بعد انتظار 120 يوماً مؤلماً، تكسر وزارة الداخلية اليمنية صمت الأشهر الأربعة وتعلن أخيراً موعد صرف المرتبات المتأخرة. غداً الإثنين 15 ديسمبر - اللحظة التي انتظرها آلاف المنتسبين وأسرهم بفارغ الصبر، حيث سيبدأ صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 عبر بنك الإنماء في جميع المحافظات المحررة. هل سيكون هذا الضوء في نهاية النفق.. أم مجرد بداية لمعاناة جديدة؟
أكد العميد الركن أسامة باحميش، مدير عام الشؤون المالية بوزارة الداخلية، أن عملية الصرف ستبدأ مساء غداً عبر جميع فروع بنك الإنماء للتمويل الأصغر الإسلامي. وفيما يعيش أحمد المحمدي، رقيب أول متزوج ولديه 4 أطفال، لحظات من القلق والترقب: "لم أستطع دفع إيجار المنزل منذ شهرين، وأطفالي يسألونني متى سأشتري لهم ملابس العيد"، يقول بصوت مرتجف وهو يتحسس بطاقته المصرفية.
جذور هذه المأساة تعود إلى الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يشهدها اليمن منذ سنوات، حيث أدت الحرب المستمرة ونقص السيولة إلى تأخيرات مزمنة في صرف المرتبات. مثل انتظار المطر في الصحراء، ينتظر المنتسبون مرتباتهم شهراً بعد شهر، بينما تتراكم الديون والأعباء المعيشية. خبراء الاقتصاد يشيرون إلى أن تأخير 4 أشهر يعادل ثلث السنة بدون دخل - رقم صادم يعكس حجم المعاناة الحقيقية.
الأثر الفوري لهذا الإعلان بدأ يظهر في الشوارع والأسواق، حيث تستعد فاطمة علي، زوجة منتسب أمني، لأول مرة منذ شهور لشراء احتياجات المنزل: "أخيراً سأنام مرتاحة الليلة، لكن قلبي ما زال يرتجف خوفاً من التأجيل المفاجئ". د. محمد الحدادي، خبير اقتصادي، يحذر: "هذا الصرف خطوة إيجابية، لكن الحقيقة المرة أن الاستمرارية غير مضمونة في ظل الظروف الراهنة". غداً ستشهد فروع بنك الإنماء ازدحاماً غير مسبوق، بينما تبقى التساؤلات حول مصير الشهور الأخرى المتأخرة والمناطق المستثناة من الصرف.
رغم الفرحة العارمة بالإعلان، تبقى التحديات جسيمة والمستقبل غامضاً. الصرف التدريجي للوحدات الأمنية يعني انتظاراً إضافياً للبعض، بينما يحتاج القطاع الأمني إلى استقرار مالي حقيقي لضمان الاستقرار الوطني. على المنتسبين التوجه مبكراً لفروع البنك والتأكد من سلامة حساباتهم. السؤال الذي يحير الجميع: هل سيكون هذا بداية انتظام حقيقي في صرف المرتبات.. أم مجرد قطرة ماء في صحراء الانتظار اللامتناهية؟