الرئيسية / تقارير وحوارات / الخيواني .. أنموذجا للإنسان اليمني المنتهك
الخيواني .. أنموذجا للإنسان اليمني المنتهك

الخيواني .. أنموذجا للإنسان اليمني المنتهك

06 سبتمبر 2007 07:04 مساء (يمن برس)
عبد الكريم محمد الخيواني. صحفي و سياسي من اليمن ولد سنة 1965م في مدينة تعز. درس الإقتصاد و العلوم السياسية في جامعة صنعاء. عمل رئيسا للدائرة السياسية في حزب الحق ورئيسا لتحرير صحيفة الأمة الصادرة عن نفس الحزب ثم رئيس تحرير صحيفة "الشورى" الأسبوعية الصادرة عن اتحاد القوى الشعبية. إشتهر بكتاباته الصحافية الجريئة في نقد النظام الحاكم في اليمن وسياساته. عبد الكريم الخيواني مثال علني يمكننا ان ندرس من خلال حالته الوضع العام لحقوق الانسان في اليمن مع الأخذ بالاعتبار أن مايحدث للخيواني ليس سوى تصرفات قمة في الأدب مقارنة بما يحدث لعامة الشعب لأن التصرفات التي تقوم بها الأجهزة البوليسية مع الخيواني تأخذ في حسبانها مكانة الخيواني الاعلامية وعلاقاته الخارجية وحبه الكبير في الوسط الإعلامي والحقوقي . · نشر عبد الكريم الخيواني ملفات في غاية الحساسية كان أهمها ملف (وطن في مهب التوريث) الذي أثار ردود أفعال واسعة وتسبب في عودة نجل الرئيس الأكبر –العقيد -حينها- أحمد علي عبد الله صالح – إلى الصف الثاني من صفوف النخبة الحاكمة بعد أن كانت نشرة الأخبار لاتخلوا من خبر واحد على الأقل كل يوم يتناول تحركات نجل الرئيس . · اعتقل عبد الكريم الخيواني لأول مرة في عام الفين وأربعة وبعد محاكمة صورية مخجلة وأدين بأكثر من تهمة بينها إهانة رئيس الجمهورية و حكم عليه بالسجن وإغلاق منبره الاعلامي الذي كان يصل من خلاله إلى جمهوره ثم خرج من السجن قبل انتهاء المدة التي حكمت بها المحكمة بأمر رئاسي مقابل سكوته لكنه عاود إصدار الصحيفة فما كان من النظام سوى السيطرة على مقر الصحيفة من خلال قوة أمنية( عصابة) سمحت لها وزارة الاعلام بإصدار الصحيفة وطباعاتها في مطابع الثورة الرسمية . · رأس عبد الكريم الخيواني تحرير موقع الشورى نت الإلكتروني بعد نهب الصحيفة الأمر الذي ازعج السلطات فحاولت بأكثر من طريقة منع الموقع من الاستمرار ورغم الضغوط التي لاقاها عبد الكريم من قيادة الحزب إلا أن الشورى نت استمر وبوتيرة عالية ماحدى بوزارة الاتصالات التي تسيطر على شبكة الإنترنت في اليمن إلى حجب الموقع عن المتصفحين في الداخل ما أثار موجة استياء صحفي تسببت في حملة إشهار للموقع فازداد نشاطه وأثناء الحرب الأخيرة في صعدة كان عبد الكريم الخيواني المتهم الأول في كشف جرائم القوات المسلحة بحق المواطنين في صعدة ماحدى بجهاز الأمن القومي إلى السعي لإدانته من خلال اعتقال الناشطة الحقوقية منى الخالد ومحاولة إقناعها بالشهادة ضد الخيواني مقابل أغراءات كبيرة الأمر الذي رفضته الخالد فقررت النيابة الجزائية سجنها وأفرج عنها بوساطة عبد الوهاب الانسي الأمين العام لحزب التجمع اليمني للاصلاح ومن ثم اختطف عبد الكريم الخيواني من غرفة نومه بعد يومين من الإفراج عن منى الخالد . · اختطاف الخيواني من غرفة نومه وبطريقة فضيعة يأتي تصرفا عاديا من قبل العناصر التي تعتبر هذا التصرف هو التصرف الطبيعي وتتعامل مع المواطنين باعتبارهم أدوات لإشباع غرائزهم العدوانية فالخيواني الذي اقتحم بيته وضرب أطفاله وصودرت أشياء مهمة من مملتكاته مثل جهاز الكمبيوتر الشخصي وصوره العائلية وكمراته ومسودات من مقالات لم تجد طريقها للنشر لم يكن فارا من وجه العدالة ولم يسبق أن وجه له طلب بالحضور إلى أية جهة رسمية ولم يسبق أن وجهت له تهمة فقد كان قبل يوم واحد متواجدا أمام رئاسة الوزراء معتصما مع عشرات