في تطور يُعيد رسم خريطة التحالفات الدولية، حققت المملكة العربية السعودية إنجازاً دبلوماسياً نادراً بإجماع الإعلام الأمريكي الديمقراطي والجمهوري على أهمية زيارة ولي العهد - وهو أمر لم يحدث منذ عقود. الدولة التي تضمن 17% من احتياطيات النفط العالمي و12% من الإنتاج اليومي، تقف اليوم كـ"صمام أمان" للاقتصاد العالمي وسط عواصف جيوسياسية تهدد استقرار الأسواق. الخبراء يؤكدون: هذه ليست مجرد زيارة دبلوماسية، بل لحظة مفصلية قد تحدد مسار الاقتصاد العالمي للعقود القادمة.
كشف المحلل السياسي أحمد الشهري في تصريحات حصرية أن نجاح المملكة في إدارة تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، جعلها الوجهة الأولى للقوى العظمى عند البحث عن الاستقرار. "المملكة أصبحت صمام أمان للاقتصاد العالمي"، قال الشهري، مشيراً إلى قدرتها الفريدة على حماية سلاسل الإمداد وأمن البحار. عبدالرحمن التميمي، موظف في شركة أرامكو، لا يخفي فخره: "نشعر بالاعتزاز لأن العالم بأسره يعترف اليوم بقدراتنا القيادية." الأرقام تتحدث بوضوح: دعوات متتالية للمشاركة في قمة مجموعة السبع ومجموعة بريكس، تؤكد الثقة الدولية المتنامية.
المقارنة مع زيارة 2018 تكشف عن قفزة هائلة في المكانة السعودية. فإذا كانت الزيارة الأولى بداية التحول من الاقتصاد الريعي إلى الصناعة، فإن الزيارة الحالية تأتي كتتويج لنجاح رؤية 2030 في تحقيق مستهدفاتها المبكرة. كما كانت طرق الحرير القديمة تربط الشرق بالغرب، تقف المملكة اليوم كجسر استراتيجي للطاقة العالمية. والأكثر إثارة هو إعلان ولي العهد عن خطط طموحة لمرحلة ما بعد 2030، وصولاً إلى 2040 و2050، مما يضع المملكة في موقع الريادة العالمية لعقود قادمة.
التأثير على حياة المواطنين سيكون مباشراً وملموساً. فاطمة الزهراني، رائدة أعمال سعودية، تؤكد أن "رؤية 2030 فتحت لنا آفاقاً لم نكن نحلم بها، والآن نرى العالم يعترف بإنجازاتنا." الاتفاقيات المرتقبة في مجالات السياسة والدفاع والاستثمار والتجارة ستخلق وظائف مباشرة وغير مباشرة بالآلاف، وتفتح أسواقاً جديدة للشركات السعودية. جون سميث، مدير صندوق استثماري أمريكي، يصف المملكة بأنها "وجهة استثمارية واعدة بلا منازع"، مؤكداً أن تأثير السعودية على الأسواق العالمية أصبح كقوة الجاذبية - غير مرئي لكن يؤثر على كل شيء.
بينما يترقب العالم نتائج هذه الزيارة التاريخية، تبرز السعودية كقوة عالمية قادرة على إدارة أعقد الملفات الاقتصادية والسياسية. احتياطياتها النفطية التي تكفي العالم لثمانين عاماً قادمة، وموقعها الاستراتيجي، ورؤيتها المستقبلية، تجعلها شريكاً لا غنى عنه في عالم يبحث عن الاستقرار. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستعيد هذه الزيارة تشكيل خريطة الاقتصاد العالمي للعقود القادمة، وتثبت أن العصر الجديد هو عصر القيادة السعودية؟