في تطور مذهل يعيد تعريف معنى الإبداع الشامل، تشهد الأحساء انطلاق مبادرة استثنائية تجمع 51 فناناً وفنانة تشكيلية في معسكر فني ضخم مخصص لخدمة ذوي الإعاقة. هذا الحدث التاريخي، الذي ينظمه تعليم الأحساء، يمثل للمرة الأولى في تاريخ التعليم السعودي اندماجاً حقيقياً بين الفنون والتوعية لتحقيق الشمولية التعليمية التي تنشدها رؤية المملكة 2030.
فاطمة الأحسائية، والدة طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، لا تخفي دموع الفرح وهي تتحدث: "بحثت لسنوات عن برامج تعليمية ملائمة لابنها، واليوم أرى حلمي يتحقق أمام عيني." المعسكر الفني الذي انطلق بمشاركة أكثر من 51 مبدعاً ومبدعة، يضم أصواتاً متنوعة من الفرش على القماش وأيدي مختلفة تبدع بطرق متنوعة، في مشهد يشبه نهضة الفنون الأوروبية لكن بلمسة شمولية سعودية أصيلة.
وخلف هذا التجمع الإبداعي الضخم، تقف جهود مستمرة من رؤية المملكة 2030 لدمج الـ 13% من السكان من ذوي الإعاقة - حوالي 4.6 مليون شخص - في النسيج التعليمي والثقافي للمجتمع. د. سارة الزهراني، أخصائية تعليم ذوي الإعاقة، تؤكد: "هذه المبادرات تغير مفهوم التعليم الشامل في المملكة، والأحساء تكتب فصلاً جديداً في تاريخ التعليم العربي." الأستاذ محمد العتيبي، معلم التربية الفنية الذي يقود مبادرات الدمج، يشرح كيف أن هذا المعسكر كموجة تسونامي إيجابية تجتاح قطاع التعليم السعودي.
وبينما تملأ رائحة الألوان المائية وملمس الصلصال أجواء المعسكر، تتجلى النتائج المذهلة على وجوه الأطفال وأسرهم. ريم المطيري، الفنانة التشكيلية المشاركة، تكشف: "المعسكر فتح آفاقاً جديدة للتفاعل مع ذوي الإعاقة، وأدركت أن الإبداع لا حدود له." التأثير لا يقتصر على المشاركين فحسب، بل يمتد لآلاف الأسر في المنطقة الشرقية التي تترقب فرصاً مشابهة، خاصة مع توقعات الخبراء بتوسع المبادرة تدريجياً لتشمل مناطق أخرى في المملكة.
هذا الإنجاز الاستثنائي يضع الأحساء على خريطة الريادة العالمية في التعليم الشامل، ويفتح الباب أمام فرص ذهبية للتسجيل في برامج مجانية نوعية قد لا تتكرر. مع دعوة صريحة للأسر للتواصل مع إدارة التعليم والمشاركة الفعالة في هذه الثورة التعليمية. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستكون الأحساء النموذج الذي يحتذى به في التعليم الشامل على مستوى العالم العربي؟