الرئيسية / تقارير وحوارات / المرأة العدنية.. معاناة.. طموح.. وأشياء أخرى !
المرأة العدنية.. معاناة.. طموح.. وأشياء أخرى !

المرأة العدنية.. معاناة.. طموح.. وأشياء أخرى !

30 يونيو 2012 10:30 صباحا (يمن برس)
الآن والوطن اليمني الكبير يعيش أبناؤه بين التفاؤل واليأس، بين الطموح والإحباط لمعالجة كافة الإشكاليات واستكمال تنفيذ بنود الاتفاقية الخليجية.. وسط مساع محلية وإقليمية ودولية لتهيئة الأجواء والمناخات الملائمة لإشراك كافة القوى الوطنية بما في ذلك حضور المرأة الفاعل.

المرأة في عدن التي تتباهى بحضورها القوي في تجسيد المدنية منذ ما قبل الاستقلال هي اليوم تشكو المعاناة والتهميش والإقصاء الذي قلل من شأن دورها الفاعل، كما أفاد عدد من الباحثين والباحثات والشخصيات الأكاديمية والنسوية وماهو الدور المنوط بالدولة والحكومة لمعالجة وحل أوضاع المرأة وفي مقدمة كل تلك حقها في المساواة مع الرجل كمرشحة ومنتخبة واعتماد نظام "الكوتا" وفيما لا يقل عن 30 % في الانتخابات والمجالات المختلفة.. ابتداءً من قيادات الأحزاب والمشاركة في السلطات المختلفة.

استحقاق دستوري
ترى المرأة في محافظة عدن كما هي في بقية المحافظات بأنه آن الأوان الآن لتعطى المرأة حقها في المساواة فعلياً وإفساح المجال أمامها لخوض الانتخابات كناخبة ومرشحة بكل حرية مثلها مثل الرجل وعدم اعتبار هذه المسألة مجرد يافطة إعلانية للاستهلاك المؤقت ووسيلة لتحقيق غاية وأهداف سياسية منشورة.

ففي مجال استحقاقات المرأة الدستورية والقانونية.. يؤكد الأستاذ الدكتور عبدالوهاب شمسان، أن المشاركة السياسية للمرأة هو استحقاق دستوري وقانوني وأنه يجب العمل على إحقاق ذلك في الواقع العملي واتخاذ الإجراءات الكفيلة التي تتيح للمرأة ممارسة كافة حقوقها بحرية.

ويضيف قائلاً: إن المرأة لا تزال إلى حد كبير ممثلة تمثيلاً ناقصاً في معظم المستويات، لاسيما في الهيئات الوزارية والهيئات التنفيذية، وإن فقرات ومواد الدستور والقوانين ذات الصلة تحتوي نصوصا توجب مشاركة المرأة في الحياة السياسية على قدم المساواة مع الرجل إلا أن نصوص تلك القوانين تلفها الكثير من الضبابية والغموض الأمر الذي يتطلب إجراء جملة من التعديلات التي تواكب التطور الجاري في العلاقات الاجتماعية الحاصلة، وهذا ما نرجوه في الدستور الجديد والمنظومة القانونية المستقبلية أي إن الدستور الجديد والقادم يجب أن يتضمن جملة من التعديلات التي من خلالها تكفل الدولة إيجاد الفرص لجميع المواطنين رجالا ونساء على حد سواء سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً.

وأضاف شمسان: إنه ولكي يكون للمرأة مشاركة فعالة في العملية السياسية في اليمن فإنه من الأهمية بمكان الأخذ بنظام “الكوتا” باعتباره نظاما يشكل بل ويوفر حالة من المساواة ويعتبر وسيلة جادة لتخطي العقبات والحواجز التي تعيق مشاركة المرأة في العمل السياسي.

وحدد مبررات العمل بنظام الكوتا ـ بالنقاط التالية:

ـ الأفكار والمعتقدات والتنشئة الاجتماعية والأخلاقية واستمرارية التمييز السلبي ضد المرأة الذي لعب دوراً كبيراً في محدودية المشاركة الفعالة للمرأة في العملية السياسية وخاصة في الانتخابات كمرشحة.

ـ الضعف الكبير في حجم تواجد المرأة في مراكز اتخاذ القرار كمجلس النواب، الشورى، السلطة التنفيذية، المجالس المحلية، وهيئات القضاء والنيابة.

ـ عدم مساندة الناخبات للمرشحة من النساء واختيارها للرجل اعتقاداً منها بأنه الأكفأ.

