شهدت العملة اليمنية انتعاشاً ملحوظاً لليوم الثالث على التوالي أمام العملات الأجنبية، مما يثير تساؤلات حول مدى قدرة الإجراءات المالية الجديدة التي تبنتها السلطات النقدية على إنقاذ الريال اليمني من التدهور المستمر الذي عاشه لسنوات طويلة.
وفقاً للخبير الاقتصادي ماجد الداعري، فإن الخطوات المالية المدروسة الجديدة تقف وراء هذا التحسن الملحوظ في قيمة العملة المحلية. وتشمل هذه الإجراءات تأسيس لجنة خاصة للإشراف على استيراد العملات والحد من المضاربات، بالإضافة إلى وضع سعر ثابت للريال السعودي وفرض عقوبات صارمة على شركات الصرافة غير الملتزمة بالقواعد المحددة.
تأتي هذه التطورات الإيجابية في ظل التحديات الاقتصادية الهائلة التي تواجه البلاد، حيث تسعى السلطات النقدية لاستعادة الثقة في العملة المحلية من خلال آليات رقابية محكمة. وقد قامت الحكومة بتوجيه الموارد المالية بشكل فعال لتعزيز الاستقرار الاقتصادي عبر لجنة الموارد السيادية والمحلية، خاصة من خلال اللجنة العليا للموازنات العامة.
يشير هذا التحسن المستمر إلى إمكانية نجاح السياسات النقدية الجديدة في كسر حلقة التدهور التي طالت العملة اليمنية. وتعتمد هذه الاستراتيجية على تنظيم السوق النقدية ومحاربة المضاربات التي أضرت بقيمة الريال اليمني لفترات طويلة، مما انعكس سلباً على القدرة الشرائية للمواطنين.
غير أن هناك تحديات كبيرة تواجه استمرارية هذا التحسن، خاصة مع استمرار الانقسام النقدي بين مناطق النفوذ المختلفة في البلاد. فبينما يحافظ البنك المركزي في صنعاء على أسعار صرف مستقرة نسبياً تبلغ 140 ريالاً يمنياً مقابل الريال السعودي الواحد، تشهد مناطق أخرى تذبذبات أكبر في أسعار الصرف تصل إلى 400 ريال يمني مقابل الريال السعودي.
تواجه الإجراءات المالية الجديدة اختباراً حقيقياً في ظل التناقضات الواضحة في تطبيق السياسات النقدية. فرغم صدور قرارات حكومية تحظر استخدام العملات الأجنبية في المعاملات المحلية، إلا أن بعض الجهات الحكومية ما زالت تتعامل بالعملات الأجنبية، مما يثير تساؤلات حول التنسيق بين مختلف الأجهزة الحكومية.
يؤكد المحللون الاقتصاديون أن نجاح الإجراءات المالية الجديدة في إنقاذ الريال اليمني يتطلب تطبيقاً موحداً وصارماً لجميع القرارات النقدية عبر كافة المؤسسات الحكومية. كما يحتاج الأمر إلى استمرارية في تطبيق السياسات الرقابية ومحاربة المضاربات لضمان عدم انتكاس العملة المحلية مرة أخرى.
وتشير المؤشرات الأولية إلى أن الثلاثة أيام من التحسن قد تكون بداية لمرحلة جديدة من الاستقرار النقدي، شريطة المحافظة على الانضباط في تطبيق الإجراءات المالية الجديدة. هذا التحسن يمنح المواطنين بصيص أمل في تحسن الأوضاع الاقتصادية العامة وزيادة القدرة الشرائية للرواتب والدخول المحلية.
تبقى الأيام القادمة حاسمة في تحديد مدى قدرة الإجراءات المالية الجديدة على الصمود أمام الضغوط الاقتصادية المختلفة والمحافظة على الزخم الإيجابي الذي حققته العملة اليمنية خلال الأيام الثلاثة الماضية. فالاستقرار النقدي الحقيقي يتطلب وقتاً أطول وجهوداً متواصلة لضمان عدم العودة إلى دوامة التدهور التي عاشتها العملة المحلية في السنوات السابقة.