الصحفيين والحقوقيين في ساحة الحرية للتنديد بالانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيين وللمطالبة بتحرير وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة واحترام حق الأفراد والمنظمات والأحزاب في امتلاك وسائل الإعلام وفقاً للدستور والقانون ولم يسبق له ان شارك في أعمال عنف أو مقاومة للسلطات العامة ومع ذلك تم اختطافه دون أمر نيابة .. أمر النيابة حرر لاحقا بحضوره وحرر معه أمر بتفتيش منزله الذي كان قد فتش سابقا بحسب شهادة المحامي خالد الانسي المدير التنفيذي للهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات "هود". دخل عناصر الأمن القومي إلى بيت الخيواني مرتدين الزي المدني وفتحت لهم ابنته الباب عندما قال لها أحدهم أنه موظف من الكهرباء جاء لتسليم فاتورة الكهرباء وملاحظة العداد وفجأة انهالوا على طفلته ضربا وتوجهوا إلى غرفة نومه التي كان نائما فيها وباشروه ضربا وهو لايزال نائما اعتقادا منهم أن الضرب قد يودي بحياته لأنه أجرى عملية لشريانات القلب قبيل فترة بسيطة وبحسب بيان صادر عن منظمة هود فإنه و خلافاً للقانون رفضت النيابة التحقيق في الانتهاكات التي قام بها الأمن أثناء اعتقال الخيواني وتفتيش منزله، على الرغم من مشاهدة أثار جروح في أنحاء متفرقة من جسده ناتجة عن ممارسة عنف ضده أثناء اعتقاله واكتفت النيابة بتكليف الطبيب الشرعي بمعاينتها ورفع تقريره بشأنها والذي قام بزيارة الخيواني في سجنه بعد مرور 4 أيام على الاعتقال في الوقت الذي يفترض أن تتم المعاينة والكشف الطبي في يوم الواقعة حتى لا تزول تلك الأثار أو بعضها. ورغم طلب الخيواني تأجيل التحقيق معه وإثبات آثار الاعتداء عليه إلا أن رئيس النيابة لم يكن أمامه سوى خيار واحد وهو تحويل الخيواني للمحاكمة عملا بالأوامر وبعد ثلاث جلسات هزلية انسحب منها محاميه تم الإفراج عن الخيواني بضمان. · أدانت الفعاليات الحقوقية والمنظمات وتجمع أحزاب اللقاء المشترك حادثة اعتقال الخيواني اللاقانونية ورصدت حادثة اعتقاله في أكثر من تقرير إقليمي ودولي الأمر الذي دفع بمصدر مسئول بوزارة الداخلية إلى القول بأن حادثة اعتقال الخيواني لم تكن مخالفة للقانون وأن أجهزة الأمن تعاملت معه كما تتعامل مع أي مواطن يمني الأمر وهو صادق في الجزء الثاني من حديثة إذ أن هذه هي الطريقة التي تتعامل بها قوات الأمن مع المواطنين في كل القضايا فالسجون ممتلئة بسجناء خارج أحكام القضاء بأوامر متنفذين ومليئه بالرهائن الذين يعتقلون على خلفية هروب أقاربهم من قضايا يلاحقون فيها . · خرج الخيواني من السجن بحالة نفسية وصحية سيئة وإصرار على مواصلة النضال فكتب مقالات جديدة يكشف بها واقع السجن الفضيع وينشر حالات ظلم تعسفي بحق مظلومين يقبعون في السجن منذ عشرات السنين ويعرض حالات نصب واحتيال على سجناء كانوا مستثمرين وآخرين مسجنونين في قضايا أغلقت ملفاتها وأعلن أنه تم الافراج عن كل المسجونين على ذمتها في مقالات منشورة في صحف أهلية وبدأ تحركا في الأوساط الحقوقية ونشط مجددا في الحراك السياسي ليختطف مرة أخرى .. هذه المرة اختطف إلى مكان مجهول تعرض فيه للاهانة والضرب والتهديد بقطع اصبعه التي يكتب بها وقتله هو وزوجته وأطفاله إن لم يلزم بيته ولا يتدخل في الحياة العامة . الخيواني الذي تركه خاطفوه في منطقة نائية بعيدا عن العمران جنوب العاصمة صنعاء وأوهموه أنه يقف على قمة منحدر سحيق وعليه أن يتمسك حفاظا على نفسه من الموت عاد إلى صنعاء بصعوبة مثخنا بجروح لم يبع نفسه للهروب منها قال للطبيب العراقي أنا مختطف ومضروب من قبل الأمن القومي فقال له الطبيب هذا ماجعلني أهرب من