وبالطبع فإن الأهم في كل ما يتعلق بنظام الكوتا هو إيجاده بالواقع؛ لذا ومن أجل تطبيق هذا النظام، ثم تأتي الأخذ بمجموعة من الأساليب والمستويات المتعارف عليها ومنها:

ـ قيام الحكومة تدريجياً في وضع النساء ذوات الكفاءة في المناصب السياسية والإدارية العليا بنسبة محدودة.

ـ تخصيص “الكوتا” مغلقة بنسبة معينة مثلاً “30 %” من المقاعد في مجلس النواب للنساء.

ـ تخصيص “الكوتا” تحدد نسبة من المقاعد التشريعية ويسمح للنساء فقط التنافس عليها مع السماح لهن بالتنافس خارج تلك المناطق.

ـ الأخذ بنظام الدوائر المغلقة التي لا تسمح بالتنافس إلا للمرأة.

ـ تنفيذ نظام “الكوتا” بطريقة غير مباشرة من خلال إجراء التعديلات في الدستور اليمني في قانون الانتخابات بدرجة أساسية واعتماد قانون التمثيل النسبي.

دور المرأة في المجالات وبناء الدولة المدنية
في إنجاز مهام التحولات وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة في اليمن.. يؤكد الأخ محمد قاسم نعمان، في ورقة عمل قدمها لمؤتمر المرأة بعدن بأنه لا يمكن الحديث عن الدور الذي لعبته المرأة اليمنية في مسار الحياة والتطورات المجتمعية التي شهدتها اليمن قاطبة دون أن نبرز الدور المتميز الذي لعبته المرأة العدنية السباقة إلى تطوير الحياة المدنية وتحقيق العديد من الاتصالات في مسار العمل الوطني والاجتماعي.

ويضيف قائلاً: لقد كان صوت النساء والفتيات عالياً وإسهامهن عظيماً مع حركة التغيير والثورة الشبابية الشعبية التي اندلعت في فبراير 2011م والتي حدثت بعد مرور 21عاماً على الوحدة؛ ولهذا كان التقدير العالمي لدور المرأة اليمنية متناسقاً مع عظمة وتميز وخلود هذا الإسهام العظيم الذي قدمته المرأة اليمنية لدعم ثورة التغيير التي قادها شباب وشابات ونساء ورجال وشيوخ وأطفال اليمن من خلال منح جائزة نوبل العالمي للسلام للمناضلة توكل كرمان؛ باعتبارها رمزاً من رموز المرأة اليمنية.

وعن دور المرأة العدنية يقول: الإقرار بالخصوصية التاريخية والثقافية والمدنية والجغرافية لمدينة عدن يستدعي الإقرار أيضاً بخصوصية وضع المرأة ومكانتها والدور المنوط بها خاصة في إطار مجتمعها المحلي، وإن حركة  التاريخ الاجتماعي والسياسي في مدينة عدن تنبئ أن للمرأة العدنية مكان الصدارة في الفعل والإسهام بدءا من ثلاثينيات القرن الماضي وأكثر متواصلاً ومتصاعداً ليصل حد الإسهام في حركة التحرير والاستقلال وبناء الدولة التي ولدت من رحم الكفاح الوطني والتحريري في الجنوب سابقاً فقد استطاعت المرأة في عدن أن تحقق العديد من المكاسب في التعليم والعمل وتكوين الأسرة وحمايتها وتواجدها في مختلف المواقع في السلطة وصنع القرار، وبالتالي لا يمكن أن نتجاهل الآثار السلبية الخطيرة، التي تجمعت مع وبعد حرب عام 1994م، واستهدفت أضعاف دور المرأة.

وما استعادة المرأة في عدن لدورها التاريخي والحضاري والإنساني ولتمكينها في الإسهام الفاعل في تنمية المجتمع وتطوره.. إلا من خلال تمكينها من التواجد والمشاركة في صنع القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وفي مقدمة هذه المواقع يجب أن يكون للمرأة حضور مشارك فاعلً في البرلمان ومجلس الشورى وفي جميع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وفي قيادة الأحزاب السياسية ومواقعها التنفيذية وفي مختلف مكونات المنظومة الجمعية ولضمان هذه المشاركة للمرأة لابد ومن الضرورة الاتفاق بين مختلف مكونات المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية من أجل دعم وصول المرأة إلى مجلس البرلمان والشورى ومختلف مواقع صنع القرار باعتماد مبدأ نظام الكوتا بحيث لاتقل نسبة حضورها ومشاركتها عن 30 %.

