؤمن بها .. يتجاهلها، لأنه يحمل قلباً أبيض لكل اليمنيين.. وكأنه يدرك ما يحاك ضده من تآمر، لذا كان دائماً يردد هذه الكلمات «ولست أبالي حين أُقّتل مسلماً على أي جنبٍ كان في الله مصرعي» في خطابته وغيرها.
> التآمر على اغتيال الرئيس كان خارجياً أم داخلياً؟
>> يدرك الجميع ذلك جيداً انه تآمر خارجي بحت نفذ عن طريق أيادٍ وقيادات محلية للأسف.
> كيف كانت علاقته مع القوى الداخلية وخصوصاً مشائخ القبائل؟
>> لم يكن للشهيد الرئيس الحمدي علاقات متعددة حين عامل جميع أبناء الشعب بعلاقة ونظرة واحدة صغيرة صغيراً كان أم كبيراً، شيخاً أو مواطناً، لم يؤمن بمبادئ الفئوية والمناطقية والقبلية .. وأذكر أنه حصل بينه وبين الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر أول خلاف، خرج الرئيس من صنعاء الى منطقة خمر وكنت مرافقه الوحيد وهذه شهادة لله تعالى بعد الظهر ولا يوجد أحد، وصلنا الى حوش منزل الشيخ عبدالله طلب مني مجاهد أبو شوارب أن انتظر الرئيس بالسيارة حين خرج مجاهد أبوشوارب لاستقبال الرئيس وجلس الرئيس لساعات، طبعاً لا أعلم طبيعة ما دار من حديث الاَّ أن الأهم من ذلك قلق عليه القادة أمثال مجاهد الكهالي قائد اللواء الأول مشاه وعبدالله عبدالعالم وعلي قناف زهرة، وحقيقة تفاجأنا بالقوات تحيط بخمر من كل الاتجاهات وانتشار واسع للمدرعات والدبابات اغتاض الرئيس الحمدي لذلك وقال لهم من الذي أمركم بمثل هذا؟
> شعروا بالخطر على حياة الرئيس؟
>> أكيد أحسوا بخطر خصوصاً كانت هناك بوادر خلاف بين الرئيس والشيخ الأحمر في بدايتها.
> ألم تعرف طبيعة ما دار في ذلك الاجتماع أثناء عودتك مع الرئيس؟
>> في ذلك الحين لم أعرف ما تم التحدث به في ذلك اللقاء، ولكن فيما بعد وكما قلت لك - حدث خلاف بين الرئيس والشيخ الاحمر تمخض عنه أن طلب المشائخ عقد اجتماع مع الرئيس في القصر الجمهوري، لكنه رفض دخول المشائخ الى القصر الجمهوري وحدد أن يكون الاجتماع في أرض مفتوحة وكان اللقاء ذلك في أراضي بعد التلفزيون وفعلاً عقد الاجتماع هناك.
عاصمة بدون سلاح
> وما الذي منع التقاء الرئيس بالمشائخ في القصر الجمهوري؟
>> على أساس ذلك أراد الحمدي أن يثبت أن المشائخ غير نافذون على الدولة، كنا نخجل أن يكون هناك سلاح نحمله وفعلاً عقد الاجتماع في أرضية مفتوحة ثم قام الشيخ طريق وألقى كلمة يحرض المشايخ على أن الرئيس الحمدي ضد المشايخ بالاضافة الى كلام طويل، حينها أكد الرئيس ابراهيم الحمدي في كلمته قائلاً: «قلوبنا بيضاء مثل هذه السماء البيضاء .. لسنا حاقدين على أي شيخ»، وأن صنعاء للجميع، وتم منع أي شيخ يدخل صنعاء بالسلاح ووجه قائد الشرطة العسكرية ذلك وقال لهم: الذي يريد أن يدخل صنعاء من المشايخ يترك السلاح ويتفضل بالدخول الى صنعاء سواء عبدالله بن حسين الاحمر أو من كان ويدخل في حماية الدولة، وهذا ما سبب في امتعاض الشيخ عبدالله الاحمر واتجه على إثرها الى حاشد، كذلك عقد اجتماع آخر في الحديدة بين الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر ومجاهد أبو شوارب وعدد من المشايخ وتم تسوية الخلاف بين الرئيس والشيخ الاحمر وطلعوا صنعاء مع بعض في حين رجع أبو وشوارب الى حجة حيث كان هناك.. وعندما رأى الشعب توجهات الحمدي نحو تذويب القبيلة واخضاعها لسلطة الدولة أيده ذلك حتى رفض أبناء الشعب المشايخ صاحبت توجهات الدولة الحازمة في إلغاء شؤون القبائل ووقف الدعم عن المشائخ.
> يعني ذلك خطوة جادة نحو إيجاد الدولة المدنية؟
>> فعلاً كانت هماً من همومه الطموحة كان يدرك خطورة وفوضوية أن يبقى المشائخ هم من يسيرون ويتحكمون احياناً بقرارات الدولة، وفي حين إذا تم بناء الدولة المنشودة كان هناك استعداد كبير لتسليمها لحكم مدني، بالإضافة الى حرصه على المال العام والاستدلال على ذلك كنت قائد حراسته - قسماً بالله العظيم ما معي مكافأة منه «حوالة» الا ألف ريال وقد تزيد خمسمائة ريال، حتى وأثناء زيارته الى مختلف الدول وعاد ببعض الهدايا يقوم بتسليمها للمتحف الذي يعد أول مؤسسة، قد بلغ كلفة ما تم تسليمه من الرئيس الحمدي للمتحف يزيد عن 64 مليون دولار من ذهب في تلك الفترة أي رجل ذلك فعلاً عاش عظيماً وبقي عظيماً في قلوب الناس أجمعين عرفه ومن لا يعرفه.
> القومية العربية عند الشهيد الرئيس ابراهيم الحمدي.. أين تكمن؟
>> تطلعاته عربية نفسه وضياء عينيه قومي للأمة هناك من كان يراه عبدالناصر اليمن ومتأثراً ومتفاعلاً لمختلف القضايا العربية.
