بعد سنوات طويلة من المعاناة والقلق المستمر، يتنفس آلاف الموظفين في القطاعات الحيوية الصعداء أخيراً. للمرة الأولى منذ شهور طويلة، وصلت مرتبات أكتوبر في موعدها المحدد إلى حسابات موظفي الصحة والتربية في ثلاث محافظات جنوبية، كقطرات المطر الأولى بعد جفاف طويل تبعث الأمل في نفوس العائلات المنتظرة.
أعلن بنك عدن الإسلامي رسمياً عن بدء صرف مرتبات شهر أكتوبر لآلاف الموظفين في قطاعي الصحة والتربية بمحافظة شبوة عبر فروع البريد اليمني، فيما شمل الصرف أيضاً موظفي مكاتب التربية والتعليم في محافظتي عدن ولحج. أحمد محمد، معلم في محافظة شبوة وأب لأربعة أطفال، لا يخفي فرحته: "أخيراً سأتمكن من دفع إيجار المنزل وشراء الدواء لأمي المسنة، هذا اليوم كنت أحلم به منذ أشهر". هذه الخطوة تأتي ضمن جهود مستمرة لتخفيف الأعباء المعيشية الثقيلة عن كاهل الموظفين.
تحمل هذه الخطوة دلالات عميقة في ظل أزمة اقتصادية خانقة تعصف بالبلاد منذ أكثر من 7 سنوات، حيث عانى الموظفون من انقطاع أو تأخير مستمر في صرف مرتباتهم. الدكتور ياسر الحميري، خبير اقتصادي، يؤكد أن "انتظام المرتبات خطوة محورية لاستقرار الاقتصاد المحلي واستعادة ثقة المواطن بالمؤسسات الحكومية". كالنور الذي يضيء في نهاية نفق مظلم طويل من المعاناة المالية, تمثل هذه الخطوة عودة الأمل لعائلات كاملة كانت تصارع لتأمين احتياجاتها الأساسية.
على أرض الواقع، تترجم هذه المرتبات إلى قدرة العائلات على تلبية احتياجاتها الأساسية من طعام ودواء وتعليم للأطفال. فاطمة علي، ممرضة في مستشفى عدن، تعبر عن مشاعرها قائلة: "هذا الراتب ليس مجرد أرقام، إنه كرامتي وقدرتي على الاستمرار في خدمة المرضى بروح معنوية عالية". سالم أحمد، موظف في مكتب التربية بلحج، يصف الأجواء في مكان عمله: "رأيت الفرحة تملأ وجوه زملائي، وسمعت أصوات الشكر تتردد في الأروقة".
- تحسن ملحوظ في الأداء المهني للموظفين
- عودة النشاط التجاري في الأسواق المحلية
- زيادة الإنفاق على الخدمات الأساسية
تمثل هذه الخطوة بداية حقيقية لاستقرار الخدمات العامة في المناطق المحررة، وتبعث برسالة أمل قوية للموظفين في المحافظات الأخرى. الخبراء يتوقعون أن تنعكس هذه الإيجابية على تحسن جودة الخدمات الصحية والتعليمية نتيجة ارتفاع الروح المعنوية للموظفين. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستكون هذه بداية عهد جديد من الاستقرار الوظيفي في اليمن، أم مجرد بارقة أمل مؤقتة في زمن الأزمات؟