الآفاق المستقبلية لتحسين وضعية المرأة
وفيما يتعلق بالآفاق المستقبلية لتحسين وضعية المرأة في محافظة عدن ترى أ.د. سعاد عثمان عبدالرحيم يافعي، أن السياسات والخطط السنوية والخمسية وإستراتيجية تنمية المرأة التي قامت الدولة بإعدادها بدءا بالخطة الخمسية الثالثة والرابعة لإدماج المرأة في العملية التنموية وتحقيق الشراكة والتعاون بين المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والوكالات المانحة وذلك بهدف مكافحة الفقر ومحاربة الفساد في موقع السلطة واتخاذ القرار وتسهيل إمكانية تجاوز الصعوبات المتمثلة بمنظومة القيم الاجتماعية والثقافية التي تحول دون وصول النساء إلى هذه المواقع وذلك لايمكن أن يتحقق إلا من من خلال:

ـ بناء القدرات للنساء وتمكينهن اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.

ـ الاهتمام بالكوادر الفنية وإعادة تأهيلهن على قضايا النوع الاجتماعي في التنمية.

ـ خلق علاقات تكاملية ومناصرة لقضايا المرأة والنوع الاجتماعي.. ولذلك لابد من رفع مستوى المشاركة للمرأة من خلال السعي الجاد للقضاء على أمية المرأة، وإعداد برامج تدريبية للمرأة في مختلف المديريات، وتوفير فرص عمل للنساء وفتح المجال أمام الخريجات وتأهيلهن حسب حاجة سوق العمل وتحقيق مبدأ المرونة ليساعد عمل المرأة، وتشجيع المرأة لإقامة مشاريعهن المختلفة والانخراط في التجارة والخدمات المختلفة وبنسبة لاتقل عن 40 %، بالإضافة إلى إعادة تأهيل العاملات، وتحسين وفرض إعادة تأهيل النساء وتمكينهن من الوصول إلى المواقع الإدارية والقيادية.

الدور التنويري لنساء عدن
أ‌. نجيب بابلي قال: المرأة في عدن لها دور تاريخي ونضالي ولهذا لابد من توثيق تاريخ المرأة في عدن سواء خلال فترة ما قبل الاستقلال أو الفترة مابعد عام 1990م.

فالمرأة العدنية أثبتت عبر المراحل المختلفة بأنها الأكثر فاعلية ومشاركة في مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية نشعر اليوم بغبن وكما يبدو لنا من خلال حوارات ونقاشات أوراق عمل المؤتمر المحلي للمرأة في عدن رغم قدم مساهمتها وتواجدها على مختلف الساحات الوطنية وبزوغ أسماء لشخصيات نسائية رائدات ليس على مستوى الوطن اليمني وحسب ولكن على مستوى الجزيرة والخليج.

بابلي وثق لنا بعض المواقف النسائية للمرأة في عدن فى سرد مقتضب ورد أن المرأة في عدن عملت في الخدمة المدنية من العقود الأولى للفترتين الماضيتين حيث ذكر أن خدمة المرأة في عدن تعتبر سابقة غير معهودة في كل مناطق الجزيرة والخليج كون عدن مجتمعاًَ مرئياً لا تأثير فيه للقوى التقليدية وكون تركيبته النسائية يتضح أن رجال الخدمة المدنية جاءوا من كل حدب وصوب ومن نساء الخدمة المدنية والمتقاعدات في العقود الماضية، أورد عددا من الشخصيات النسائية منها مريم بنت قاسم “الميلاد 1880م” وتقاعدت عن العمل في 1919م.

وسعودة بنت قاسم “الميلاد 1884م” التقاعد 1927م.

وثابتة بنت يحيى “1903م” التقاعد 1927م.

والست نعمة بنت عبدالحبيب “1910م” التقاعد 1962م، والست عدلة حيدر سعيد وغيرهن كثيرات.

وأضاف بأن مدينة عدن حافظت على تميزها  في الحضور الأنثوي خلال الفترة الممتدة منذ ماقبل الاستقلال الوطني 1967م وحتى قيام دولة الوحدة عام 1990م إلا أن الطغيان الذكوري كما أورد طغى وأعاق تطور المرأة بعد حرب صيف 1994م وأورد مقارنة بين عدد الموظفين الثابتين في الجهاز الإداري والقضائي للدولة من العام 2004م و2009م حيث بلغ إجمالي المواطنين عام 2004م 60 ألفا و145 موظفاً ـ فيما عدد النساء 19 ألفا و220 موظفة بنسبة 31.95 % وفي عام 2009م 62 ألف موظف و164 موظفاً وعدد النساء 19 ألفا و959 موظفة بنسبة 32.11 % وكذلك بالنسبة للمرشحين في المحليات “493” مرشحاً و19 مرشحة فقط والفائزون لعضويات المجالس المحلية 176 فائزاً منهم سبع نساء فقط.