> لو تحدثنا عن حادثة اغتيال الرئيس ابراهيم الحمدي وشقيقه عبدالله .. هل لنا أن نعرف الحقيقة كيف تمت حادثة اغتياله؟ وأين كنت حينها؟
>> أنا أعتذر عن الحديث في هذا الوقت بالذات وسيأتي الوقت المناسب لطرح كل الحقائق والنقاط على الحروف..
> بعد هذه الفترة ومازالت تتحفظ عن ذلك لأي شخص كان؟
>> سيأتي الوقت المناسب قلت لك..
> وإذا لم يأتِ الوقت بعد؟
>> بالتأكيد هو مدون وسيكشفه التاريخ بين صفحاته وأصبح مفهوماً للكثير من أبناء الشعب.
> وما قصة الفرنسيتين حين تم قتلهما؟
>> أولاً معروف عن ابراهيم الحمدي قبل أن يكون رئيساً أصلاً هو من أسرة متعلمة «قضاة» وهو رجل غني عن الشهادة وما تلك الحادثة الا جريمة أخرى للجناة، وهي تفاهة من قبل ضعفاء النفوس محاولين تلفيق له تهمة.. والحقيقة معروفة أنه كان «معزوماً» عند نائبه وهي واضحة لأبناء الشعب.
> ولكنك أحد أفراد حراسته وكنت قبل فترة قائداً لحراسته.. أين كنتم؟ ولماذا تركتم الرئيس الحمدي فريسة سهلة وضحية بين الجناة.. هذا رئيس دولة؟
>> عفواً منك .. لا أريد أن أدخل في هذا النقاش، لأنه توجد لها قنوات صحيحة لطرحها ومعروفة يفهمها الآخرون، وأنا أتحفظ بالتفاصيل ولكن أفراد حراسته لم يصدقوا كل ما قيل لهم، وإذا اتهمنا بالتقصير من قبل أية محكمة تستدعينا سندافع عن أنفسنا ونظهر الحقيقة كما هي.
اغتيال حلم وطن
> ما تفسيرك لحادثة اغتيال الشهيد الرئيس ابراهيم الحمدي والتوقيت لعملية الاغتيال قبل نهاية الى الشطر الجنوبي من الوطن؟
>> اعتقد أني ذكرت لك مسبقاً أن طموحه الكبير هو السبب الجوهري الذي أفقده حياته حين تم اغتيال حلم وطن وتطلعاته وسر نهضته، هناك بعض الدول لا نحب أن نذكر الاسماء كانت تخشى الرئيس الحمدي، حتى الجناة هم أدوات في تنفيذ الجريمة بحق الوطن ولذلك جاءت حادثة اغتياله بسرعة في غضون ساعات، لأنهم يعرفون جيداً لو حدث انقلاباً عسكرياً أو نفياً الى خارج الوطن بحق الرئيس الحمدي فإنه سرعان ما تثور حمم وبراكين الشعب وتزلزلهم من تحت أقدامهم، ولذلك كانت جريمة القتل البشعة أخزاهم الله نهاية لحلم التنمية الحقيقية للوطن.
> كيف استقبل أبناء الشعب اليمني ذلك.. وما ردة فعله؟
>> الشعب عرف من هم الجناة حتى أثناء دفن الشهيد الرئيس الحمدي كانت هناك موجة غضب عارمة وكانت أصابع الاتهام تتجه نحو الرئيس الغشمي وتم قذفه ورشقه ب......... واعتقد أن الجميع يعرف ذلك.
> هناك من يقول ان الجثث التي تم دفنها لم تكن هي نفسها للرئيس الحمدي وشقيقه؟
>> حقيقة لا نعلم ذلك، لم يراها احد ومن كان يتجرأ حتى على التأكد من ذلك خصوصاً بعد استشهاد الرئيس الحمدي كان من المستحيل ذلك، ويقال انه تم دفنهم في مقبرة الشهداء.
> بالنسبة لك.. ما موقفك من ذلك؟
>> اصبت بالذعر والذهول، وبصراحة قلقت على نفسي حتى هربت الى قبيلة اخوالي في خولان.
> الى اين اتجهت اليمن بعد ذلك الحادثة؟
>> ماذا تتوقع.. طبعاً تفشي الرعب والخوف في اوساط المجتمع بشكل عام من جهة والحزن والبكاء على استشهاد الرئيس ابراهيم الحمدي -رحمه الله- وانعدام الأمن والاستقرار لتتجه البلاد نحو الفوضى في مختلف الجوانب، لم تعد هناك سيطرة فعلية على الاوضاع العامة.
> بعد استشهاد الرئيس الحمدي بحادثة الغدر الجبانة، حدث هناك تمرد عبدالله عبدالعالم والانقلاب 10/1978م الفاشل.. هل اشتركت في ذلك؟
>> طبعاً لم اشارك في ذلك، لانها لم تكن محسوبة صح، ولو كان عبدالله عبدالعالم قاد ذلك الانقلاب «التمرد» في العاصمة كان باستطاعته تحقيق نتائج ايجابية اما انسحب بالقوة التي كانت تحت سيطرته الى تعز ليقود انقلاباً من هناك كان ذلك خطأ فادحاً ارتكبه عبدالعالم، في صنعاء كان الجميع متعاطفاً ومستاء ازاء مقتل الرئيس الحمدي وقد تشترك معه قوات اخرى.
اما انقلاب 1978م كنت حينها في لواء إب مدير ناحية هناك، وقد تنقلت في معظم مديريات المحافظة، ومكثت هناك وشاركت في التصدي لما يعرف «الجبهة» في العديد من المناطق الوسطى في «بعدان، القفر، دمت، العود».
> ما كان دورك هناك بالضبط؟
>> بصراحة عندما تشتد المعارك وتتعدد الجبهات كانت تسند اليَّ القيادة العدد من القطاعات العسكرية من قبل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وعندما تهداء المناطق من العمليات المسلحة كان يتم عزلي وتسلم القيادة لآخرين بتوجيهات من علي عبدالله صالح حينها.
> بما تفسر قولك هذا؟
>> كانوا يعتبروني احد المنتمين للناصريين ولم اكن اعرف الحزبية، كان الوطن اهم شيء.
