في تطور مناخي صاعق يهز المملكة، سجلت محافظة طريف درجة حرارة 1°م فقط - أبرد من موسكو وأقارب - بينما تستعد 8 مناطق سعودية لمواجهة عاصفة جوية استثنائية تشمل ثلوجاً وأمطاراً غزيرة وصقيعاً لم تشهده المملكة منذ عقود. المركز الوطني للأرصاد يحذر: العاصفة تغطي مساحة تفوق 800 ألف كيلومتر مربع - أكبر من مساحة فرنسا وألمانيا مجتمعتين.

في مشهد يحبس الأنفاس، تحولت شوارع طريف إلى قطعة من القطب المتجمد، حيث يشاهد السكان أنفاسهم تتبخر في الهواء البارد للمرة الأولى منذ سنوات. "لم أر شيئاً كهذا في حياتي، الماء يتجمد في الأواني خارج المنزل" يقول أبو محمد، مزارع من طريف يبلغ 58 عاماً، وهو يرتجف من البرد القارس. فيما تستعد سارة الخالد، المصورة المتخصصة في الطبيعة، لتوثيق اللحظات النادرة لتساقط الثلوج على الجبال الصحراوية.

وخلف هذا المشهد الاستثنائي، تقف كتلة هوائية قطبية عاتية اجتاحت المملكة من الشمال، في ظاهرة تذكرنا بشتاء 1950 التاريخي الذي شهد تساقط ثلوج نادرة في قلب الجزيرة العربية. الدكتور ماجد العتيبي، خبير الأرصاد الجوية، يؤكد أن هذا التضافر النادر بين الرياح القطبية والتضاريس الجبلية خلق عاصفة مثالية تحول أجزاء من السعودية إلى مناظر شتوية خلابة. الأرصاد الجوية تتوقع استمرار هذا الطقس الاستثنائي لأيام، مع احتمالية تساقط ثلوج إضافية على مرتفعات تبوك وحائل.

وبين جمال المناظر الطبيعية النادرة والتحديات العملية، يواجه ملايين السعوديين واقعاً جديداً: من البحث المحموم عن الملابس الشتوية المنسية في الخزائن، إلى إلغاء الرحلات البرية خوفاً من الجليد على الطرق. خبراء الزراعة يحذرون من تلف المحاصيل وارتفاع أسعار الخضروات خلال الأسابيع القادمة، بينما يعيش الأطفال حالة من الفرح الممزوج بالدهشة لرؤية الثلج لأول مرة في حياتهم. فهد المطيري، سائق الشاحنات، يروي مشاهدته لتكون الجليد على الطريق: "في 40 عاماً من القيادة، لم أتخيل يوماً أن أرى الجليد في صحرائنا."

مع استمرار هذه العاصفة الجوية الاستثنائية التي تضرب 8 مناطق متزامنة، والتي وصفها خبراء الأرصاد بـ"الأكثر شمولية منذ عقود"، تبقى الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت المناخية. تأكدوا من الاستعداد للبرد واتخذوا جميع الاحتياطات اللازمة لحماية أنفسكم وممتلكاتكم. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل نشهد بداية تغير مناخي حقيقي يعيد تشكيل طقس المنطقة، أم أننا أمام ظاهرة استثنائية ستبقى في ذاكرة الأجيال؟