كشفت السلطات اليمنية عن رصد 120 حادثة انتحار خلال النصف الأول من العام الجاري، أودت بحياة 120 شخصا، بينهم 19 طفلا و24 امرأة، والبقية من الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 45 عاما.
ووفقا لإحصائية رسمية صادرة عن وزارة الداخلية اليمنية فقد أوضحت التقارير الأمنية اليومية خلال الفترة من الأول من يناير/كانون الثاني وحتى 30 يونيو/حزيران 2012 عن وقوع 118 حادثة انتحار، منها 51 حادثة ارتكبت عن طريق الشنق باستخدام الحبال والأقمشة.
وأبانت الإحصائية أنه ارتكبت 36 حادثة بواسطة الأسلحة النارية المختلفة، واستخدمت السموم في 17 حادثة، فيما أقدم 8 أشخاص على الانتحار بإحراق أنفسهم مقابل 6 حالات ارتكبت عن طريق استخدام السكاكين والآلات الحادة والقفز من أماكن عالية.
وأشارت الإحصائية إلى أن حوادث الانتحار المرصودة خلال النصف الأول من العام الجاري 2012م توزعت على 19 محافظة، ونجت منها محافظتين هما الجوف وشبوة .
وجاءت محافظة الحديدة في المرتبة الأولى بعدد 24 حادثة، تلتها محافظة تعز بـ 19 حادثة، ثم أمانة العاصمة 14 حادثة، فيما جاءت محافظة حجة في المرتبة الرابعة بـ 13 حادثة، ومحافظة مأرب حلت خامساً بعدد 6 حوادث انتحار.
وتوزع العدد الباقي من حوادث الانتحار التي وقعت خلال الفترة نفسها على المحافظات الأخرى وبأعداد متقاربة عدا محافظتي الجوف وشبوة التين لم يسجل فيهما أي حادثة من هذا النوع.
وأرجعت الإحصائية أسباب وقوع حوادث الانتحار إلى مشاكل أسرية واجتماعية واقتصادية، وإلى ظروف التمييز بين الفتيان والفتيات في الأسرة اليمنية إلى جانب المشاكل والضغوطات النفسية وانعدام أفق المستقبل أمام المنتحرين، بالإضافة إلى ضعف الوازع الديني.
وكانت الداخلية اليمنية كشفت مطلع العام الحالي عن أن 235 شخصا وضعوا حدا لحياتهم بالانتحار خلال العام 2011 مقابل 292 انتحروا في 2010.
وأشارت إحصائيات سابقة إلى أن ظاهرة الانتحار في اليمن قد حصدت ما يربو على 4100 حالة خلال الفترة من 1995 وحتى 2009.
ويرى خبراء علم النفس وعلم الاجتماع ان الظروف الاقتصادية الصعبة في اليمن تعد السبب الرئيسي وراء لجوء البعض للانتحار، إضافة إلى عوامل أخرى منها: ضعف الوازع الديني، وإدمان الخمور والمخدرات، والتحول غير المدروس على الثقافة الغربية باتخاذها منهجا، وهو ما يؤدي إلى حالة تفسخ أخلاقي ونفسي يمكن أن تنتهي بالبعض إلى الانتحار.
وتحدث لـ"العربية نت" الباحث الاجتماعي محمد الأطوعي قائلا: "يلاحظ أن العام المنصرم 2011 والذي شهد حركة احتجاجات شعبية وثورة شبابية سلمية مطالبة بالتغيير والإصلاح وقعت فيه حالات انتحار أقل مقارنة مع العام الذي سبقه 2010، الأمر الذي يعني أن تلك الاحتجاجات وما رافقها من متغيرات سياسية قد أعطت للناس الأمل بالخروج من واقعهم المؤلم وظروفهم التعيسة".
وتابع قائلا: "برغم أن تلك الاحتجاجات قد أفضت إلى انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة وفاق وطني، إلا ان الناس لم يلمسوا حتى الآن تحسنا في ظروفهم ومعيشتهم بل ازدادت الأمور تعقيدا، وتضاعف التدهور المعيشي للأسر اليمنية وإذا استمر أداء الحكومة على ما هو عليه فإن حالة من اليأس الشديد ستصيب المواطنين وبالتالي يمكن أن ترتفع وتيرة حالات الانتحار بشكل غير مسبوق".