في تطور صادم هز الأوساط الاقتصادية والسياسية، أنقذت السعودية مئات الآلاف من الأسر اليمنية من شبح الجوع بإيداع 90 مليون دولار في البنك المركزي اليمني خلال يوم واحد. بعد 120 يوماً من انتظار الرواتب، وصل الفرج السعودي ليضع حداً لأطول أزمة مالية في تاريخ اليمن الحديث، حيث كانت كل ساعة تأخير تعني معاناة إضافية لأكثر من مليون موظف حكومي وأسرهم.
في خطوة عاجلة ومدروسة، أودعت السعودية هذا المبلغ الضخم في البنك المركزي اليمني بعدن، منهية بذلك أطول أزمة رواتب شهدتها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. "هذا الدعم جاء في اللحظة الحرجة قبل انهيار النظام المالي بالكامل"، كما صرح مسؤول كبير في البنك المركزي. انتشرت موجة من الارتياح في شوارع عدن عندما بدأ البنك المركزي في الإعلان عن صرف الرواتب، بينما قال أحمد محمد، الموظف الحكومي وأب لأربعة أطفال: "شاهدت الأمل يعود لعيون زوجتي وأطفالي بعد أن اضطررت لاقتراض المال لإطعامهم."
منذ انقلاب الحوثيين عام 2014، والاقتصاد اليمني يتدهور تدريجياً ليصل لأسوأ حالاته في أكتوبر 2022. هجمات الحوثيين على موانئ التصدير حرمت اليمن من 70% من عائداته النفطية، مسببة خسائر قاربت 3 مليارات دولار خلال ثلاثة أعوام. كما حدث في أزمة 2018، تأتي السعودية مرة أخرى لإنقاذ الاقتصاد اليمني من الانهيار، حيث يتوقع الخبراء تحسناً تدريجياً للأوضاع شريطة استمرار الدعم الخليجي واستكمال المنحة البالغة 368 مليون دولار المعلن عنها في سبتمبر الماضي.
تحسن ملحوظ في الأسواق وانخفاض طفيف لأسعار المواد الأساسية متوقع خلال الأيام القادمة، حيث قال محمد الزبيدي، تاجر في عدن: "شاهدت الفرحة في عيون الناس عندما أعلن عن صرف الرواتب، والطوابير بدأت تتشكل أمام البنوك." فاطمة علي، مديرة مدرسة في عدن، عبرت عن ارتياحها قائلة: "أخيراً سأتمكن من دفع رواتب المعلمين والحفاظ على تعليم أطفالنا." بينما رحب المواطنون بالخبر، حذر د. سالم الهاشمي، الخبير الاقتصادي، من ضرورة استغلال هذه الفرصة لإعادة هيكلة النظام المالي وتنويع مصادر الدخل قبل نضوب المنحة.
90 مليون دولار، 4 أشهر معاناة، وحل عاجل يعيد الأمل للملايين. مع بقاء 278 مليون دولار من المنحة السعودية، قد يتحدد مصير الاستقرار الاقتصادي اليمني في الأشهر القادمة. الوقت مناسب الآن للاستثمار في المناطق المحررة ودعم الاقتصاد المحلي، لكن السؤال الأهم يبقى: هل ستكفي هذه المنحة لبناء اقتصاد مستدام، أم أننا أمام حلول مؤقتة لأزمة دائمة؟