إلا أن نصيب المرأة في السلطة القضائية مقارنة بالرجل  بلغ عدد الرجال في السلطة القضائية 56قاضياً.. تقابلهم 22قاضية ومركز عدن في هذا السير متميز فقط كانت الراحلة القاضية الكبيرة والمحامية حميدة زكريا أول قاضية على مستوى الجزيرة العربية “1973م”.

ورأى الكاتب نجيب يابلي أن المجتمع التقليدي عامل معيق لانطلاق المجتمع المدني الذي تنتسب إليه المرأة في عدن وأنه لابد من تجاوز تلك المعوقات من خلال:

ـ فتح قنوات اتصال ووسائل إعلام فاعلة لإطلاع الرأي العام بواقع وطموح المرأة في عدن.

ـ إمكانية الاستفادة من رابطة العلماء والخطباء لتناول قضايا المرأة والدفع ببرامج المنظمات النسوية من خلال الاستفادة من مساعدات الدول والمنظمات المانحة.

ـ حشد الجهود لدفع المرأة وتمكينها في الوصول للبرلمان ومجلس المحافظة والمديريات وتوسيع مشاركتهن في المكتب التنفيذي.

رؤية شبابية لمستقبل وطن
بات الحوار الوطني عنوان المرحلة الحالية وحاجة أساسية وأداة وطنية في إطار الجهود المبذولة من كافة القوى الوطنية والرسمية لصناعة مستقبل الوطن والحفاظ على ثوابته الوطنية، فالحوار الوطني الشامل في جوهره هو استعراض لواقع الأزمة والقضايا التي تعرقل مسيرة البناء والنمو وإمكانية بحث سبل حلها من خلال عكس الاختلافات في الرؤى التحليلية والقراءات المتعددة السياسية والقانونية والاقتصادية مع الالتزام ببعض المطالب كما أوردتها كل من الأخت أشجان شريح ووهيبة السقاف في ورقتهما المقدمة للمؤتمر المحلي للمرأة بعدن، والتي نستعرض بعضا من تلك المطالب ومنها:

العمل على تجسيد أهداف ثورة الشباب وحرية التعبير وقبول الرأي الآخر وعدم إقصاء أي أفكار أو رؤى، وإتاحة الفرصة أمام الجميع بشكل عادل للتعبير عن الأفكار والسعي للوصول إلى نتائج محددة والتمثيل المناسب للشباب والمرأة، وأخيراً وجود ضمانات دولية وإقليمية، كما أفادت الورقة تقرير المصير لأبناء الجنوب.

وأفادت الورقة بأنه لابد من بناء الثقة بين جميع الأطراف المعنية ويجب على الحكومة بشكل خاص اتخاذ خطوات نحو تعزيز الثقة بينها وبين تلك الأطراف وبينها وبين عموم أبناء الشعب من جهة أخرى وذلك من خلال:
1ـ الاعتراف الصريح بما قام به النظام السابق من ممارسات ضد أبناء المحافظات الجنوبية.

2ـ الإسراع باتخاذ إجراءات تعويض أهالي وأبناء صعدة جراء المآسي والحروب الأهلية الست.

3ـ الاعتذار لمحافظة تعز والمناطق الوسطى على سنوات التهميش والإقصاء وتلبية مطالبهم العادلة والملحة بما في ذلك أبناء محافظتي مأرب والحديدة.

وفيما يخص محور الشباب استعرضت الورقة دور الشباب باعتبارهم  هم من فجروا ثورة فبراير وكذلك هو الحال بالنسبة للمرأة التي كان لها دور فاعل في المشاركة بالثورة الشبابية الشعبية السلمية.

وحيث إن الجميع يؤكد ضرورة انخراط المجتمع ولاسيما الشباب والمرأة في مؤتمر الحوار الوطني لأنه الخيار العقلاني والواقعي الكفيل بالوصول بالوطن إلى بر الأمان ولهذا فقد رأت المطالب:

التمثيل المناسب للشباب والمرأة في الحوار الوطني واللجان التحضيرية، والعمل على تمكين الشباب والمرأة في المشاركة الفاعلة في مختلف المجالات وتنمية قدراتهم ومهاراتهم القيادية وتدريبهم على صناعة واتخاذ القرار في الوقت المناسب.

اعتماد نظام الكوتا في هيكل الأحزاب لضمان إشراك الشباب، والمرأة في القرارات المهمة، الالتزام بخطة أمنية لإشراك الشباب والمرأة في الأحزاب السياسية، وتفعيل وسائل التواصل والاتصالات بين الأحزاب والمجتمع والشباب والمرأة بشكل خاص، وتأهيل الشباب والمرأة لتتولى مناصب قيادية عليا سواء في الأحزاب أو في الدولة.    
شارك الخبر