60 دقيقة فقط... هذا كل ما احتاجته الطبيعة لتحصد 37 روحاً وتغرق مدينة بأكملها! بينما يعاني المغرب من جفاف امتد 7 سنوات، استطاعت ساعة واحدة من المطر أن تخلق أكبر كارثة فيضانات منذ سنوات في إقليم آسفي. في اللحظة التي تقرأ فيها هذه السطور، قد تكون المأساة التالية تتشكل في سماء مدينة أخرى.
مساء الأحد الماضي، تحولت آسفي من مدينة ساحلية هادئة إلى مسرح لكارثة مائية مروعة. خلال 60 دقيقة فقط من الأمطار الرعدية الاستثنائية، حصدت الفيضانات المفاجئة 37 حياة وأصابت 14 آخرين، منهم اثنان في العناية المركزة. فاطمة الزهراء (45 عاماً)، أم لثلاثة أطفال، جرفتها المياه الطينية أمام منزلها في المدينة القديمة بينما كانت تحاول حماية محلها التجاري الصغير. 70 مبنى ومحل تجاري غرقوا بالكامل، في مشهد وصفه شاهد عيان: "المياه تجرف السيارات كألعاب أطفال، والمدينة القديمة تحولت لبحيرة طينية مرعبة."
موقع آسفي الاستراتيجي على بعد 300 كيلومتر جنوب الرباط، على الساحل الأطلسي، يجعلها عرضة للعواصف المحيطية القوية. شوارع المدينة القديمة الضيقة تحولت إلى مصائد مائية قاتلة، حيث تحركت المياه بسرعة 40 كم/ساعة، أسرع من سيارة في شارع مزدحم. د. عبد الرحمن التازي، خبير المناخ في الجامعة المغربية، يحذر: "هذا التناقض بين الجفاف والفيضان هو الوجه الجديد للتغير المناخي في شمال أفريقيا، وهذا النمط المتطرف سيصبح أكثر تكراراً." الكارثة تحمل أوجه شبه مخيفة مع فيضانات البحر المتوسط الأخيرة في اليونان وتركيا.
أعلنت السلطات المغربية تعليق الدراسة في جميع المؤسسات التعليمية لثلاثة أيام كتدبير احترازي، بينما تتواصل عمليات الإنقاذ والبحث عن مفقودين محتملين. خديجة بوعزة، معلمة ابتدائي، تروي: "رأيت الماء يرتفع أمام المدرسة خلال دقائق، لولا قرار الإغلاق لكانت الكارثة أعظم." العائلات تشردت من منازلها، والطرق الرئيسية مقطوعة، والخدمات الأساسية متوقفة. رشيد المنصوري، رجل إطفاء محلي وبطل حقيقي، تمكن من إنقاذ عائلة كاملة عالقة في الطابق الأرضي لمنزلهم الغارق. المأساة تفتح المجال أمام استثمارات ضخمة في البنية التحتية المقاومة للمناخ وأنظمة الإنذار المبكر.
60 دقيقة غيرت حياة مدينة، و37 ضحية يذكروننا بهشاشتنا أمام الطبيعة، و7 سنوات جفاف لم تمنع طوفان ساعة واحدة. هل ستكون آسفي جرس إنذار للمدن الساحلية العربية؟ الاستثمار في أنظمة الحماية الآن أرخص من دفع ثمن الكوارث لاحقاً. السؤال الذي يؤرق الجميع: إذا كانت ساعة واحدة قادرة على هذا الدمار... فماذا لو استمر المطر يوماً كاملاً؟