العراق إلى هنا وفي نفس يوم الاختطاف أشاعت مواقع الحزب وصحفه بيانا عن مصدر أمني يستهجن فيه ما أسماه مسرحية اختطاف الخيواني قائلا أن الخيواني ليس بالرقم الصعب ليتم اختطافه في إشارة إلى أن مهمة الأجهزة الأمنية هي اختطاف واغتيال الأرقام الصعبة . · عبد الكريم الخيواني ربما يكون هو الأسعد حظا بين المغضوب عليهم رئاسيا من النخبة السياسية فمن يغضب عليه الرئيس يجد نفسه مقتولا بلا قاتل ولا يسعف أحد حظه حتى بتسجيل القضية ضد مجهول إذا أن القضاء والقدر يتكفل بتغطية كل ما يحدث وليس على الأحياء سوى تقبل التعازي بقلوب مطمئنة بقدر الله وعيون خائفة وركب مرتعشة ثم يتسابقون لتقديم الولاء والطاعة لمن يعلمون جيدا أن له اليد الطولى في إرسال فقداء الوطن إلى عالم الغيب لكن عبد الكريم على الأقل لم يرسل بعد إلى هناك وإن كان في الوقت الحالي مرشح أكثر من أي وقت مضى ليكون أحد من تطالهم يد المشيئة بعد أن ازداد إزعاجه وأصبح رقما حقيقيا يتعامل معه الأوربيون ويذكرونه في محادثاتهم الرسمية مع الحكومة اليمنية .. يتحدثون عنه باعتباره أنموذجا بينما يفهم النظام الديكتاتوري أنهم يتحدثون عن شخص بعينه لا عن عيِّنة من ظاهرة وبالتالي فإن المخاوف تزداد من تعرض الخيواني وغيره من الصحفيين والحقوقيين للتصفية في المرحلة الحالية . · والخيواني هو الأسعد حظا بين الكثير من رفاقه وبين الأكثر من غالبية الشعب الذين يتعرضون للانتهكات التي تصل إلى حد التعذيب المؤدي إلى عاهات مستديمة والقتل والتعذيب المتخصص بتدمير الأعصاب وانتهاك الأعراض دون أن يجدوا بيان تضامن من منظمة هود أو بيان استنكار من صحفيات بلا قيود أو رسالة مستعجلة من منتدى الشقائق العربي .. هذه الثلاث الهيئات هي الأنشط في الساحة الداخلية والأكثر تعرضا للمضايقات الرسمية بسبب مواقفها الصريحة من الانتهاكات العلنية بحق المواطن بشكل عام وبحقهم هم بشكل خاص فالخيواني تجد معاناته تجاوبا حقوقيا ويجد ضغطا خارجيا وداخليا على النظام ما يحد من سقف الانتهاكات كما أن مايحدث في حقه من انتهاكات تعود بأثر سلبي على النظام بسبب الصدى الاعلامي التي تجدها واتساع رقعة الوعي التي تسببها معاناة الخيواني الذي يسلط الضوء بمعاناته على معاناتنا وألمه يكاد يكون توأما لمعاناة الآلاف الذين ينسحقون سريعا . · الوضع المخزي لحقوق الانسان في اليمن ذنب كبير على عاتق العالم الحر وعلى عاتق كل من يؤمن بحقوق الإنسان في العالم قبل أن يكون ذنبا على عاتق النظام وأتباعه من الغوغاء في الداخل لأن مايحدث من جرائم على مدار الساعة لم يكن ليحدث لو أن وقفة جادة وقفتها أية دولة من الولايات المتحدة الأمريكية التي لاتهتم بحقوق الانسان بقدر ماتهتم بالحرب على الإرهاب غير مدركة مقدار الترابط بين الحرية والوعي المدني ومقدار الخدمة التي يقدمها النظام للجماعات الارهابية من خلال تحطيم قدرة الانسان على الحياة وحلمة في الكرامة الأمر الذي يجعل منه ثائرا في وجه النظام العام فتحتظنه الجماعات الإرهابية وتوجهه بالاتجاه الذي ترغب به جزء من الحل تملكه الدول المانحة و مجموعة الثمان ..و الاتحاد الأوربي ..و أي منظمة جادة ترعى حقوق الانسان في الشرق الأوسط غير أن النظام لا يجد أي مطالبة حقيقية بتحسين واقع حقوق الانسان في اليمن مقابل ما يحصل عليه من مساعدات يضخم بها أرصدته في البنوك الأجنبية ويشتري بها القصور والجزر في أصقاع العالم بينما يعيش شعبه حياة قريبة من حياة سكان الأدغال في القرون الوسطى . إن الدكتاتورية هي الجذور العميقة التي يتغذى عليها الارهاب ولا جدوى من الحرب ضد الإرهاب مالم تكن الحرب مستأصلة للجذور . موسى النمراني
شارك الخبر