> بعد احداث المناطق الوسطى.. الى أين ذهبت؟
>> مكثت بالبيت حتى تحقيق الوحدة اليمنية في 22مايو 1990م، ثم تم تعييني قائد المعسكر التدريبي لحراسة المنشآت وحماية الشخصيات، ثم المنشآت الحكومية والاقتصادية.
> ابرز ما واجهته في تلك الفترة بعد عودتك من محافظة إب؟
>> لا اخفيك ضعفاء النفوس وقليلي الفهم القاصر كانوا يستفزوني بالقول: «هذا كان مع الحمدي» طبعاً هذا فخر لي اني كنت مع رئيس دولة، ليس زعيم عصابة، حتى اذكر في احدى المرات وكان حاضراً اللواء علي محمد صلاح حين قال: هذا كان مع رئيس دولة وكلنا كنا مع رئيس دولة، لكن الحمدلله انا راضي عن نفسي تماماً واصبحنا مهمشين تماماً فيما بعد.
> ابرز المواقف التي لازالت تتذكرها النادرة والمضحكة في آن واحد؟
>> احدى المرات كنت امسك زجاجة العطر باليد اليسرى واستخدم العطر بالشمال.. خاطبني ليش ما تتعطر باليد اليمنى او هي مكسوره!! قلت له يا فندم انا «اشبط» قال الرئيس: أوه.. هذا اكتشاف.
حاولت في احدى المرات ان اغيض الرئيس الحمدي من باب المداعبة الكلامية مع الجميع التي كانت من صفاته وقلت له: قالوا: «.......................» و«هو مثل شعبي».. لانه من ثلاء.. اجابني «انا من عيال سريح ماناش من ثلاء.
في احدى الزيارات الى الحديدة كنت مرافقاً في سيارته ونسيت ان الرئيس الحمدي بيننا مع التعب والارهاق والسهر.. وحاولت ان اقلد مذيع الاخبار الاذاعية، حيث قلت: «وصل الاخ المقدم ابراهيم الحمدي في اطار زياراته التفقدية الى محافظة الحديدة بحفظ الله ورعايته» خاطب الرئيس مازحاً سائقه عبدالله الحمامي بان يرفع لي الصوت شويه..
كذلك في احدى زياراته الخارجية الى السودان.. كنت في مقر الاقامة، وتأخر الرئيس في اجتماعه مع النميري الى الثانية بعد منتصف الليل، وقمت عملت البطانية على الباب وصل حينها وسألته.. أين انت الى الآن؟ كنت انسى اني مع رئيس الجمهورية لبساطته وخفة دمه.. قال لي «روح نام»..
وذات مرة مع اننا خدمات «حراسة» ليلية واذا بالرئيس الحمدي جاء في المساء، وكنت متعب وكان يجلس مع الخدمات الليلية «الحراسات» حتى اني قلت له فندم ادخل نام والا اخذت البندق بدلي وادخل أنام.. فيه روح البساطة والتواضع والقبول بالآخر، لانه حكيم..
> ماذا تريد قوله في نهاية هذا اللقاء؟
>> الشهيد الرئيس ابراهيم الحمدي «الله يرحمه» كان يحب اليمن ولذلك وضع خططاً ذات رؤية مستقبلية ليصل بها الى مصاف الدول المتقدمة في حينه في غضون سنوات واللحاق بركب التطور والتقدم في بلدان المنطقة، هدف اولاً الى تنمية البشر، حتى اني اتذكر ذات مرة وهو يتفقد المشاريع حين قال: «ان اللوحات الخاصة بالمشاريع اكبر من المشروع نفسه».. وهدف الى التنمية واهم شيء من ذلك كله هو استخراج النفط والذي كان له اول تصريح اثناء زيارته الى السودان عندما التقى بالجالية اليمنية هناك. فالى جنة الخلد ايها الشهيد.. ولا نامت أعين الجبناء..
نشرت صحيفة 26 سبتمبر، الناطقة بأسم الجيش اليمني، حواراً مع العقيد علي يحيى السلطان، أحد قادة الحرس الشخصي للرئيس الراحل إبراهيم الحمدي، تحدث فيها عن علاقته بالرئيس الشهيد.
قال قائد الحرس الحرس الشخصي للرئيس الراحل إبراهيم الحمدي العقيد علي يحيى السلطان أن عملية اغتيال الحمدي "تآمر خارجي بحت نفذ عن طريق أيادٍ وقيادات محلية للأسف".
واعتذر عن الحديث عن عملية الاغتيال "في هذا الوقت بالذات وسيأتي الوقت المناسب لطرح كل الحقائق والنقاط على الحروف".
وأكد السلطان أنه سيأتي الوقت المناسب للحديث عن عملية الاغتيال، لكنه قال: "بالتأكيد هو مدون وسيكشفه التاريخ بين صفحاته وأصبح مفهوماً للكثير من أبناء الشعب".
"يمن برس" يعيد نشر الحوار..
حوار: محمد العلوي
> ما أبرز ما تختزله الذاكرة خلال مرافقتك للرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي؟
>> الرئيس ابراهيم الحمدي لي الشرف أني كنت إلى جانبه لسنوات، حيث وأن مثل تلك الشخصية القيادية نالت حب أبناء اليمن الى اليوم وتتناقل حبه الأجيال، الذي استطاع أن يتربع على قلوبهم لتوجهاته الوطنية الراقية الى بناء اليمن، في تلك المرحلة والفترة الهامة في تاريخ اليمن، عرف أبناء الشعب الرئيس الحمدي عن قرب كان بينهم دون حراسة ورسميات، لأنه جاء من وسط هذا المجتمع، كان مثقفاً لبق الحديث فصيح اللسان، يخاطب أبناء الشعب لتكون كلماته نابعة من القلب يترجمها بالأفعال على أرض الواقع، لديه طموحات ليس لها حدود، كان له استراتيجية فكرية وتنموية وخدمية مازالت الحكومات في بلادنا الى اليوم تنجز ما رسمه ذلك الزعيم الذي رسمها ليترجمها في غضون سنوات، دفع حياته فاتورة طموحه واستراتيجيته التي أقلقت البعض حين رأوا أن على يديه قد تنهض اليمن.
