الرئيسية / تقارير وحوارات / ما السر في طاعة علي محسن لهادي وتمرد أحمد ؟
ما السر في طاعة علي محسن لهادي وتمرد أحمد ؟

ما السر في طاعة علي محسن لهادي وتمرد أحمد ؟

14 يونيو 2012 04:30 مساء (يمن برس)
تدور في الكواليس عدة صيغ للقرارات المتعلقة بإزاحة كل من أحمد علي وعلي محسن , وعن الأعمال التي ستسند اليهما و التوقيت المناسب لإصدار القرارات التي تأخرت كثيراً, فهل ينتظر الرئيس هادي حادث سبعين جديد ليصدرها ؟ هل ينتظر مئة جثة أخرى ومئات الجرحى لينطق بها ؟

القائدان يمثلان العقبة الرئيسية أمام هادي لأية خطوات إصلاحية كبيرة على مستوى اليمن , فما تحت أيديهما من قوة مركزة في صنعاء كفيلة بتغيير مسار المعادلة في أي وقت , ولولا خلافهما والدعم الدولي والإقليمي الذي يتلقاه هادي لما صمد أمام أحدهما للحظات , بحكم عدم وجود قوةٍ يعوَل عليها في اللحظات الحرجة موالية له أو للشرعية الجديدة , يلعب هادي على تناقضاتهما دون أن يضع في اعتباره عامل الوقت والمتغيرات الإقليمية والدولية أو احتمال نجاح الوساطة التي يقودها بعض أعيان سنحان للإصلاح بينهما خوفاً من خسارة سنحان لامتيازاتها , طبعاً خلاف أحمد ومحسن ليس ايدلوجياً يصعب حله , هو خلاف مصالح يمكن التوصل لصيغة ما لحله في حالة أحس الطرفين بخطرٍ قد يطيح بمصالحهما وامتيازاتهما الاقتصادية والمعنوية المستمدة من القوة الضاربة التي تحت ايديهما .

طبعاً ما يعيق عزلهما هو تمسك أحمد علي بموقعه في مقابل استعداد علي محسن الأحمر لمغادرة منصبه فور صدور قرار هادي , موقف الطرفين هذا ليس مرتبط بمدى احترامهما للشرعية الجديدة المتمثلة في هادي , إنما بمدى قدرة كل طرف في الالتفاف على قرار هادي والمحافظة على نفوذه عبر تحكمه في القوات التابعة له من المنصب الجديد الذي سيعين فيه .

أحمد علي بحكم سنه وكونه نزل بالبرشوت على قيادة الحرس فعلاقته مع القادة وكبار الضباط الأقدم منه رتبة والأكبر منه سناً وحتى مع الجنود مشوهة , فقد كان مقبولاً بالنسبة لهم بحكم الأمر الواقع أيام حكم والده الرئيس المخلوع , لكن وبعد المتغيرات التي حصلت فليسوا مجبرين على الاستمرار في الولاء لضابط لا يساويهم في الأقدمية أو الشهادات العسكرية العليا كما أنه أصغر منهم سناً بل وفي عمر أولادهم , إضافة الى أن تعامله معهم في السنوات الماضية كان كتعامل الولد الكبير مع موظفين في شركة والده , فقد عَمل على تقليص الفساد داخل الحرس وألغى الامتيازات المادية والمعنوية التي كان يحظى بها القادة وكبار الضباط , كما أن علاقة أحمد ضعيفة بالقبائل ولا توجد له امتدادات , لذلك فبمجرد عزله سيفقد تماماً تحكمه في أي من الألوية التابعة له وهو يدرك ذلك الأمر جيداً لذا يتمسك بمنصبه حماية له ولعائلته ولثرواتهم , وعلى العكس من ذلك فعلاقة علي محسن قوية جداً بضباط وقادة الفرقة وأفرادها لعدة اسباب , فهو من بنى الفرقة ويعرف كل ضابط منذ نعومة أضفاره بمعنى أن تجربته معهم طويلة جداً وولائهم له راسخ , فهو ولي نعمتهم , وأقدم منهم وخبرته العسكرية طويلة لا ينافسونه فيها , ولا يحسون بغيرة تجاهه , إضافة الى أنه مرن جداً في تعاطيه مع الفساد , بل إنه يصنعه فيهم , كما أنه منح الكثير منهم أراضي من التي كان يسطوا عليها سواء من أموال الدولة أو المواطنين , وهذا يعني أن مصيرهم ومصير ممتلكاتهم مرتبط ببقاء نفوذ علي محسن وهيبته , إضافة الى وجود رابط عقائدي وولاء ديني بين محسن وفرقته – تشبه البيعة لدى الإخوان المسلمين - حيث أنه لم يكن يقبل فيها خصوصاً من الضباط الا من يثبت ولائه العقدي لمنهجه وبغضه لمن يسميهم بالروافض ( الزيود والهاشميين ) الذين يستلم محسن مبلغ عشرة ملايين ريال سعودي من اللجنة الخاصة السعودية لمحاربتهم , لذلك فأغلب عناصر التوجيه المعنوي في الفرقة من السلفيين , كما أن علاقة محسن قوية بالكثير من القبائل الذين اشترى ولائهم بالتجنيد وبالحالات الوهمية , ومن تلك المعطيات التي يعرفها محسن جيداً لأنه صنعها بدهاء , يظهر لنا سبب استعداده لتنفيذ القرار المرتقب , لأنه على ثقة تامة أنه سيضل مسيطراً على الفرقة من خلال منصبه الجديد المقترح كمستشار للقائد الأعلى للقوات المسلحة ولن يتمكن هادي من كبح جماحه , بل إن نفوذه قد يمتد الى بقية الوحدات ومنها الحرس الجمهوري بعد عزل أحمد , خصوصاً أنه على علاقة جيدة بالكثير من ضباط الحرس , لأنه ساهم قبل سنوات في تأسيس الحرس قبل ظهور أحمد الى الواجهة , ومحسن على درجة عالية من الدهاء بحيث يمكنه أن يحول منصبه الجديد الى مغناطيس لصلاحيات كثيرة , وللتذكير فقد كان محسن يعين وزراء وسفراء ومحافظين ومدراء مديريات وهو قائد فرقة ولا علاقة مباشرة له بتلك الامور , ولا زال الى اليوم يرسل خطاباته الى بعض الوزراء المحسوبين عليه وعلى الإصلاح بل والمحسوبين حتى على بعض الأحزاب الأخرى التي أغراهم بفساده .

