في تطور مفاجئ يُنهي أشهراً من الانتظار المؤلم، أعلن بنك عدن الإسلامي اليوم عن صرف مرتبات شهر أغسطس لـ 9 جهات حكومية تضم آلاف الموظفين في محافظات عدن وأبين ولحج. هذه الخطوة تأتي بعد 11 سنة من أزمة المرتبات المستمرة التي حولت حياة الموظفين الحكوميين إلى كابوس يومي من البحث عن لقمة العيش.
فاطمة، موظفة الخدمة المدنية في أبين، لا تستطيع إخفاء دموع الفرح وهي تحمل راتبها لأول مرة منذ أشهر طويلة: "شعرت وكأن الجبل انزاح عن كتفي، أخيراً سأتمكن من شراء دواء والدتي وملابس لأطفالي". طوابير طويلة تشكلت أمام فروع البنك في مشهد مؤثر، حيث امتزجت أصوات الفرح والدعاء برائحة الأوراق النقدية المنتظرة منذ زمن طويل.
تشمل الجهات المستفيدة من هذه الدفعة قطاعات حيوية منها التعليم والنقل والمياه والشباب، في خطوة تُشبه المطر بعد جفاف طويل يروي الأرض العطشى. د. محمد الخبير الاقتصادي يؤكد: "هذه خطوة إيجابية مهمة، لكن التحدي الحقيقي يكمن في ضمان الاستمرارية وعدم العودة للوضع السابق". الأزمة التي بدأت مع انقسام البنك المركزي وتراجع الإيرادات العامة، حولت آلاف الأسر من طبقة متوسطة إلى خط الفقر.
أحمد، مدرّس وأب لأربعة أطفال، عاش أشهراً على المساعدات بعد توقف راتبه: "كنت أشعر بالعجز أمام أطفالي عندما يطلبون شيئاً بسيطاً، اليوم استعدت كرامتي". هذه الانفراجة المؤقتة ستُحدث انتعاشاً فورياً في الأسواق المحلية، حيث سيتمكن آلاف الموظفين من سداد ديونهم المتراكمة وشراء احتياجاتهم الأساسية. لكن الخبراء يحذرون من أن هذه "قطرة في بحر المعاناة" مقارنة بحجم الأزمة التي تشمل مئات الجهات الحكومية الأخرى.
تبقى الأسئلة مُعلقة في الهواء: هل ستشمل الدفعات القادمة باقي الجهات المتضررة؟ ومتى سيتم صرف المرتبات المتأخرة للأشهر السابقة؟ الوقت وحده سيُجيب على ما إذا كانت هذه بداية نهاية أزمة المرتبات في اليمن، أم مجرد هدنة مؤقتة في معركة طويلة ضد الفقر واليأس.
