في تطور تاريخي يبعث الأمل في قلوب ملايين اليمنيين، انطلقت أولى اختبارات الفحص المهني للعمالة اليمنية المتوجهة للسعودية بمركز الجند للتدريب في تعز، في مبادرة ثورية تفتح أبواب رؤية 2030 أمام 2 مليون عامل يمني يحلمون بفرصة العمر. هذه اللحظة التاريخية تأتي بعد سنوات من الانتظار والمعاناة، حيث تمتلئ المقاعد بسرعة البرق والجميع يتسابق للحصول على تذكرة المستقبل المشرق.
أحمد الحميري، كهربائي عاطل من تعز البالغ من العمر 28 عاماً، يقف في طابور طويل وعيناه تلمعان بالأمل: "هذه فرصتي الوحيدة لإعالة أسرتي المكونة من 6 أفراد". المشهد يتكرر في أرجاء المركز، حيث يتجمع آلاف المتقدمين من مختلف التخصصات - لحامين، كهربائيين، فنيين - كلهم يحملون نفس الحلم. ممثل وزارة الموارد البشرية السعودية يؤكد أن "هذه خطوة تاريخية لتمكين الشباب اليمني وفق أعلى المعايير الدولية"، بينما تشير الأرقام إلى نقص 40% في العمالة الماهرة بالسوق السعودي.
هذه المبادرة تعيد إحياء ذكريات العصر الذهبي للعمالة اليمنية في السبعينات، عندما ساهمت أيادي يمنية في بناء أعظم المشاريع الخليجية. د. محمد العزاني، خبير التدريب المهني الذي صمم برامج تضمن نجاح 90% من المتدربين، يشرح: "نحن لا نقدم مجرد اختبارات، بل نصنع جيلاً جديداً من العمالة الماهرة". الاختبارات تغطي عشرات التخصصات وتشمل معايير السلامة المهنية والجودة العالمية، مثل جواز سفر لمستقبل أفضل في أرض الحرمين.
فاطمة علي، أم لثلاثة أطفال، تنتظر بقلق نتائج اختبار ابنها في اللحام: "هذا أملنا الأخير في تحسين أوضاعنا". التأثير لا يقتصر على المتقدمين فحسب، بل يمتد ليشمل آلاف الأسر التي ترى في هذه المبادرة الدواء الشافي لسنوات المعاناة. الخبراء يتوقعون أن تؤدي المبادرة إلى زيادة تحويلات المغتربين بنسبة 35%، وتقليل معدلات البطالة في المحافظات الجنوبية. مركز الجند وحده يستطيع تأهيل 5000 عامل سنوياً - رقم يعادل سكان مدينة صغيرة كاملة.
بينما تحتدم المنافسة والجميع يستعد بجدية قصوى، يبقى السؤال الأهم: هل ستكون هذه بداية عصر جديد للعمالة اليمنية في الخليج؟ الأرقام الأولية تشير إلى نجاح 70% من المتقدمين، والخطط تتضمن توسيع المبادرة لتشمل محافظات أخرى وتخصصات جديدة. الفرصة ذهبية، والباب مفتوح، لكنه لن يبقى كذلك إلى الأبد - كما يحذر الخبراء من ضرورة الاستعداد الجيد واغتنام هذه اللحظة التاريخية قبل فوات الأوان.