الرئيسية / تقارير وحوارات / الحوثيون يسيطرون على مفاصل الدولة اليمنية
الحوثيون يسيطرون على مفاصل الدولة اليمنية

الحوثيون يسيطرون على مفاصل الدولة اليمنية

27 ديسمبر 2014 10:18 صباحا (يمن برس)
خلافاً لكل التوقعات والتحليلات، جاء العام 2014 كارثياً على اليمن على الصعد السياسية والاقتصادية والامنية، حيث شهد سقوط الدولة وكل مؤسساتها بيد المسلحين الحوثيين، الذين قادوا تمردا في محافظة صعدة ضد السلطة المركزية لمدة ستة أعوام.
 
فمع نهاية العام 2013، تشكلت آمال عريضة على مؤتمر الحوار الوطني الشامل ونتائجه، وما ان حل العام الجديد حتى اعلن عن الوثيقة النهائية للحوار، والتي نصت على قيام دولة اتحادية من ستة اقاليم، وضمنت دستورا جديدا للبلاد يمنع تكرار المظالم التي وقعت اثناء حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
 
معضلة الجنوب
 
وباستثناء الوضع في الجنوب، وبروز معارضة لفكرة الدولة الاتحادية، فإن كل التحليلات السياسية ذهبت نحو التركيز على الجنوب باعتباره المعضلة التي تواجه قيام الدولة الاتحادية الجديدة، لجهة ان هناك اطرافا سياسية فاعلة في الساحة الجنوبية رفضت المشاركة في الحوار وتطالب بالانفصال عن الشمال، وغالبية من شارك من الجنوبين يطالبون بدولة اتحادية من اقليمين احدهما في الشمال والآخر في الجنوب.
 
فساد حكومي
 
الوثيقة النهائية لمؤتمر الحوار مددت الفترة ولاية الرئيس عبدربه منصور هادي، التي كان مقررا أن تنتهي في فبراير إلى حين انتخاب رئيس جديد بموجب الدستور الجديد الذي سيتم الانتهاء من وضعه والاستفتاء عليه قبل نهاية العام المقبل.
 
كما منحت الرئيس الصلاحيات الدستورية لإحداث تغييرات في الحكومة لتحقيق «الكفاءة والنزاهة والشراكة الوطنية»، بعد ان ادى «فساد» حكومة محمد سالم باسندوه الى سخط شعبي واسع ورفض دولي لتقديم المساعدات بسبب استمرار الفساد.
 
الوثيقة نصت على توسعة مجلس الشورى، وإضافة أعضاء جدد يمثلون الفئات المختلفة، وهذه الفئات هي فصائل الحراك الجنوبي المشارك في مؤتمر الحوار، وجماعة الحوثي التي لم تكن ممثلة .
 
واتفقت الاطراف المشاركة في الحوار على توسيع لجنة التوفيق، التي ستعمل كهيئة وطنية تمثل المكونات المختلفة التي شاركت بالحوار الوطني وتقوم بمراقبة تنفيذ مقررات الحوار الوطني، ومثل الجنوب فيها بـ 50 في المائة، و30 في المائة للمرأة و20 في المائة للشباب.
 
تحركات الحوثيين
 
وفيما كان المشاركون في الحوار يتحدثون بنشوة عن التجربة اليمنية الفريدة التي يمكن تطبيقها في مناطق تشهد ظروف مشابهة، كان الحوثيون قد بدأوا بتنفيذ خطة تصفية الجيوب المعارضة لهم في صعده، في خطوة ستؤدي بالنهاية الى وصولهم صنعاء، وان لم يكن الامر بالسهولة التي تمت بعد ذلك.
 
وبعد اربعة اشهر من حصار منطقة دماج والمركز التعليمي التابع للسلفيين، ابلغ الرئيس هادي الجماعة السلفية عجزه عن حمايتهم وطلب منهم مغادرة المنطقة، وهو ما تم حيث رحل الآلاف من المنطقة، وسيطر الحوثيون على هذا الجيب الذي نظروا اليه باعتباره وضعا شاذا في منطقة، يرون انها مغلقة على المذهب الزيدي، الذي يعتنقه الائمة الذين حكموا شمال اليمن.
 
نقل الالاف من السلفيين إلى صنعاء قبل أن يتم ترحيل حملة الجنسية اليمنية إلى محافظاتهم، فيما رحل الطلاب الأجانب إلى بلدانهم، وبذلك تمكن الحوثيون من إغلاق ملف الوجود السلفي في محافظة صعدة والذي استمر من بداية الثمانينات.
 
