بعد أشهر من الانتظار القاسي، فتح آلاف الموظفين اليمنيين عيونهم على بشرى سارة غيرت مجرى حياتهم في لحظة واحدة. 9 جهات حكومية كسرت أخيراً دائرة تأخير المرتبات، في انفراجة تاريخية لم يشهدها القطاع الحكومي منذ شهور طويلة من المعاناة والضائقة المالية.
أعلن بنك عدن الإسلامي للتمويل الأصغر عن بدء صرف مرتبات شهر أغسطس، في خطوة وصفها المراقبون بـ"المطر المنعش بعد جفاف طويل". أحمد محمد، موظف في مكتب التربية بعدن وأب لأربعة أطفال، لا يزال يرتجف من الفرح: "لأول مرة منذ أكثر من 4 أشهر، رن هاتفي بإشعار وصول الراتب... كاد قلبي يتوقف من السعادة". الجهات المشمولة تضم قطاعات حيوية في عدن وأبين ولحج، من التعليم والنقل إلى المياه والشباب.
خلف هذه اللحظة التاريخية قصة معاناة طويلة بدأت مع تفاقم أزمة السيولة في النظام المصرفي اليمني. منذ بداية الصراع عام 2014، تحول صرف المرتبات من حق مكفول إلى حلم بعيد المنال. أقل من 10% من إجمالي القطاعات الحكومية حصلت على مرتباتها، بينما لا يزال عشرات الآلاف من الموظفين ينتظرون دورهم. الخبراء يؤكدون أن هذه الخطوة، رغم محدوديتها، تشير إلى إمكانية تحسن تدريجي في استقرار النظام المالي.
في بيوت عدن وأبين ولحج، تحولت أجواء القنوط إلى احتفالات عائلية صغيرة. فاطمة عبدالله، زوجة موظف في المؤسسة المحلية للمياه، تصف اللحظة: "أطفالي سألوني إن كان بإمكاننا شراء اللحم اليوم... لم أستطع حبس دموعي". لكن الفرحة تمتزج بالقلق، فالراتب الواحد لا يكفي لتعويض أشهر من الحرمان، والأسر تواجه تحدي توزيع مبلغ محدود على ديون متراكمة واحتياجات ملحة. الضغط يتزايد الآن على البنوك الأخرى لتحذو حذو بنك عدن الإسلامي وتسرع في صرف مرتبات القطاعات المتبقية.
هذه الانفراجة، مهما كانت محدودة، تمثل شعاع أمل في نفق اليأس الطويل. لكن السؤال الذي يؤرق آلاف الأسر اليمنية يبقى معلقاً: هل ستستمر هذه الانفراجة وتتوسع لتشمل جميع موظفي الدولة، أم ستعود أيام الانتظار الطويلة مرة أخرى؟