قد يقول البعض أن مقارنتي بين أحمد ومحسن خاطئة من الأساس , إذ كان يتوجب علي أن أقارن بين محسن وصالح , بمعنى أن صالح هو من سيضل متحكماً في الحرس الجمهوري حتى بعد عزل ابنه , وللرد على ذلك أقول أن علاقة صالح بالحرس ليست كعلاقة محسن بالفرقة , فلا يوجد رابط عقائدي بين صالح والحرس , كما أن تولي أحمد للحرس لسنوات أضر بعلاقة والده بكبار الضباط والقادة , إضافة الى أن صالح كان فضاً في تعامله سواء مع قادة الحرس او الوحدات الأخرى أو حتى في تعامله مع القادة المدنيين للدولة من الوزراء وغيرهم , كما أنه كان سليط اللسان ويتعمد اهانتهم والمن عليهم وكسر هيبتهم بعكس تعامل علي محسن , إضافة الى أن صالح رئيس سابق ولن يعين كمحسن مستشاراً أو ما شابه ليبرر استمرار تعامله مع الوحدات العسكرية المختلفة .

ومن ما سبق يتضح لنا أن صالح وعائلته ومن والاهم محقين – بمعيار المصلحة الشخصية - في التمرد والتخوف من قرارات هادي سواء السابقة أو اللاحقة لإدراكهم مدى الضرر الذي سيلحق بهم في مقابل ازدياد شأن علي محسن الذي من الممكن أن ينهي معركته معهم بالضربة القاضية , وهذا ما سيجعلهم في مواجهة مع هادي وبالتالي مع المجتمع الدولي وسيظهر علي محسن كالحمل الوديع المطيع لهادي بينما الحقيقة أنه الخطر الحقيقي عليه بسبب امتداداته وتشعباته العسكرية والقبلية والدينية والحزبية .

ومن ما سبق أتمنى على الرئيس هادي أن يضع في باله النقاط التالية قبل إصدار قراراته المرتقبة :

1 ) عزل علي محسن من الفرقة وتعيينه في منصب عسكري آخر سيزيد من نفوذه وقد يمتد الى وحدات أخرى خصوصاً بعد عزل أحمد علي .

2 ) بقاء قادة الألوية والكتائب التابعة للفرقة في مناصبهم معناه بقاء علي محسن الأحمر حتى بعد عزله .

3 ) بقاء التوجيه المعنوي في الفرقة على حاله معناه بقاء الولاء لمحسن ومعناه أيضاً أننا نحارب الإرهاب في أبين ونربيه في صنعاء ومختلف المناطق .

4 ) استمرار الفساد عبر المرتبات الوهمية هو الرابط القوي بين محسن وقادة ألويته وضباطه كما أنه سر ولاء بعض القبائل له لذلك يجب معالجة هذا الموضوع ولو في وقت لاحق .

5 ) النقاط السابقة الخاصة بالفرقة ومحسن قد تنطبق بعضها على أحمد والحرس لكن بدرجة أقل .

6 ) من الخطأ تأخير إصدار القرارات فقد تحدث مصالحة ( صغرى ) سنحانية أو مصالحة كبرى ( حاشدية ) تقلب المعادلة تماماً , كما أنه من المحتمل أن تتغير الظروف الدولية او الإقليمية أو يتحول تحالف علي محسن والإصلاح الى قوة يصعب على هادي مواجهتها خصوصاً مع تمدد نفوذهم في الجنوب على حساب القوى الأخرى المشتتة .

7 ) بقاء الوحدات العسكرية دون دمج واعادة هيكلة سيؤدي الى استمرار الولاءات القديمة ,وسيعمق الانقسام في الجيش مما سيصعب محاربة القاعدة , وسيسهل أي تمرد أو انقلاب قادم على فخامته بمجرد هدوء عاصفة الربيع العربي .

*علي ناصر البخيتي
شارك الخبر