تمدد إلى عمران
 
وما ان انتهت الحرب على السلفيين، حتى تطلع الحوثيون الى محافظة عمران المجاورة لمحافظة صعدة، وبالتحديد الى قبيلة حاشد وزعامتها من عائلة الاحمر، لان القضاء على هذه الزعامة سيمهد الطريق للوصول الى مشارف صنعاء بأقل التكاليف.
 
وبدأت المواجهات بين مجاميع قبلية تنافس عائلة الاحمر، ودخل على الخط حلفاء صالح، وتمكن الحوثيون خلال اسابيع من اسقاط معاقل عائلة الاحمر واحد بعد اخر وفجروا منازلهم، ووصلوا الى مشارف مدينة عمران التي لا تبعد سوى خمسين كيلو مترا عن العاصمة.
 
الحوثيون، الذين تبين انهم كانوا قد اعدوا خطة اسقاط صنعاء او خصومهم من ال الاحمر في عمران وصنعاء، ذهبوا نحو اغلاق مداخل مدينة عمران تمهيدا لاسقاطها. وبعد خمسة اشهر من الحصار والمواجهات المتقطعة مع قوات الجيش، التي كانت تدين بالولاء للواء علي محسن الاحمر قائد الحروب النظامية ضد الحوثيين في صعدة، تمكنوا من اقتحام المدينة.
 
سقوط عمران كان مفاجئا وغير متوقع، لأن الرئيس هادي اعلن انها خط احمر، والدول الراعية للمبادرة الخليجية اكدت ان أي اقتحام للمدينة سيشكل تهديدا مباشرا للعاصمة، لكن الحوثيين فعلوها.
 
معضلة الأسعار
 
الرئيس هادي الذي لم يتمكن من انجاز اعادة هيكلة قوات الجيش، وانهاء الانقسام في صفوفها بين مؤيد للرئيس السابق، وهي اغلب القوات المرابطة في محيط العاصمة، وتلك المؤيدة للجنرال علي محسن الاحمر، والتي خسرت ابرز الويتها في عمران، تحمّل وزر فشل حكومة باسندوه وخضوعها لرغبات حزب الاصلاح وحلفائه، ولهذا ما ان قررت الحكومة رفع الدعم عن المشتقات النفطية حتى وجدها الحوثيون الفرصة السانحة للانقضاض على العاصمة.
 
مع حلول اغسطس، رفعت حكومة باسندوة اسعار المشتقات النفطية بنسبة زادت عن النسبة التي اقترحها البنك الدولي والدول المانحة، لكن القرار تحول الى مسمار في نعشها، حيث اقام الحوثيون مخيمات مسلحة في مداخل صنعاء الثلاثة وبجوار قوات الجيش التي تتولى حمايتها.
 
ومثلما استبعدت السلطات والكثير من المتابعين امكانية قيام الحوثيين باقتحام العاصمة كانت الجماعة قد اعدت العدة، وبالتحالف مع زعماء قبائل وضباط في الجيش من اتباع الرئيس السابق لاستكمال مهمة الانتقام من اللواء الاحمر وحزب الاصلاح.
 
وما إن حل الخامس عشر من سبتمبر حتى كانت المعارك تدور في ضواحي العاصمة، وامتدت الى اطرافها، وتمكنوا من الاستيلاء على التلفزيون الحكومي خلال ثلاثة أيام، وبعدها استولوا على مقر قيادة الفرقة الاولى المدرعة التي كان يقودها اللواء الاحمر.
 
اتفاق السلم والشراكة
 
في منتصف نهار 21 سبتمبر، وفيما كان الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في مكتبه بدار الرئاسة، ومعه قادة الحزب وكبار رجالات الدولة ينتظرون وصول ممثلي الحوثيين للتوقيع على اتفاق يجعلهم اصحاب الكلمة الفصل في قرارات الدولة، كانت معسكرات الجيش تنهار ومقر قيادتهم تستسلم، مقر رئاسة الحكومة ومبنى الاذاعة الرسمية وزارة الدفاع وغيرها تتساقط بيد أعداد بسيطة من المسلحين الحوثيين.
 
وفي المساء وبعد ان استكمل الحوثيون السيطرة على قلب العاصمة وأهم الوزارات والمصالح السيادية، وقعوا اتفاق الشراكة والسلم الذي كان الجميع يعتقد انه سيضع حدا لتوسعهم، لكن الجماعة استولت على كل محافظات وسط وشمال اليمن باستثناء محافظة مأرب، وفتحوا جبهات للقتال لم تتوقف.
شارك الخبر