الجانب الآخر كانت فيه صفة التواضع والبساطة بروح المواطن البسيط حين كان يخرج من البوابة الخلفية متخفياً بدون أية حراسة في ظروف استثنائية كانت اليمن تعيشها، كنا نلاحق ونرصد تحركاته وعندما يشعر بنا يوبخنا، لأنه كان يحب ذلك كان واثقاً بنفسه ويردد باستمرار الفكرة التي اقتنع بها وهي مشهورة له في خطاباته وغيره «نحن خدام لهذا الشعب ولسنا مسؤولين نتعالى على هذا الشعب».
> كيف التحقت بحراسة الرئيس الحمدي؟
>> هذه لها قصة، كنت أحد ضباط المرور برتبة ملازم2 في حين لم يألف الكثير أن يرى ضباطاً في الجولات ينظموا حركات المرور في تلك الفترة، وعندما تشكلت الحركة التصحيحية في 13 يونيو 1974م بقيادة الرئيس ابراهيم الحمدي طلبني شخصياً حيث قال: أريد ذلك الضابط المرور الذي في جولة البلقة «شارع حدة» كان ذلك في ليلة الحركة تماماً طلبوني والتقيت في حينها بالرئيس الحمدي وتم تكليفي بتأمين سنترال المواصلات وطوال ثلاثة أشهر لم يتم خروجي منه الا نادراً، سألني الكثير من الاصدقاء والزملاء أين كنت.. كانت إجابتي:بالخارج نظراً لتغيير بشرتي كوني كنت في الشارع مهمتي تنظيم سير المرور، حينها كان قائد حرس الرئيس الحمدي نقيباً يدعى صالح المطري ولكن نتيجة لحدوث مشكلة بين المطري وأحد الاشخاص في مدينة السخنة أدت في الأخير الى مقتل ذلك الشخص كما يقال على يد المطري من خلالها تم حبس النقيب صالح المطري، وكنت برتبة نقيب تعينت قائداً لحرس الرئيس المقدم إبراهيم الحمدي، والمسؤول الامني عن تحركات الرئيس «قائد التحركات» في المناسبات والأعياد الوطنية وعن افتتاح المشاريع.
> من خلال قربك من شخص الرئيس الحمدي.. كيف كانت شخصيته كرئيس دولة وكقائد عسكري ومواطن بالدرجة الأولى؟
>> كل من عاصر فترة الرئيس الحمدي القصيرة بالتأكيد عرفه عن قرب، لأنه كان الأقرب الى الناس والى معاناتهم وأوجاعهم يتمتع بشخصية قيادية محنكة عرف ماذا يريد الشعب، إذ سعى ومن خلال أهداف حركة 13 يونيو المنبثقة من اهداف ومبادئ الثورة اليمنية أن يترجمها على أرض الواقع، ولا غرابة في ذلك أنه يمتلك رؤى مستقبلية في بناء الدولة اليمنية المدنية الحديثة التي كان قد وضع أسسها فعلاً، له علاقته الخارجية الواسعة التي لفت انتباه المجتمع الدولي إزاء سياسته الرامية الى بناء اليمن وهناك الكثير من الصفات والمناقب الحميدة، ولا ننسى في إيجاد الخطط الخمسية وشق العديد من الطرقات وتأسيس ما يعرف «التعاونيات».
> بأمانة وبصفتكم أحد الحراسات الشخصية لشخص الرئيس في تلك الفترة تعامله معكم كيف كانت؟
>> لم نشعر يوماً قط بأننا نتعامل مع شخص بحجم الرئيس الحمدي، كنا أكثر من إخوة لشخصيته المرحة المتفائلة كثيراً بخير الوطن أثناء تحركاتنا الى بعض المناطق في عمران وغيرها يأكل مما نأكل سوياً، استحوذ على حب المواطنين لدرجة السير بينهم بكل ثقة، ولو حاولنا إفساح المواطنين عنه أحياناً كان يغضب ويحتج لأننا نشعر بالخطر على حياته الا أنه رحمة الله عليه لم يفكر بذلك، كان يحاول أن يكون في قلب المواطنين يبادلهم التحايا بصفته رئيساً للجميع، قريب لكل المواطنين يقابلهم حين يأتوا الى منزله، كان يوجهنا قائلاً: «لا تردوا أحداً من باب منزلي» لم يؤمن يوماً بالفوارق الوظيفية ليحتجب عن أبناء شعبه، قريب لأي مواطن يستطيع أن يقابله في غضون ساعات وإذا هو منشغل يقابل الجميع اليوم الثاني بعكس ما هو حاصل اليوم لا تستطيع أن تقابل بما يساوي درجة مدير عام أو حتى شيخ.. أين نحن من ذلك.
> كم كانت أفراد حراسة الرئيس في تلك الفترة؟
>> لا تتجاوز ال85 شخصاً ما بين ضباط وصف وضباط وسائقين، كانت تحركاته لا تزيد عن 3 سيارات صغيرة وهو بسيارته الخاصة «فوكس واجن» يقودها بنفسه نتابعه متابعة في أغلب الأحيان.
صادق ومتميز
> ما الشيء المميز واللافت في شخصية إبراهيم الحمدي - الرئيس الانسان؟
>> بحد ذاته لم يدهشني فقط بل أدهش وتميز في فترة وجيزة أمام الشعب كان ذلك الصدق.. صادق فيما يقول ليس ما كان يقوله كلاماً مستهلكاً مناسباتياً.. ما جذب المواطنين إليه انه يتبع الأقوال بالافعال، وأذكر أني تقدمت اليه بطلب أرضية في عصر لتأمين مستقبل الأولاد في حالة لا سمح الله فقدوني.. كان رده بالقول: «أنت وابنك وابنك ابنك وكل أبناء الشعب سوف يحصلون على بيوت».. أدركت حينها أن نظرته نحو مستقبل كل أبناء اليمن بما يحمله من مشروع وطني يهدف بالمقام الاول لبناء الانسان وتوفير العيش الكريم لكل أبناء الوطن.
