في لحظة واحدة فقط.. اختفت أسرة مصرية كاملة من الوجود، وتحطم حلم شاب مهندس وزوجته الطبيبة في بناء مستقبل أفضل لرضيعهما البالغ من العمر 7 أشهر فقط. حادث مروع هز الجالية المصرية بالسعودية، عندما اصطدمت سيارتهم بأخرى في طريق رئيسي بمكة المكرمة، ليسجل 4 وفيات في حادث واحد، ويحول أحلام الغربة إلى كابوس مدمر.
المهندس أحمد عبدالعليم أبوعبدالله من قرية كفر العرب بمحافظة القليوبية، كان يعيش حلم كل شاب مصري: العمل في السعودية لبناء مستقبل أفضل. برفقة زوجته الطبيبة آية ورضيعهما سليم، سافرت الأسرة الشابة تحمل أحلاماً كبيرة. "كان إنسانا طيبا ومحبوبا وصاحب مواقف وجدعنة ولا تفارق وجهه الضحكة"، يقول محمد طاهر صديق الطفولة، الذي لم يتوقع أن كلماته ستصبح رثاءً لصديق العمر. فاطمة أحمد، جدة الرضيع، تنهار باكية: "كنت أنتظر عودتهم لقضاء العيد معنا.. لم أتخيل أنني سأستقبل نعشهم بدلاً من أحضانهم".
الحادث ليس مجرد أرقام في سجلات المرور، بل قصة تتكرر بمأساوية مؤلمة. آلاف الشباب المصريين يهاجرون سنوياً للخليج بحثاً عن الرزق، حاملين أحلام أسرهم على أكتافهم. أحمد وآية كانا جزءاً من هذه الموجة، مثل ملايين المغتربين العرب الذين يخاطرون بالغربة أملاً في حياة أفضل. د. محمد السيد، خبير حوادث الطرق، يؤكد: "حوادث الطرق السريعة في المناطق المقدسة تتطلب حذراً مضاعفاً، خاصة مع الكثافة المرورية العالية".
اليوم، تبكي قرية كفر العرب بأكملها، 5000 نسمة يشاركون الحزن على فقدان أسرة لم تكد تبدأ رحلة الحياة. مواقع التواصل الاجتماعي تحولت إلى سرادق عزاء إلكتروني، وصور الأسرة السعيدة تنتشر وسط دعوات بالرحمة. المأساة تثير تساؤلات عاجلة: أين إجراءات السلامة للمغتربين؟ كيف نحمي أحلام شبابنا من التحطم على طرق الغربة؟ فقدان أحمد وآية وسليم ليس مجرد حادث عابر، بل صرخة تحذير لكل من يفكر في ترك الوطن دون ضمانات كافية.
وسط الدموع والحسرة، تبقى الأسئلة المؤلمة تطارد الأذهان: كم من الأحلام المصرية ستتحطم على طرق الغربة قبل أن نتعلم؟ اليوم نودع أسرة كاملة، وغداً قد نودع أخرى، إلا إذا اتخذنا إجراءات جادة لحماية أبنائنا المغتربين. المطالبة بالتحقيق الشامل ليست مجرد حق، بل ضرورة لمنع تكرار هذه المأساة التي حولت فرحة العيد إلى مأتم دائم في قلوب الأهالي.