الرئيسية / شؤون محلية / 1633 ريالاً للدولار في عدن و540 في صنعاء: فارق 200% يكشف انقساماً اقتصادياً غير مسبوق في اليمن
1633 ريالاً للدولار في عدن و540 في صنعاء: فارق 200% يكشف انقساماً اقتصادياً غير مسبوق في اليمن

1633 ريالاً للدولار في عدن و540 في صنعاء: فارق 200% يكشف انقساماً اقتصادياً غير مسبوق في اليمن

نشر: verified icon أمجد الحبيشي 09 نوفمبر 2025 الساعة 02:55 مساءاً

شهدت الأسواق اليمنية حالة صدمة اقتصادية غير مسبوقة بعد أن وصل سعر صرف الدولار الأمريكي إلى 1633 ريالاً للبيع في العاصمة المؤقتة عدن، في الوقت الذي لا يتجاوز فيه 540 ريالاً في صنعاء، مما يعني فجوة سعرية مذهلة تبلغ 200% تكشف عن انقسام اقتصادي لم تشهده البلاد من قبل.

الأرقام المسجلة في تعاملات الأحد تؤكد وصول الأزمة النقدية إلى مستويات كارثية، حيث سجل الدولار الأمريكي 1618 ريالاً للشراء و1633 ريالاً للبيع في عدن، بينما ظل مستقراً في صنعاء عند 535 ريالاً للشراء و540 ريالاً للبيع.

هذا التباين الحاد يضع اليمن في موقف فريد عالمياً كدولة تضم عملتين مختلفتين تماماً بنفس الاسم، حيث يحتاج المواطن في عدن إلى أكثر من ثلاثة أضعاف ما يحتاجه نظيره في صنعاء لشراء نفس الكمية من العملة الأجنبية. الفارق البالغ 1093 ريالاً في سعر الدولار الواحد يمثل مبلغاً يعادل راتب موظف حكومي لشهرين كاملين، مما يجعل عمليات التحويل والتجارة بين المناطق المختلفة أشبه بالمستحيل.

تداعيات هذا الانقسام النقدي تمتد لتشمل جميع جوانب الحياة الاقتصادية، حيث يواجه الريال السعودي نفس المصير بفارق يصل إلى 285 ريالاً بين المنطقتين، إذ يُصرف بـ428 ريالاً في عدن مقابل 140.5 ريالاً فقط في صنعاء.

الخبراء الاقتصاديون يحذرون من أن هذا الوضع يعكس حالة انهيار شامل في النظام النقدي الموحد، والذي بدأ تدريجياً منذ انقسام البنك المركزي اليمني عام 2016. هذا الانقسام المؤسسي أدى إلى اتباع سياسات نقدية متناقضة تماماً، حيث تتبع سلطات صنعاء نهجاً صارماً في تثبيت أسعار الصرف، بينما تترك سلطات عدن الأسعار تتحرك بحرية وفقاً لآليات العرض والطلب.

الأسواق المحلية تشهد حالة من الارتباك والقلق، خاصة مع عجز العائلات المنقسمة جغرافياً عن إرسال التحويلات المالية بينها. المرضى الذين يحتاجون علاجاً خارجياً يجدون أنفسهم في مأزق حقيقي، حيث تتضاعف التكلفة الفعلية للعلاج بناءً على المنطقة التي يقيمون فيها.

التجار والمستثمرون يواجهون تحديات معقدة في حساب التكاليف والأرباح، خاصة أولئك الذين تمتد أعمالهم عبر المناطق المختلفة. بعض التجار في عدن تمكنوا من الاستفادة من استقرار العملة النسبي لتوسيع أعمالهم، لكن ذلك جاء على حساب تعميق الفجوة الاقتصادية مع المناطق الأخرى.

أسعار الذهب تعكس نفس هذا التباين المأساوي، حيث يُباع جرام الذهب عيار 21 بـ189,100 ريالاً في عدن مقابل 60,500 ريالاً فقط في صنعاء، مما يجعل الاستثمار في المعادن النفيسة خياراً محفوفاً بالمخاطر والتعقيدات.

الحلول المطروحة تتطلب تدخلاً سياسياً شاملاً يبدأ بإعادة توحيد البنك المركزي وصياغة سياسة نقدية موحدة. الخبراء يؤكدون أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى انهيار كامل لإحدى العملتين، مما سيفاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية في البلاد.

البنك المركزي في صنعاء يحافظ على سياسة تثبيت الأسعار من خلال آليات رقابية مشددة، حيث يحدد الحد الأعلى لأسعار بيع العملات الأجنبية ويتيح خطاً ساخناً للمواطنين للإبلاغ عن المخالفات. هذه السياسة، رغم نجاحها في منع التضخم الجامح، تخلق سوقاً سوداء نشطة وتعمق الانقسام الاقتصادي.

المؤشرات تشير إلى أن هذا التباين الحاد في أسعار الصرف بدأ يؤثر على أنماط الهجرة الداخلية، حيث يفكر العديد من الشباب في الانتقال من مناطق إلى أخرى بحثاً عن فرص اقتصادية أفضل أو قدرة شرائية أعلى لمدخراتهم.

شارك الخبر