بالإضافة الى حفاظه على المال العام، حيث كان له سيارة تابعة للجيش كان يستخدمها من الصباح وحتى الظهر فقط ثم بعد ذلك يستخدم سيارته الخاصة.
> من أبرز زملائك الذين تتذكرهم؟
>> كنا من مختلف الوحدات العسكرية والأمنية وأتذكر منهم حسن عزيز، أحمد ابو منصر، جاء قائد حرس الرئيس بعدي وصالح المطري آخر، كان مع قاسم منصر، ومعوضة وهو قائد حرس الرئيس فيما بعد، وصالح القراني..لا يتجاوز عشرة ضباط، بالإضافة الى عبدالله عبدالقادر نائب قائد المنطقة المركزية وعبدالله الشمسي وهو سكرتير الرئيس، حتى الرئيس الحمدي لم يؤمن بشيء اسمه «الحرس الشخصي» أو قائد الحرس كنا بنظرة سواسية يكره الطائفية أو العنصرية القبلية تماماً.
> ممكن أن تطلعونا عن كيفية تحركات الرئيس الحمدي في إطار العاصمة أو إلى أية منطقة أخرى؟
>> بصراحة لم يبلغنا بتحركاته الا في حينه ما عدا في المناسبات والاعياد نتحرك قبل ذلك نؤمن المكان، واذكر في إحدى الزيارات التي جاءت الى محافظة ذمار حيث تجرى مناورة عسكرية هناك في معسكر العمالقة وعلى ما يبدو اننا تناولنا وجبة غذاء ملوثة أو مسمومة وأصبنا بألم شديد جميعنا في المعدة، وتوقف موكب الرئيس وتم معالجتنا.
> هل كان ذلك برأيك متعمداً في محاولة دس السم واستهدافاً للرئيس الحمدي؟
>> لا.. لا.. ولكن أصيب الكثير من قوات معسكر العمالقة.
> ألم يتم التحقيق في ذلك ومحاولة كشف وإظهار الحقيقة ومن يقف وراء ذلك؟
>> لم نكن في ذلك الوقت ولم ندرك أن ذلك قد يكون محاولة اغتيال في حين كان الشائع في تلك الاخطار تتمثل بالانقلابات حول شخص الرئيس لم تكن الاساليب السرية كالسم وغيره في تلك الفترة وسيلة للاغتيال في بلادنا، كنا متعودين أن يكون الرئيس بين المواطنين، بمعنى أن الثقة وحب الناس له لم يفكر أن أبناء شعبه سيغدرون به، لأنه وكما كان يؤكد دائماً أنه ليس دموي ولن ينجر الى مثل ذلك مهما حدثت من أحداث، لأنه يأخذ ثقته من الشعب وبادلهم ذلك.
> أثناء زيارته الى المحافظات.. هل يتم تجييش المواطنين لاستقباله كما يحدث في عصرنا الراهن؟
>> هناك فرق كبير .. الرئيس ابراهيم الحمدي وكما أسلفت بالذكر سابقاً أن المواطنين أحبوا هذا الرئيس من صميم قلوبهم وكانوا يخرجون طواعية وإلا لما تم ذكره اليوم ويترحم عليه كل من ذكر اسمه أو رأى صورته، في هذا دلالة إنه مازالت مآثره يتناقلها كل أبناء الوطن.
> ألم تخافون عليه وتشكلون حمايات سرية دون أن يعلم؟
>> هناك الكثير من الزملاء الحاصلين على دورات الامن والحماية، كان يرفض ذلك، كان يكتشف الحمايات السرية سواء المدنية أم العسكرية، في المناسبات والاعياد الوطنية كنت المسؤول المباشر عن الحمايات المدنية كحراسة المقدمات وعند الزيارات للمنشآت وغير ذلك ولكن كانت الأمور عادية جداً.
> هل صادفت مواقف أو محاولة القيام بأعمال تستهدف الرئيس؟
>> إطلاقاً ولم أصادف أي موقف وحتى بلاغ.. الكل كان يقدس الحمدي وليس لديه أي عدوانية مع أحد.
> ماذا عن زياراته غير الرسمية لاسيما الاجتماعية؟
>> طبعاً كان يحضر مختلف المناسبات ويلبي الدعوات للحضور ولمواطنين ومسؤولين على حد سواء أكانت أفراح زواج أو مراسيم عزاء وغير ذلك، في مثل ذلك كانت تقتصر حراسته من خمسة الى عشرة أشخاص فقط ودون أن تلفت انتباه الآخرين حراسته.
> الزيارات التي رافقت فيها شخص الرئيس.. وما هي آخر زيارة كنت الى جانبه؟
>> كما قلت واسلفت سابقاً كنت قائد حراسته لفترة ثم جاء بديلاً عني أحمد أبو منصر ثم جاء عبدالخالق معوضة، لم يتركنا الرئيس أو يستغني عنا، كلنا أمامه سواسية لا يوجد تمييز بين شخص وآخر وقد رافقته في كل زياراته وتحركاته..
أما آخر زيارة كنت الى جانبه أثناء زياراته لعدد من المحافظات صنعاء ثم ذمار، إب، تعز، ثم الحديدة، حتى عدنا الى صنعاء كان ذلك قبل استشهاده.. هذا بالاضافة الى زياراته المتعددة في مختلف محافظات ومناطق الوطن وفي عدد من لقاءاته الرامية لتحقيق الوحدة في قعطبة وتعز.
> هاجس إعادة تحقيق الوحدة لدى الرئيس الحمدي؟
>> بصراحة الوحدة كانت همه الاول الى جانب التنمية سيطرت على فكره وتفكيره، يريد أن يرد اعتبار الوطن طموحه الأهم في حياته، فكانت الوحدة حاضرة في كل أحاديثه الرسمية، أو العادية وهي حلم كان يصر على تحقيقه، ليدفع حياته ثمناً لتلك التطلعات التي طالما رسم أهدافها ويسعى جاهداً لترجمتها على أرض الواقع.
