في تطور صادم هز أوساط الراغبين في أداء فريضة الحج، أعلنت وزارة التضامن الاجتماعي المصرية أسعار حج الجمعيات الأهلية لعام 2026 بمبالغ تتراوح بين 228 إلى 415 ألف جنيه - مبلغ يعادل راتب موظف حكومي لمدة سنتين كاملتين. الأمر الأكثر إثارة للجدل: 36 ألف مواطن مصري يتنافسون على 12 ألف مقعد فقط، مما يعني أن ثلثي المتقدمين سيعودون خائبين إلى ديارهم. الخبراء يحذرون: الإعلان عن مواعيد التقديم خلال أيام، والوقت ينفد سريعاً أمام من يحلمون بأداء الفريضة.
كشف أيمن عبدالموجود، الوكيل الدائم لوزارة التضامن الاجتماعي، تفاصيل صادمة خلال إعلان نتائج قرعة حج الجمعيات الأهلية. المفاجأة الكبرى: السيدات دون الـ45 عاماً لن يحتجن إلى محرم شرعي للسفر، في خطوة تُعتبر ثورية في نظام الحج التقليدي. "فاطمة علي"، عضو في إحدى الجمعيات الأهلية، تروي صدمتها: "فوجئنا بالأسعار الجديدة، وكثير من الأعضاء انسحبوا فور سماعها". الأرقام تحكي قصة مؤلمة: المستوى الأول بـ415 ألف جنيه يعني أن أسرة متوسطة تحتاج لتوفير مصروفات ثلاث سنوات كاملة لحج شخص واحد فقط.
خلف هذه الأرقام المرتفعة تاريخ طويل من التطوير التدريجي لنظام حج الجمعيات الأهلية، الذي بدأ كبديل شعبي للحج الحكومي المحدود. السبب الجذري وراء الارتفاع الحاد يعود لتصاعد تكاليف الخدمات في المملكة العربية السعودية وتحديد الحصص بقرار من اللجنة العليا للحج برئاسة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي. د. سامي الخضيري، خبير الشؤون الإسلامية، يؤكد: "الأسعار الجديدة تعكس ارتفاع تكاليف الخدمات في السعودية، وهي مجرد البداية". مقارنة بسيطة تكشف حجم الصدمة: 228 ألف جنيه للمستوى الأدنى تكفي لشراء شقة كاملة في صعيد مصر.
في قلب القاهرة، تجمعت طوابير من المنتظرين أمام مكاتب الجمعيات الأهلية، وتعالت أصوات التنهدات والاستغفار عند سماع الأسعار الجديدة. "أم محمد"، موظفة متقاعدة تبلغ من العمر 55 عاماً، تبكي وهي تحكي: "أدخر منذ 10 سنوات لأداء الحج، لكن الأسعار الجديدة تفوق كل مدخراتي". التأثير على الحياة اليومية بات واضحاً: آلاف الأسر تعيد حساباتها المالية، تؤجل مشاريعها الشخصية، وتبحث عن مصادر دخل إضافية. الفرص المتاحة تشمل برامج الادخار المتخصصة وصناديق التمويل الجماعية، لكن المخاطر تتضمن ظهور شركات وهمية تستغل رغبة الناس المتزايدة في أداء الفريضة.
بينما تستمر وزارة التضامن في التأكيد على أن الأسعار تشمل خدمات شاملة وإشرافاً كاملاً، يبقى السؤال الأهم معلقاً في أذهان 36 ألف متقدم: من منهم سيحظى بالفرصة الذهبية لأداء فريضة العمر؟ الحل الوحيد أمام الراغبين واضح: ابدءوا الادخار فوراً للسنوات القادمة، وراجعوا إمكانياتكم المالية بعناية. هل ستتمكن من تحقيق حلم الحج في ظل هذه الأسعار الاستثنائية؟