في تطور طال انتظاره آلاف الموظفين، يعلن البنك المركزي اليمني أخيراً عن صرف رواتب شهر سبتمبر غداً الثلاثاء، بعد شهرين كاملين من الانتظار القاسي. شهران من التأجيل والترقب عاشهما موظفو الجهاز الإداري للدولة في ظل أزمة اقتصادية خانقة تضرب البلاد، حيث تحول انتظار الراتب إلى كابوس شهري يتكرر دون حلول جذرية في الأفق.
يكشف الإعلان الرسمي عن اعتماد آلية استثنائية مؤقتة لصرف الرواتب عبر جهتين فقط: بنك التسليف التعاوني والزراعي والهيئة العامة للبريد والتوفير البريدي. أحمد المواجه، موظف حكومي وأب لأربعة أطفال، يروي معاناته: "نعيش على الدين منذ شهرين، أطفالي يسألونني متى سنشتري احتياجات المنزل وأنا عاجز عن الإجابة". آلاف الموظفين يشاركونه نفس المعاناة، منتظرين راتباً واحداً كان من المفترض أن يُصرف في سبتمبر.
تعكس هذه الآلية الاستثنائية حجم الأزمة الاقتصادية التي تعصف باليمن منذ سنوات، حيث أصبح تأخير الرواتب أمراً اعتيادياً في ظل نقص السيولة وتدهور الإيرادات النفطية. د. محمد الحمادي، الخبير الاقتصادي، يحذر: "ما نشهده اليوم هو انعكاس لأزمة هيكلية عميقة، والحلول المؤقتة لن تجدي نفعاً طويلاً". المقارنة صادمة: طوابير الموظفين اليمنيين أمام البنوك تشبه مشاهد الأزمة الاقتصادية اللبنانية عام 2019، عندما تأخرت رواتب الموظفين شهوراً طويلة.
سيواجه آلاف الموظفين غداً تحدي الوصول إلى راتبهم المتأخر، حيث من المتوقع أن تشهد البنوك المحددة ازدحاماً شديداً وطوابير تمتد لساعات طويلة. فاطمة الزبيدي، موظفة في وزارة التربية، تصف المشهد: "نقف في طوابير لا تنتهي، وجوه متعبة وقلوب قلقة، والجميع يتساءل متى سيأتي الراتب التالي". التأثير على الحياة اليومية كارثي: أسر بأكملها تعتمد على الاقتراض والدين، قرارات مالية مؤجلة، وأحلام معلقة على راتب متأخر.
رغم الارتياح المؤقت الذي سيشعر به الموظفون غداً، يبقى السؤال الأكبر معلقاً في الهواء: متى سيتحرر الموظف اليمني من دوامة انتظار راتبه الشهري؟ الأرقام المجانية الثلاثة المعلنة قد تقدم إجابات فورية، لكن الحل الجذري يحتاج إلى أكثر من مجرد آليات استثنائية مؤقتة. هل سيكون راتب أكتوبر جاهزاً في موعده، أم سنشهد فصلاً جديداً من الانتظار والمعاناة؟