> لأكثر من ثلاثة عقود على استشهاده.. لماذا لايزال هذا القائد مسيطراً على عقول وقلوب عامة الشعب؟
>> كان من المفترض أن تسأل المواطنين عن ذلك، لأن شهادتي قد تكون مجروحة كوني أحد مرافقيه الشخصيين، ولكن وببساطة شديدة جداً لأنه ترك بصمات طيبة لإبراهيم الحمدي المواطن قبل أن يكون الرئيس كان صادقاً مع شعبه حين وضع خططاً تلبي طموحات الوطن والمواطن وأسس مداميكها وقطع أشواطاً كبيرة في البنية التحتية رغم الفترة الزمنية القصيرة، مازالت الاجيال الى اليوم تحلم بتحقيق مشاريعه التي وضعها للمستقبل البعيد، رحمة الله عليه- ذو نظرة بعيدة المدى يدرك ما يصبو اليه من مجالس تعاونية وخطط مستقبلية، وبالمناسبة الجميع يعرف أن الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي هو المؤسس الحقيقي للمؤتمر الشعبي العام وصاحب الفكرة، حيث كنا ذات مرة في مدينة تعز في 1975م تقريباً لا أذكر متى بالضبط، قال: «العام القادم هو عام المؤتمر لتشكيله» حيث كنت الى جانبه وهو يتحدث لمحافظ ذمار: يحيى مصلح، وأكد على ذلك في خطابه الذي ألقاه في 13يونيو بمدينة تعز.
> لو تطرقنا الى بداية التآمر لاغتيال الرئيس ابراهيم الحمدي..الى ماذا يعود برأيك؟
>> بصراحة لم نكن ندرك أن هناك تآمراً وهذا من اختصاص الاجهزة الاخرى «الاستخبارات» ولكن طموح الحمدي وتطلعاته ومحاولته في استقلال القرار السياسي اليمني وبناء الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية اعتقد أنها البداية للتآمر عليه، وللأمانة نحن كنا بعيدين عن السياسة .. همنا الاول والاخير هو تأمين حركات الرئيس رغم أن هناك خلافات ومعارضة داخلية إزاء سياسته التي لم ترق للبعض الاتجاه نحو تأسيس وبناء الدولة المدنية وتطبيق الانظمة والقوانين، لأنها أضرت بمصالحهم القائمة على العشوائية البدائية.. وبالمناسبة كانت تصل الى الرئيس تقارير عن مثل تلك من مؤامرات بناءً على معلومات، لكنه - رحمة الله عليه- لم يعرها أي اهتمام ولم يكن يؤمن بها .. يتجاهلها، لأنه يحمل قلباً أبيض لكل اليمنيين.. وكأنه يدرك ما يحاك ضده من تآمر، لذا كان دائماً يردد هذه الكلمات «ولست أبالي حين أُقّتل مسلماً على أي جنبٍ كان في الله مصرعي» في خطابته وغيرها.
> التآمر على اغتيال الرئيس كان خارجياً أم داخلياً؟
>> يدرك الجميع ذلك جيداً انه تآمر خارجي بحت نفذ عن طريق أيادٍ وقيادات محلية للأسف.
> كيف كانت علاقته مع القوى الداخلية وخصوصاً مشائخ القبائل؟
>> لم يكن للشهيد الرئيس الحمدي علاقات متعددة حين عامل جميع أبناء الشعب بعلاقة ونظرة واحدة صغيرة صغيراً كان أم كبيراً، شيخاً أو مواطناً، لم يؤمن بمبادئ الفئوية والمناطقية والقبلية .. وأذكر أنه حصل بينه وبين الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر أول خلاف، خرج الرئيس من صنعاء الى منطقة خمر وكنت مرافقه الوحيد وهذه شهادة لله تعالى بعد الظهر ولا يوجد أحد، وصلنا الى حوش منزل الشيخ عبدالله طلب مني مجاهد أبو شوارب أن انتظر الرئيس بالسيارة حين خرج مجاهد أبوشوارب لاستقبال الرئيس وجلس الرئيس لساعات، طبعاً لا أعلم طبيعة ما دار من حديث الاَّ أن الأهم من ذلك قلق عليه القادة أمثال مجاهد الكهالي قائد اللواء الأول مشاه وعبدالله عبدالعالم وعلي قناف زهرة، وحقيقة تفاجأنا بالقوات تحيط بخمر من كل الاتجاهات وانتشار واسع للمدرعات والدبابات اغتاض الرئيس الحمدي لذلك وقال لهم من الذي أمركم بمثل هذا؟
> شعروا بالخطر على حياة الرئيس؟
>> أكيد أحسوا بخطر خصوصاً كانت هناك بوادر خلاف بين الرئيس والشيخ الأحمر في بدايتها.
> ألم تعرف طبيعة ما دار في ذلك الاجتماع أثناء عودتك مع الرئيس؟
>> في ذلك الحين لم أعرف ما تم التحدث به في ذلك اللقاء، ولكن فيما بعد وكما قلت لك - حدث خلاف بين الرئيس والشيخ الاحمر تمخض عنه أن طلب المشائخ عقد اجتماع مع الرئيس في القصر الجمهوري، لكنه رفض دخول المشائخ الى القصر الجمهوري وحدد أن يكون الاجتماع في أرض مفتوحة وكان اللقاء ذلك في أراضي بعد التلفزيون وفعلاً عقد الاجتماع هناك.
عاصمة بدون سلاح
> وما الذي منع التقاء الرئيس بالمشائخ في القصر الجمهوري؟
>> على أساس ذلك أراد الحمدي أن يثبت أن المشائخ غير نافذون على الدولة، كنا نخجل أن يكون هناك سلاح نحمله وفعلاً عقد الاجتماع في أرضية مفتوحة ثم قام الشيخ طريق وألقى كلمة يحرض المشايخ على أن الرئيس الحمدي ضد المشايخ بالاضافة الى كلام طويل، حينها أكد الرئيس ابراهيم الحمدي في كلمته قائلاً: «قلوبنا بيضاء مثل هذه السماء البيضاء .. لسنا حاقدين على أي شيخ»، وأن صنعاء للجميع، وتم منع أي شيخ يدخل صنعاء بالسلاح ووجه قائد الشرطة العسكرية ذلك وقال لهم: الذي يريد أن يدخل صنعاء من المشايخ يترك السلاح ويتفضل بالدخول الى صنعاء سواء عبدالله بن حسين الاحمر أو من كان ويدخل في حماية الدولة، وهذا ما سبب في امتعاض الشيخ عبدالله الاحمر واتجه على إثرها الى حاشد، كذلك عقد اجتماع آخر في الحديدة بين الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر ومجاهد أبو شوارب وعدد من المشايخ وتم تسوية الخلاف بين الرئيس والشيخ الاحمر وطلعوا صنعاء مع بعض في حين رجع أبو وشوارب الى حجة حيث كان هناك.. وعندما رأى الشعب توجهات الحمدي نحو تذويب القبيلة واخضاعها لسلطة الدولة أيده ذلك حتى رفض أبناء الشعب المشايخ صاحبت توجهات الدولة الحازمة في إلغاء شؤون القبائل ووقف الدعم عن المشائخ.
> يعني ذلك خطوة جادة نحو إيجاد الدولة المدنية؟
>> فعلاً كانت هماً من همومه الطموحة كان يدرك خطورة وفوضوية أن يبقى المشائخ هم من يسيرون ويتحكمون احياناً بقرارات الدولة، وفي حين إذا تم بناء الدولة المنشودة كان هناك استعداد كبير لتسليمها لحكم مدني، بالإضافة الى حرصه على المال العام والاستدلال على ذلك كنت قائد حراسته - قسماً بالله العظيم ما معي مكافأة منه «حوالة» الا ألف ريال وقد تزيد خمسمائة ريال، حتى وأثناء زيارته الى مختلف الدول وعاد ببعض الهدايا يقوم بتسليمها للمتحف الذي يعد أول مؤسسة، قد بلغ كلفة ما تم تسليمه من الرئيس الحمدي للمتحف يزيد عن 64 مليون دولار من ذهب في تلك الفترة أي رجل ذلك فعلاً عاش عظيماً وبقي عظيماً في قلوب الناس أجمعين عرفه ومن لا يعرفه.
> القومية العربية عند الشهيد الرئيس ابراهيم الحمدي.. أين تكمن؟
>> تطلعاته عربية نفسه وضياء عينيه قومي للأمة هناك من كان يراه عبدالناصر اليمن ومتأثراً ومتفاعلاً لمختلف القضايا العربية.
> لو تحدثنا عن حادثة اغتيال الرئيس ابراهيم الحمدي وشقيقه عبدالله .. هل لنا أن نعرف الحقيقة كيف تمت حادثة اغتياله؟ وأين كنت حينها؟
>> أنا أعتذر عن الحديث في هذا الوقت بالذات وسيأتي الوقت المناسب لطرح كل الحقائق والنقاط على الحروف..
> بعد هذه الفترة ومازالت تتحفظ عن ذلك لأي شخص كان؟
>> سيأتي الوقت المناسب قلت لك..
> وإذا لم يأتِ الوقت بعد؟
>> بالتأكيد هو مدون وسيكشفه التاريخ بين صفحاته وأصبح مفهوماً للكثير من أبناء الشعب.
> وما قصة الفرنسيتين حين تم قتلهما؟
>> أولاً معروف عن ابراهيم الحمدي قبل أن يكون رئيساً أصلاً هو من أسرة متعلمة «قضاة» وهو رجل غني عن الشهادة وما تلك الحادثة الا جريمة أخرى للجناة، وهي تفاهة من قبل ضعفاء النفوس محاولين تلفيق له تهمة.. والحقيقة معروفة أنه كان «معزوماً» عند نائبه وهي واضحة لأبناء الشعب.
> ولكنك أحد أفراد حراسته وكنت قبل فترة قائداً لحراسته.. أين كنتم؟ ولماذا تركتم الرئيس الحمدي فريسة سهلة وضحية بين الجناة.. هذا رئيس دولة؟
>> عفواً منك .. لا أريد أن أدخل في هذا النقاش، لأنه توجد لها قنوات صحيحة لطرحها ومعروفة يفهمها الآخرون، وأنا أتحفظ بالتفاصيل ولكن أفراد حراسته لم يصدقوا كل ما قيل لهم، وإذا اتهمنا بالتقصير من قبل أية محكمة تستدعينا سندافع عن أنفسنا ونظهر الحقيقة كما هي.
اغتيال حلم وطن
> ما تفسيرك لحادثة اغتيال الشهيد الرئيس ابراهيم الحمدي والتوقيت لعملية الاغتيال قبل نهاية الى الشطر الجنوبي من الوطن؟
>> اعتقد أني ذكرت لك مسبقاً أن طموحه الكبير هو السبب الجوهري الذي أفقده حياته حين تم اغتيال حلم وطن وتطلعاته وسر نهضته، هناك بعض الدول لا نحب أن نذكر الاسماء كانت تخشى الرئيس الحمدي، حتى الجناة هم أدوات في تنفيذ الجريمة بحق الوطن ولذلك جاءت حادثة اغتياله بسرعة في غضون ساعات، لأنهم يعرفون جيداً لو حدث انقلاباً عسكرياً أو نفياً الى خارج الوطن بحق الرئيس الحمدي فإنه سرعان ما تثور حمم وبراكين الشعب وتزلزلهم من تحت أقدامهم، ولذلك كانت جريمة القتل البشعة أخزاهم الله نهاية لحلم التنمية الحقيقية للوطن.
> كيف استقبل أبناء الشعب اليمني ذلك.. وما ردة فعله؟
>> الشعب عرف من هم الجناة حتى أثناء دفن الشهيد الرئيس الحمدي كانت هناك موجة غضب عارمة وكانت أصابع الاتهام تتجه نحو الرئيس الغشمي وتم قذفه ورشقه ب......... واعتقد أن الجميع يعرف ذلك.
> هناك من يقول ان الجثث التي تم دفنها لم تكن هي نفسها للرئيس الحمدي وشقيقه؟
>> حقيقة لا نعلم ذلك، لم يراها احد ومن كان يتجرأ حتى على التأكد من ذلك خصوصاً بعد استشهاد الرئيس الحمدي كان من المستحيل ذلك، ويقال انه تم دفنهم في مقبرة الشهداء.
> بالنسبة لك.. ما موقفك من ذلك؟
>> اصبت بالذعر والذهول، وبصراحة قلقت على نفسي حتى هربت الى قبيلة اخوالي في خولان.
> الى اين اتجهت اليمن بعد ذلك الحادثة؟
>> ماذا تتوقع.. طبعاً تفشي الرعب والخوف في اوساط المجتمع بشكل عام من جهة والحزن والبكاء على استشهاد الرئيس ابراهيم الحمدي -رحمه الله- وانعدام الأمن والاستقرار لتتجه البلاد نحو الفوضى في مختلف الجوانب، لم تعد هناك سيطرة فعلية على الاوضاع العامة.
> بعد استشهاد الرئيس الحمدي بحادثة الغدر الجبانة، حدث هناك تمرد عبدالله عبدالعالم والانقلاب 10/1978م الفاشل.. هل اشتركت في ذلك؟
>> طبعاً لم اشارك في ذلك، لانها لم تكن محسوبة صح، ولو كان عبدالله عبدالعالم قاد ذلك الانقلاب «التمرد» في العاصمة كان باستطاعته تحقيق نتائج ايجابية اما انسحب بالقوة التي كانت تحت سيطرته الى تعز ليقود انقلاباً من هناك كان ذلك خطأ فادحاً ارتكبه عبدالعالم، في صنعاء كان الجميع متعاطفاً ومستاء ازاء مقتل الرئيس الحمدي وقد تشترك معه قوات اخرى.
اما انقلاب 1978م كنت حينها في لواء إب مدير ناحية هناك، وقد تنقلت في معظم مديريات المحافظة، ومكثت هناك وشاركت في التصدي لما يعرف «الجبهة» في العديد من المناطق الوسطى في «بعدان، القفر، دمت، العود».
> ما كان دورك هناك بالضبط؟
>> بصراحة عندما تشتد المعارك وتتعدد الجبهات كانت تسند اليَّ القيادة العدد من القطاعات العسكرية من قبل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وعندما تهداء المناطق من العمليات المسلحة كان يتم عزلي وتسلم القيادة لآخرين بتوجيهات من علي عبدالله صالح حينها.
> بما تفسر قولك هذا؟
>> كانوا يعتبروني احد المنتمين للناصريين ولم اكن اعرف الحزبية، كان الوطن اهم شيء.
> بعد احداث المناطق الوسطى.. الى أين ذهبت؟
>> مكثت بالبيت حتى تحقيق الوحدة اليمنية في 22مايو 1990م، ثم تم تعييني قائد المعسكر التدريبي لحراسة المنشآت وحماية الشخصيات، ثم المنشآت الحكومية والاقتصادية.
> ابرز ما واجهته في تلك الفترة بعد عودتك من محافظة إب؟
>> لا اخفيك ضعفاء النفوس وقليلي الفهم القاصر كانوا يستفزوني بالقول: «هذا كان مع الحمدي» طبعاً هذا فخر لي اني كنت مع رئيس دولة، ليس زعيم عصابة، حتى اذكر في احدى المرات وكان حاضراً اللواء علي محمد صلاح حين قال: هذا كان مع رئيس دولة وكلنا كنا مع رئيس دولة، لكن الحمدلله انا راضي عن نفسي تماماً واصبحنا مهمشين تماماً فيما بعد.
> ابرز المواقف التي لازالت تتذكرها النادرة والمضحكة في آن واحد؟
>> احدى المرات كنت امسك زجاجة العطر باليد اليسرى واستخدم العطر بالشمال.. خاطبني ليش ما تتعطر باليد اليمنى او هي مكسوره!! قلت له يا فندم انا «اشبط» قال الرئيس: أوه.. هذا اكتشاف.
حاولت في احدى المرات ان اغيض الرئيس الحمدي من باب المداعبة الكلامية مع الجميع التي كانت من صفاته وقلت له: قالوا: «.......................» و«هو مثل شعبي».. لانه من ثلاء.. اجابني «انا من عيال سريح ماناش من ثلاء.
في احدى الزيارات الى الحديدة كنت مرافقاً في سيارته ونسيت ان الرئيس الحمدي بيننا مع التعب والارهاق والسهر.. وحاولت ان اقلد مذيع الاخبار الاذاعية، حيث قلت: «وصل الاخ المقدم ابراهيم الحمدي في اطار زياراته التفقدية الى محافظة الحديدة بحفظ الله ورعايته» خاطب الرئيس مازحاً سائقه عبدالله الحمامي بان يرفع لي الصوت شويه..
كذلك في احدى زياراته الخارجية الى السودان.. كنت في مقر الاقامة، وتأخر الرئيس في اجتماعه مع النميري الى الثانية بعد منتصف الليل، وقمت عملت البطانية على الباب وصل حينها وسألته.. أين انت الى الآن؟ كنت انسى اني مع رئيس الجمهورية لبساطته وخفة دمه.. قال لي «روح نام»..
وذات مرة مع اننا خدمات «حراسة» ليلية واذا بالرئيس الحمدي جاء في المساء، وكنت متعب وكان يجلس مع الخدمات الليلية «الحراسات» حتى اني قلت له فندم ادخل نام والا اخذت البندق بدلي وادخل أنام.. فيه روح البساطة والتواضع والقبول بالآخر، لانه حكيم..
> ماذا تريد قوله في نهاية هذا اللقاء؟
>> الشهيد الرئيس ابراهيم الحمدي «الله يرحمه» كان يحب اليمن ولذلك وضع خططاً ذات رؤية مستقبلية ليصل بها الى مصاف الدول المتقدمة في حينه في غضون سنوات واللحاق بركب التطور والتقدم في بلدان المنطقة، هدف اولاً الى تنمية البشر، حتى اني اتذكر ذات مرة وهو يتفقد المشاريع حين قال: «ان اللوحات الخاصة بالمشاريع اكبر من المشروع نفسه».. وهدف الى التنمية واهم شيء من ذلك كله هو استخراج النفط والذي كان له اول تصريح اثناء زيارته الى السودان عندما التقى بالجالية اليمنية هناك. فالى جنة الخلد ايها الشهيد.. ولا نامت أعين الجبناء..